للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اشترى له بدرهم لحمًا، وطبخه، وأطعمه له، وتفارقا. وتقلبت بالمهلبي الأحوال، وتولى الوزارة ببغداد لمعز الدولة، وضاقت الأحوال برفيقه الذي اشترى له اللحم، وبلغه وزارة المهلبي، فقصده، وكتب إليه:

أَلَا قُلْ لِلوَزِيرِ - فَدَتْهُ نَفْسِي - ... مَقَالَةَ مُذْكِرٍ مَا قَدْ نَسِيهِ

أتذْكُر إِذْ تَقُولُ لِضَنْكِ عَيْشٍ ... أَلَا مَوْتٌ يُبَاعُ فَأَشتَرِيهِ

فلما وقف عليها هزته أريحية الكرم، وأمر له بسبع مئة درهم، ووقَّع في رقعته: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ٢٦١]، ثم دعا به، وخلع عليه، وقلده عملًا يرتفق به.

ولما تولى المهلبي الوزارة بعد تلك الضائقة، أنشد:

رَقَّ الزَّمَانُ لِفَاقَتِي ... وَرَثَى لِطُولِ تَحَرُّقي

فَأَنَالَنِي مَا أَرْتَجِـ ... ـيه وَحَادَ عَمَّا أتَّقِي

فَلأَصْفَحَنْ عَمَّا جَنَا ... هُ مِنَ الذُّنُوبِ السُّبَّقِ