للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا مَرَّ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ جُمْلَةَ وَكَذَا الزَّوْجُ عَطْفٌ عَلَى أَصْلِ التَّرِكَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ رَدًّا لِمَا قِيلَ إنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الْكَفَنِ عَلَى الزَّوْجِ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ لِلزَّوْجَةِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ حِينَئِذٍ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

وَالثَّانِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ التَّمْكِينِ الْمُقَابِلِ لِلنَّفَقَةِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الزَّوْجُ الْمُوسِرُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ غَائِبًا فَجَهَّزَ الزَّوْجَةَ الْوَرَثَةُ مِنْ مَالِهَا أَوْ غَيْرِهِ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَ إنْ فَعَلُوهُ بِإِذْنِ حَاكِمٍ يَرَاهُ وَإِلَّا فَلَا، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ كَفَى الْمُجَهِّزَ الْإِشْهَادُ عَلَى أَنَّهُ جَهَّزَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ، وَلَوْ أَوْصَتْ أَنْ تُكَفَّنَ مِنْ مَالِهَا وَهُوَ مُوسِرٌ كَانَتْ وَصِيَّةَ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ الْوَاجِبَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ إيصَاؤُهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ الثُّلُثِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَثِّرْ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ بِخُصُوصِهِ شَيْئًا حَتَّى يَحْتَاجَ لِإِجَازَةِ الْبَاقِينَ، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَيْضًا تَجْهِيزُ خَادِمِ الزَّوْجَةِ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، هَذَا إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُكْتَرَاةً أَوْ أَمَتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا فَلَا يَكْفِي حُكْمُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّتِي أَخْدَمَهَا إيَّاهَا بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا كَأَمَتِهَا، وَلَوْ مَاتَتْ زَوْجَاتُهُ دُفْعَةً بِهَدْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا كَفَنًا وَاحِدًا فَالْقِيَاسُ الْإِقْرَاعُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَخْشَى فَسَادَهَا وَإِلَّا قُدِّمَتْ عَلَى غَيْرِهَا أَوْ مُرَتِّبًا فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الْأُولَى مَعَ أَمْنِ التَّغَيُّرِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ.

وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ دُفْعَةً بِهَدْمٍ أَوْ غَيْرِهِ قَدَّمَ فِي التَّكْفِينِ وَغَيْرِهِ مَنْ يُسْرِعُ فَسَادُهُ، فَإِنْ اسْتَوَوْا قَدَّمَ الْأَبَ ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ لَوْ أَيْسَرَ الزَّوْجُ بِبَعْضِ الثَّوْبِ فَقَطْ كَمَّلَ مِنْ تَرِكَتِهَا وَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ وُجُوبُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَاقَاهَا فِي الْجُمْلَةِ م ر.

وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ تَتْمِيمُ مَا يَسْتُرُ الْبَدَنَ بِخِلَافِهِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الزَّوْجَ لَمَّا أَيْسَرَ بِسَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ لَمْ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهَا فِي الِابْتِدَاءِ شَيْءٌ فَاقْتَصَرَ عَلَى مَا وَجَبَ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَوَجَبَ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا تَرِكَةَ لِلزَّوْجَةِ) مَشَى م ر عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي فِيمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا عِنْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ مَالٌ قَبْلَ تَكْفِينِهَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَكْفِينُهَا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ مَعَ الْقُدْرَةِ قَبْلَ سُقُوطِ الْوَاجِبِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَدَثَ لِلشَّخْصِ بَعْدَ غُرُوبِ شَوَّالٍ نَحْوُ وَلَدٍ لَمْ تَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ هُنَاكَ مُعَلَّقٌ بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ أَيْضًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: رَجَعُوا عَلَيْهِ) وَكَذَا لَوْ غَابَ الْقَرِيبُ الَّذِي تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمَيِّتِ فَكَفَّنَهُ شَخْصٌ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ) أَيْ يَتَيَسَّرُ اسْتِئْذَانُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَبِلَا تَأْخِيرٍ مَرَّةً يُعَدُّ التَّأْخِيرُ إلَيْهَا إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ عَادَةً، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى بَهْجَةٍ مَا نَصُّهُ: ثُمَّ مَا ضَابِطُ فَقْدِ الْحَاكِمِ، وَيَحْتَمِلُ ضَبْطُهُ بِأَنْ لَا يَتَيَسَّرَ رَفْعُ الْأَمْرِ إلَيْهِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ) وَكَعَدِمِ وُجُودِ الْحَاكِمِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ إلَّا بِدِرْهَمٍ وَإِنْ قُلْت وَيَكْفِيهِ فِي ذَلِكَ غَلَبَةُ ظَنِّهِ (قَوْلُهُ: لِيَرْجِعَ بِهِ) أَيْ فَلَوْ فَقَدَ الشُّهُودَ فَهَلْ يَرْجِعُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ فَقْدَ الشُّهُودِ نَادِرٌ كَمَا قَالُوهُ فِي هَرَبِ الْجَمَّالِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ هَذَا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ، أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَهُ ذَلِكَ فَيَأْخُذُهُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ كَانَتْ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ) أَيْ فَتَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الثُّلُثِ كَذَلِكَ) أَيْ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَحْتَاجَ لِإِجَازَةِ الْبَاقِينَ) قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ: أَقُولُ قَضِيَّةُ كَوْنِهَا وَصِيَّةً لِوَارِثٍ اعْتِبَارُ قَبُولِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ مُكْتَرَاةً) أَيْ فَلَا يَجِبُ فِيهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَمَتَهُ) أَيْ فَيَجِبُ تَكْفِينُهَا لِكَوْنِهَا مِلْكَهُ لَا لِكَوْنِهَا خَادِمَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُمَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُتَطَوِّعَةً بِالْخِدْمَةِ وَالْحُكْمُ فِيهَا عَدَمُ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: كَأَمَتِهَا) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَجْهِيزُهَا.

[فَرْعٌ] هَلْ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَكْفِينُ الزَّوْجَةِ فِي الْجَدِيدِ كَالْكِسْوَةِ؟ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِوُجُوبِ ذَلِكَ وَبَعْضُهُمْ بِجَوَازِ اللَّبِيسِ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ كَبْنٍ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ اللَّبِيسَ أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ فِي التَّكْفِينِ، وَهَذَا أَمْرٌ آخَرُ خَلْفَ الْقِيَاسِ عَلَى الْكِسْوَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ رُوعِيَتْ الْكِسْوَةُ وَجَبَ أَكْثَرُ مِنْ ثَوْبٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: لَوْ مَاتَ أَقَارِبُهُ دَفْعَةً) أَيْ الَّذِينَ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ وَهُمْ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ (قَوْلُهُ: قَدَّمَ الْأَبَ ثُمَّ الْأَقْرَبَ) .

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>