للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل جئت لأهدم الكعبة، فقال عبد المطلب: والله! ما نريد حربه، هذا بيت الله، فإن منع عنه، فهو بيته وحرمه، وإن خلى بينه وبينه، فوالله! ما عندنا مِنْ دفع.

ثم انطلق عبد المطلب مع رسول أبرهة إليه، فلما استؤذن لعبد المطلب (١)، قالوا لأبرهة: هذا من أكابر قريش، فأذن له أبرهة وأكرمه، ونزل عن سريره، وجلس معه، وسأله عن حاجته، فذكر عبد المطلب أباعره التي أُخِذت له، فقال له أبرهة: إني كنت أظن أنك تطلب مني أن لا أخرب الكعبة التي هي دينك، فقال عبد المطلب: أنا ربُّ الأباعر فأطلبها، وللبيت ربٌّ يمنعه، فأمر أبرهة بردِّ أباعره عليه، فأخذها عبد المطلب، وانصرف إلى قريش.

ولما قاربَ أبرهةُ مكةَ، وتهيأ لدخولها، بقي كلما قَبَّلَ فيلَه مكة - وكان اسم الفيل محموداً - ينام، ويرمي بنفسه إلى الأرض، ولم يسر، فإذا قَبَّلوه غيرَ مكة، قام يهرول.

وبينما هم كذلك إذ أرسل الله تعالى عليهم طيراً أبابيل أمثالَ الخطاطيف مع كل طائر ثلاثة أحجار في منقاره ورجليه، فقذفتهم بها، وهي مثل الحمص والعدس، فلم تصب منهم أحداً إلا هلك، وليس كلهم أصابت، ثم أرسل الله تعالى سيلاً، فألقاهم في البحر، والذي سلم منهم وَلَّى هارباً مع أبرهة إلى اليمن يبتدر الطريق، وصاروا يتساقطون بكل


(١) في الأصل: "فلما استأذن على عبد المطلب".