للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ فِي قَبْضِهِ، لَكِنَّهُ قَالَ: إنَّك لَمْ تَقْبِضْهُ عَنْهُ أَوْ رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَيْنًا بِيَدِهِ فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا مَرْهُونَةٌ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا إنْ شَهِدَتْ بِالْقَبْضِ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ يَدِهِ وَلِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ مُدَّعٍ لِفَسَادِهِ (وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَقْبَضْتُهُ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى) كَإِجَارَةٍ وَإِيدَاعٍ وَإِعَارَةٍ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ عَنْ الرَّهْنِ، وَيَكْفِي قَوْلُ الرَّاهِنِ لَمْ أَقْبِضْهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ عَلَى الْأَوْجُهِ وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى قَبْضٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَالرَّاهِنُ يُرِيدُ صَرْفَهُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لِتَقَدُّمِ الْعَقْدِ الْمُحْوِجِ إلَى الْقَبْضِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ وَتَنَازَعَا فِي قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ فَالْمُصَدَّقُ مِنْ الْمَرْهُونِ فِي يَدِهِ (وَلَوْ) (أَقَرَّ) الرَّاهِنُ (بِقَبْضِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ (ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ) (فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ قَبَضَ الْمَرْهُونَ (وَقِيلَ: لَا يُحْلِفُهُ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلَا كَقَوْلِهِ أَشْهَدْت عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ) قِيلَ: حَقِيقَةُ الْقَبْضِ وَالرَّسْمِ الْكِتَابَةُ وَالْقَبَالَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْوَرَقَةُ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا الْحَقُّ الْمُقَرُّ بِهِ: أَيْ أَشْهَدْتُ عَلَى الْكِتَابَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْوَثِيقَةِ لِكَيْ آخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ ظَنَنْت حُصُولَ الْقَبْضِ بِالْقَوْلِ، أَوْ أَلْقَى إلَى كِتَابٍ عَلَى لِسَانِ وَكِيلِي أَنَّهُ أُقْبِضَ ثُمَّ خَرَجَ مُزَوِّرًا، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا يَكُونُ مُنَاقِضًا لِقَوْلِهِ لِإِقْرَارِهِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّا نَعْلَمُ فِي الْغَالِبِ أَنَّ الْوَثَائِقَ يُشْهَدُ عَلَيْهَا غَالِبًا قَبْلَ تَحْقِيقِ مَا فِيهَا فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى تَلَفُّظِهِ بِذَلِكَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ الْإِقْرَارِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَعْدَ الدَّعْوَى أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَإِنْ قَالَ الْقَفَّالُ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، فَإِنْ قَالَ: مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ مِنْهُ لَمْ أُقِرَّ بِهِ أَوْ شَهِدُوا عَلَى أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ بِجِهَةِ الرَّهْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّحْلِيفُ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدْت عَازِمًا عَلَيْهِ إذْ لَا يُعْتَادُ ذَلِكَ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي قَوْلِهِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ الرَّاهِنَ (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: أَقَبَضْتُهُ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّنَازُعَ ثَمَّ فِي فِعْلِ الرَّاهِنِ وَمَا هُنَا فِي فِعْلِ الْمُرْتَهِنِ وَكُلٌّ أَدْرَى بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ ثَمَّ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِصِفَةِ إقْبَاضِهِ وَالْمُرْتَهِنُ هُنَا لِأَنَّهُ أَدْرَى بِصِفَةِ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: بِيَدِهِ) أَيْ فِي حَالِ التَّنَازُعِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِيَدِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ لَا، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ الْمَبِيعَةُ بِيَدِهِ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ إلَخْ خِلَافُهُ، وَسَيَأْتِي لَهُ مَا يُوَافِقُهُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَظْهَرُ تَصْدِيقُ إلَخْ، وَدَعْوَى الرَّاهِنِ زَوَالُ الْمِلْكِ كَدَعْوَاهُ الْجِنَايَةَ فَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ وَيَكُونُ الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي) أَيْ فَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ غَصَبْتُهُ أَوْ أَقْبَضْتُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِكَيْ آخُذَ) عِبَارَةُ حَجّ: لِكَيْ أُعْطِيَ وَهِيَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَقِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ) مُتَّصِلٌ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ مَا لَوْ قَالَ مَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّحْلِيفُ) أَيْ جَزْمًا بَلْ يَبْقَى الْمَرْهُونُ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ) أَيْ فَيَحْلِفُ الْمَالِكُ أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْإِتْلَافِ عَنْ حَقِيقَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُعْتَادُ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ، وَقَدْ يُفْهِمُ قَوْلُهُ: إذْ لَا يُعْتَادُ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ لِإِقْرَارِهِ سَبَبًا مُحْتَمَلًا عَادَةً كَأَنْ قَالَ: رَمَيْت إلَى صَيْدٍ فَأَصَبْتُهُ وَظَنَنْت أَنَّ تِلْكَ الْإِصَابَةَ حَصَلَ بِهَا إتْلَافُ الْمَالِ الَّذِي أَقْرَرْت بِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لِي خِلَافُهُ أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَ الْمُقِرِّ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ مَا يُذْكَرُ فِيهِ لِإِقْرَارِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي ذَلِكَ) أَيْ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا مَرْهُونَةٌ) أَيْ: مِنْهُ قَبْلَ الْبَيْعِ حَتَّى لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ. (قَوْلُهُ: لِكَيْ آخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي ذَلِكَ) يَعْنِي مَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>