للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ففعلوا به ذلك.

فكان لا يصبر على سفك الدماء، وارتكاب أمور لا يقدم عليها غيرُه، وكان له في الفتك وسفك الدماء والعقوبات غرائبُ لم يُسمع مثلُها.

ولاه عبد الملك الحجاز ثلاث سنين، ثم ولاه العراق وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فوليها عشرين سنة، فذلل أهلَها.

وحكى أبو أحمد العسكري في كتاب "التصحيف": أن الناس غبروا يقرؤون في مصحف عثمان - رضي الله عنه - نيفًا وأربعين سنة إلى أيام عبد الملك، ثم كثر التصحيف، وانتشر في العراق، ففزع الحجاج بن يوسف إلى كتابه (١)، وسألهم أن يضعوا لهذه الحروف المشتبهة علامات، فيقال: إن نصر بن عاصم قام بذلك، فوضع النقط أفرادًا وأزواجًا، وخالف بين أماكنها، فصار الناس زمانا لا يكتبون إلا منقوطًا، وكان مع استعمال النقط يقع التصحيف، فأحدثوا الإعجام، فكانوا يُتبعون النقطَ الإعجامَ.

والحجاج هو الذي بنى مدينة واسط، وكان شروعه في بنائها سنة أربع وثمانين للهجرة، وفرغ منها سنة ست وثمانين، وسماها: واسط؛ لأنها بين الكوفة والبصرة.

ولما حضرته الوفاة، أحضر منجِّمًا، فقال له: هل ترى في علمك ملكًا يموت في هذه السنة؟ قال: نعم، ولستَ هو، فقال: كيف؟ قال


(١) في الأصل: "كتابته"، والتصويب من "وفيات الأعيان" (٢/ ٣٢).