للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا تُسَنُّ لَهُ الْمُبَالَغَةُ بَلْ تُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِخَوْفِ الْإِفْطَارِ إلَّا أَنْ يَغْسِلَ فَمَهُ مِنْ نَجَاسَةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ لِكَوْنِهِمَا مَطْلُوبَيْنِ فِي الْوُضُوءِ بِخِلَافِ قُبْلَةِ الصَّائِمِ الْمُحَرِّكَةِ لِشَهْوَتِهِ، لِأَنَّهُ هُنَا يُمْكِنُهُ إطْبَاقُ حَلْقِهِ وَمَجُّ الْمَاءِ وَهُنَاكَ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّ الْمَنِيِّ إذَا خَرَجَ، وَلِأَنَّ الْقُبْلَةَ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ بَلْ دَاعِيَةٌ لِمَا يُضَادُّ الصَّوْمَ مِنْ الْإِنْزَالِ بِخِلَافِ الْمُبَالَغَةِ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى صَائِمِ فَرْضٍ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ سَبْقُ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ إنْ فَعَلَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قُلْت: الْأَظْهَرُ تَفْضِيلُ الْجَمْعِ) بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَيَكُونُ (بِثَلَاثِ غُرَفٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلٍّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِوُرُودِ التَّصْرِيحِ بِهِ، وَقِيلَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا وَلَاءً ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا.

وَالثَّانِي يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثُمَّ يَفْعَلُ مِنْهَا كَذَلِكَ ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ

(وَ) مِنْ سُنَنِهِ (تَثْلِيثُ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِكُلِّ مُتَوَالِيَةٍ أَوْ مُتَفَرِّقَةٍ اهـ.

وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ فِي تَوْجِيهِ أَفْضَلِيَّةِ الْفَصْلِ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى لَا يَنْتَقِلَ عَنْ عُضْوٍ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ طُهْرِهِ.

إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْمُتَفَرِّقَةِ كَوْنَهَا فِي أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ لِلثَّانِي إلَّا بَعْدَ كَمَالِ الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ) أَيْ لِلَّقِيطِ بْنِ صُبْرَةَ (قَوْلُهُ: بَلْ تُكْرَهُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ الْمُمْسِكُ فَتُكْرَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَغْسِلَ فَمَه إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةُ حِينَئِذٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَبَقَهُ الْمَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَى جَوْفِهِ لَمْ يُفْطِرْ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ إلَخْ) أَيْ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ إلَخْ، فَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ إذَا قِيلَ بِتَفْضِيلِ الْجَمْعِ اُخْتُلِفَ فِي الْأَوْلَى وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ ذِكْرُهُ كَأَنْ يَقُولَ: ثُمَّ الْأَصَحُّ بِثَلَاثِ غُرَفٍ إلَخْ فَعَلَ فِي تَفْضِيلِ الْفَصْلِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِثَلَاثِ غُرَفٍ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ الْغُرْفَةُ بِالضَّمِّ الْمَاءُ الْمَغْرُوفُ بِالْيَدِ، وَالْجَمْعُ غِرَافٌ مِثْلُ بُرْمَةٍ وَبِرَامٍ، وَالْغَرْفَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ، وَغَرَفْت الْمَاءَ غَرْفًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَاغْتَرَفْته اهـ.

وَفِي الْقَامُوسِ مَا يُوَافِقُهُ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ غِرَافٌ (قَوْلُهُ وَفِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ) أَيْ الْجَمْعِ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا وَلَاءً ثَلَاثًا إلَخْ) أَيْ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ كَذَلِكَ وَهَذِهِ فِي الْحَقِيقَةِ فَصْلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ لِتَطْهِيرِ الثَّانِي إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَوَّلِ وَتَسْمِيَتُهَا وَصْلًا بِاعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْغُرْفَةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَحْسَنَهُ) أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْكَيْفِيَّةَ الْأَوْلَى فِي الْحَقِيقَةِ فَصْلٌ

(قَوْلُهُ: تَثْلِيثُ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَشَرْطُ حُصُولِ التَّثْلِيثِ حُصُولُ الْوَاجِبِ أَوَّلًا، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ رَأْسِهِ وَثَلَّثَهُ حَصَلَتْ لَهُ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ كَمَا شَمِلَهُ الْمَتْنُ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُهُمْ لَا يُحْسَبُ تَعَدُّدٌ قَبْلَ تَمَامِ الْعُضْوِ مَفْرُوضٌ فِي عُضْوٍ يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ بِالتَّطْهِيرِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُسْبَانِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ قَبْلَ الْفَرْضِ بِأَنَّ هَذَا غَسْلُ مَحَلٍّ آخَرَ قُصِدَ تَطْهِيرُهُ لِذَاتِهِ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى سَبْقِ غَيْرِهِ لَهُ وَذَاكَ تَكْرِيرُ غَسْلِ الْأَوَّلِ فَتَوَقَّفَ عَلَى وُجُودِ الْأَوْلَى، إذْ لَا يَحْصُلُ التَّكْرَارُ إلَّا حِينَئِذٍ اهـ.

وَقَوْلُهُ حُصُولُ الْوَاجِبِ أَوَّلًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ غَسَلَ الْخَدَّ الْأَيْمَنَ ثَلَاثًا ثُمَّ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ التَّثْلِيثُ، وَكَذَا لَوْ غَسَلَ الْكَفَّ ثَلَاثًا ثُمَّ السَّاعِدَ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُمْ مَفْرُوضٌ فِي عُضْوٍ يَجِبُ إلَخْ. [فَرْعٌ] لَوْ كَانَ إذَا ثَلَّثَ لَمْ يَكْفِ الْمَاءُ وَجَبَ تَرْكُهُ، فَلَوْ ثَلَّثَ تَيَمَّمَ وَلَا يُعِيدُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ فِي غَرَضِ التَّثْلِيثِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ.

قُلْت: وَكَذَا لَا يُعِيدُ لَوْ أَتْلَفَهُ بِلَا غَرَضٍ وَإِنْ أَثِمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَمَّمْ بِحَضْرَةِ مَاءٍ مُطْلَقٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي فِي التَّيَمُّمِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَاءٌ إلَخْ، فَإِنْ أَتْلَفَهُ بَعْدَهُ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ وَتَنْظِيفِ ثَوْبٍ فَلَا قَضَاءَ أَيْضًا، وَكَذَا لِغَيْرِ غَرَضٍ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّهُ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ حَالَ التَّيَمُّمِ لَكِنَّهُ أَثِمَ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ. [فَرْعٌ] هَلْ يُسَنُّ تَثْلِيثُ النِّيَّةِ أَيْضًا أَوْ لَا، لِأَنَّ النِّيَّةَ ثَانِيًا تَقْطَعُ الْأُولَى فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّثْلِيثِ، يُحَرَّرُ سم عَلَى مَنْهَجٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّ الْمَنِيِّ) الَّذِي يَأْتِي فِي الصَّوْمِ أَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إذَا خَشِيَ مِنْ نَفْسِهِ الْوِقَاعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>