وهي عمارته الثالثة حتى سارت هيلانة أم قسطنطين إلى القدس في طلب خشبة المسيح التي زعم النصارى أن عيسى صلب عليها، ولما وصلت إلى القدس، بَنَتْ [كنيسة] قمامة على القبر الذي تزعُم النصارى أن عيسى دُفن به، وخربت هيكل بيت المقدس إلى الأرض، فأمرت أن يلقى في موضعه قمامات البلد وزيالاته، فصار موضع الصخرة مزبلة، وبقي الحال على ذلك حتى قدم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وفتح القدس في سنة خمس عشرة من الهجرة الشريفة، فدَلَّه بعضهم على موضع الهيكل، فنظفه عمر من الزبايل، وبنى به مسجداً، وبقي ذلك المسجد إلى أن تولى الوليد بن عبد الملك الأموي، فهدم ذلك المسجد، وبنى على الأساس القديم المسجدَ الأقصى، وقبةَ الصخرة وبنى هناك قبابا - أيضًا - يسمى بعضها: قبة الميزان، وبعضها: قبة المعراج، وبعضها: قبة السلسلة، والأمر على ذلك إلى يومنا هذا.
وخلاصة ما ذكر: أن هيكل بيت المقدس عمره سليمان بن داود، وبقي عامراً حتى خربه بختنصر، وهو التخريب الأول، ثم عمره كورش، وهي عمارته الثانية، وبقي حتى خربه طيطوس التخريب الثاني، ثم تراجع إلى العمارة قليلاً قليلاً حتى خربته هيلانة أم قسطنطين التخريب الثالث، ثم عمره عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وهي عمارته الرابعة، ثم خرب ذلك، وعمره الوليد بن عبد الملك، وهي عمارته الخامسة، وهو على ذلك إلى يومنا هذا.