للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كبرت مريم، بنى لها زكريا غرفة في المسجد، وانقطعت فيها للعبادة، وكان لا يدخل عليها غيرُ زكريا فقط، وأرسل الله تعالى جبريل، فبشر زكريا بيحيى مصدقا بكلمة من الله تعالى - يعني: عيسى بن مريم -، ثم أرسل الله جبريل، ونفخ في جيب مريم، فحملت بعيسى، وكانت قد حملت خالتها إيشاع بيحيى، فولد يحيى قبل المسيح بستة أشهر، ثم ولدت مريم عيسى، فلما علمت اليهود أن مريم ولدت من غير بعل، اتهموا زكريا بها، وطلبوه، فهرب، واختفى في شجرة عظيمة، فقطعوا الشجرة، وقطعوا زكريا معها، وكان عمره حينئذ نحو مئة سنة.

وكان قتْلُه بعد ولادة المسيح، وكانت ولادة المسيح لمضي ثلاث مئة وثلاث سنين للإسكندر، فيكون مقتل زكريا بعد ذلك بقليل.

وأما يحيى ابنه، فإِنه نبئ وهو صغير، ودعا الناسَ إلى العبادة عبادةِ الله، ولَبِس يحيى الشعر، واجتهد في العبادة حتى نحل جسمُه، وكان عيسى بن مريم قد حرَّم نكاحَ بنتِ الأخ، وكان لهرودوس - وهو الحاكم على بني إسرائيل - بنتُ أخ، وأراد أن يتزوجها كما هو جائز في دين اليهود، فنهاه يحيى عن ذلك، فطلبت أم البنت من هرودوس أن يقتل يحيى، فلم يجبها إلى ذلك، فعاودته، وسألته البنت - أيضاً -، وألحَّتْ عليه، فأجابها إلى ذلك، وأمر بيحيى فذبح، وكان قتل يحيى قبل رفع المسيح بمدة يسيرة؛ لأن عيسى - عليه السلام - إنما ابتدأ بالدعوة لما صار له ثلاثون سنة.

ولما أمره الله أن يدعوَ الناس إلى دين النصارى، غمسه يحيى في