قوماً جبارين، وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها، يا موسى! اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، فغضب موسى، ودعا عليهم، فقال:{رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}[المائدة: ٢٥]، فقال الله تعالى:{فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ}[المائدة: ٢٦]، فبقُوا في التيه، وأنزل الله عليهم المَنَّ والسَّلْوى.
ثم أوحى الله إلى موسى أني متوفِّ هارون، فأتِ به إلى جبل كذا، فانطلقا نحوه، فإذا هما بسرير، فناما عليه، وأخذ هارونَ الموتُ، ورُفع إلى السماء، ورجع موسى إلى بني إسرائيل، فقالوا له: أنت قتلتَ هارون بحُبنا إياه، قال: ويحكم! أفتروني أقتل أخي؟ ! فلما أكثروا عليه، سأل الله تعالى، فأنزل السرير عليه هارونُ، فقال لهم: إني متُّ، ولم يقتلني موسى.
ثم توفي موسى، وكانت وفاته في التيه في سابع آذار لمضي ألف وست مئة وست وعشرين سنة من الطوفان، وكان موته بعد هارون أخيه بأحد عشر شهراً، وكان هارون أكبر من موسى بثلاث سنين، وولد موسى لمضي ألف وخمس مئة وست سنين من الطوفان، وكان عمره لما خرج ببني إسرائيل ثمانين سنة، وأقام في التيه أربعين سنة، فيكون عمر موسى مئة وعشرين سنة.
ونزل عليه جبريل - عليه السلام - أربع مئة مرة، وكان جملة مقام بني إسرائيل بمصر حتى أخرجهم موسى مئتين وخمس عشرة سنة.