وقيل لأبيه معاوية: كيف ابنُك لك؛ فقال: نِعْم الابنُ, كفاني أمر دنياي، ففرَّغني لآخرتي.
ويحكى من فطنته: أنه كان في موضع، فحدث فيه ما أوجب الخوف، وهناك ثلاث نسوة، لم يعرفهن، فقال: هذه ينبغي أن تكون حاملًا، وهذه مرضعاً، وهذه عذراء، فكُشف عن ذلك، فكان كما تفرّس، فقيل له: من أين لك ذلك؟ فقال: عند الخوف لا يضع الإنسان يده إلا على أعزِّ ما له، وما يخاف عليه، ورأيت الحاملَ قد وضعت يدَها على جوفها، فاستدللت بذلك على حملها، والمرضع وضعت يدها على ثديها، فعلمت أنها مرضع، والبكر وضعت يدها على فرجها، فعلمت أنها بكر.
وروي عنه: أنه قال: ما غلبني أحد قطُّ سوى رجل واحد، وذلك أني كنت في مجلس القضاء بالبصرة، فدخل عليَّ رجل، فشهد عندي أن البستان الفلاني - وذكر حدوده - هو ملك فلان، فقلت له: كم عدد شجره؛ فسكتَ، ثم قال: منذ كم سيدُنا القاضي في هذا المجلس؟ فقلت: منذ كذا، فقال: كم عددت خشب سقفه؟ فقلت: الحقُّ معك، وأجزتُ شهادته.
توفي سنة اثنتين وعشرين ومئة، وعمره ستٌّ وسبعون سنة، أدرك أَنسًا وغيرَه.