للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَفْرُوضِ وَالْمَنْدُوبِ وَبَاقِي سُنَنِهِ مِنْ تَخْلِيلٍ وَدَلْكٍ وَمُؤْقِ عَيْنٍ وَلِحَاظٍ لَا مَانِعَ فِيهِمَا مِنْ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى مَحَلِّهِ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُمَا، وَسِوَاكٍ وَذِكْرٍ وَدُعَاءٍ لِلِاتِّبَاعِ فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ وَقِيَاسًا فِي غَيْرِهِ لَا الْخُفِّ كَمَا سَيَأْتِي، وَهَلْ يُثَلِّثُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَالْعِمَامَةِ أَوْ لَا كَالْخُفِّ؟ الْأَشْبَهُ نَعَمْ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا كُرِهَ فِيهِ مَخَافَةَ تَعْيِيبِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُمَا.

وَقَدْ يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْفَرْضِ بِحَيْثُ لَوْ ثَلَّثَ خَرَجَ وَقْتُهُ أَوْ خَوْفَ عَطَشٍ بِحَيْثُ لَوْ أَكْمَلَهُ لَاسْتَوْعَبَ الْمَاءَ وَأَدْرَكَهُ الْعَطَشُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ كُلٌّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ وَالنَّقْصُ عَنْهَا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ وَالْإِسْرَافُ فِي الْمَاءِ وَلَوْ عَلَى الشَّطِّ إلَّا فِي مَاءٍ مَوْقُوفٍ فَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهَا، وَلَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً تَمَّ كَذَلِكَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قُلْت: وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْبَهْجَةِ: وَثُلُثُ الْكُلِّ يَقِينًا مَا خَلَا مَسْحًا لِخُفَّيْنِ يَقْتَضِي طَلَبَهُ، فَيَكُونُ مَا بَعْدَ الْأُولَى مُؤَكِّدًا لَهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَكْرِيرِ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ حَيْثُ قَالُوا يَخْرُجُ بِالْأَشْفَاعِ وَيَدْخُلُ بِالْأَوْتَارِ بِأَنَّهُ عَهْدُ فِعْلِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ أَوَّلِهِ فِيمَا لَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ أَوْ عَرَضَ مَا يُبْطِلُهَا كَالرِّدَّةِ وَلَمْ يَعْهَدْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ، وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى م ر مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: الْمَفْرُوضِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَمُؤْقُ) بِالْهَمْزِ مِنْ مَأَقَ مُقَدَّمُ الْعَيْنِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَلَحَاظٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ مُؤَخَّرُ الْعَيْنِ وَبِالْكَسْرِ مَصْدَرُ لَاحَظَهُ: أَيْ رَاعَاهُ مُخْتَارٌ: أَيْ وَغَسْلِ مُؤْقٍ وَلَحَاظٍ، وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ بِتَثْلِيثِ الْغَسْلِ إلَخْ، وَلَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ وَبَاقِي سُنَنِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَمُؤْقِ عَيْنٍ وَلَحَاظٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُمَا) أَيْ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا بِإِزَالَةِ مَا فِيهِمَا مِنْ الرَّمَصِ وَنَحْوَهُ فَتَجِبُ إزَالَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَتَأَتَّ إزَالَةُ مَا فِيهِمَا كَالْكُحْلِ وَنَحْوِهِ إلَّا بِضَرَرٍ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ حَيْثُ اسْتَعْمَلَ الْكُحْلَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ لِلتَّزَيُّنِ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ إضْرَارُ إزَالَتِهِ (قَوْلُهُ: الْأَشْبَهُ نَعَمْ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ مَخَافَةَ تَعْيِيبِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخُفُّ مِنْ نَحْوِ زُجَاجٍ يُسَنُّ التَّثْلِيثُ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ تَعْيِيبُهُ (قَوْلُهُ: خَرَجَ وَقْتُهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْ الصَّلَاةَ كَامِلَةً فِيهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ كُلٌّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمُسَبَّلِ (قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا) أَيْ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهَا) يُؤْخَذُ مِنْ تَحْرِيمِ مَا ذُكِرَ حُرْمَةُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَدْخُلُونَ إلَى مَحَلِّ الطَّهَارَةِ لِتَفْرِيغِ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ يَغْسِلُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ مِنْ مَاءِ الْفَسَاقِي الْمُعَدَّةِ لِلْوُضُوءِ لِإِزَالَةِ الْغُبَارِ وَنَحْوِهِ بِلَا وُضُوءٍ وَلَا إرَادَةِ صَلَاةٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ ذَلِكَ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِ مِثْلِهِ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ وَيُعْلَمُ بِهِ، قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي مَاءِ الصَّهَارِيجِ الْمُعَدَّةِ لِلشُّرْبِ مِنْ أَنَّهُ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ بِاسْتِعْمَالِ مَائِهَا لِغَيْرِ الشُّرْبِ وَعُلِمَ بِهِ لَمْ يَحْرُمْ اسْتِعْمَالُهَا فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهَا) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُرْمَةُ الْوُضُوءِ مِنْ مَغَاطِسِ الْمَسَاجِدِ وَالِاسْتِنْجَاءِ مِنْهَا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا وَقَفَهُ لِلِاغْتِسَالِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ.

نَعَمْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَالِاسْتِنْجَاءُ مِنْهَا لِمَنْ يُرِيدُ الْغُسْلَ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يُغْفَلُ عَنْهُ.

نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ لِحُصُولِ التَّيْسِيرِ بِهِ عَلَى النَّاسِ جَازَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ وَمُؤْقِ عَيْنٍ وَلِحَاظٍ) لِيَنْظُرَ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَاذَا مَعَ دُخُولِهِ فِي الْغُسْلِ، وَقَوْلُهُ لَا مَانِعَ فِيهِمَا إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا إلَّا إذَا كَانَ بِهِمَا مَانِعٌ، وَهُوَ خِلَافُ صَرِيحِ مَا مَرَّ مِنْ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ كَوْنُهُمَا مَعْطُوفَيْنِ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَالدَّلْكُ لِغَيْرِ مُؤْقِ عَيْنٍ وَلِحَاظٍ وَلِمُؤْقٍ وَلِحَاظٍ، فَهُوَ مِنْ مَدْخُولِ الدَّلْكِ لَكِنْ قَدْ يُنَافِيهِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُمَا (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ) يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى مَسْأَلَةِ النَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ قَيْدٌ فِي الزِّيَادَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَاءٍ مَوْقُوفٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الزِّيَادَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّفْرِيعُ لَا مِنْ الْإِسْرَافِ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>