للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد وفاة والده، واتفقت الأمراء على إحضار أحد من بني أيوب ليقوم بالملك، وعملوا مشورة بحضرة القاضي الفاضل، فأشار بالملك الأفضل، وهو حينئذ بصرخد، فأرسلوا إليه، فسار محِثًّا، ووصل إلى مصر على أنه أتابك الملك المنصور بن العزيز، وكان عمر المنصور حينئذ تسع سنين وشهوراً، فخرج المنصور للقائه، فترجَّل له عمُّه الأفضل، ودخل بين يديه إلى دار الوزارة، وكانت مقر السلطنة.

ثم برَز الأفضل من مصر، وسار إلى الشام ليأخذها، لاشتغال عمه الملك العادل بحصار ماردين، فبلغ العادل ذلك، فسار إلى دمشق، ودخلها قبل نزول الأفضل عليها بيومين، ثم حصل بينهما قتال، وكاد الأفضلُ يأخذ دمشق، لولا ما حصل بينه وبين أخيه الظاهر صاحبِ حلب من الخلف، ثم سار الأفضل إلى مصر، فخرج الملك العادل في أشره إلى مصر، فخرج إليه الأفضل، وضرب معه مصافاً، فانكسر الأفضل، وانهزم إلى القاهرة، ونازل العادل القاهرة ثمانية أيام، فأجاب الأفضل إلى تسليمها على أن يعوض عنها مَيَّافارقين، وحامي، وسميساط، فأجابه العادل إلى ذلك، ولم يف له به.

وكان دخول العادل إلى القاهرة في الحادي والعشرين من ربيع الآخر، سنة ست وتسعين وخمس مئة، ثم سافر الأفضل إلى صرخد، وأقام العادل بمصر على أنه أتابك الملك المنصور محمد بن العزيز عثمان مدة يسيرة، ثم أزال الملك المنصور محمد، واستقل هو في السلطنة على ما يأتي شرحه في ترجمته.