للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُوزُ الْإِشْرَاعُ فِيهِ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهَا مُسْبَلَةً أَوْ فِي مَوَاتٍ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ مَا حَرُمَ الْبِنَاءُ فِيهَا بِأَنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً أَوْ اعْتَادَ أَهْلُ الْبَلَدِ الدَّفْنَ فِيهَا يَحْرُمُ الْإِشْرَاعُ فِي هَوَائِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَلَوْ أَحْوَجَ الْإِشْرَاعُ إلَى وَضْعِ رُمْحِ الرَّاكِبِ عَلَى كَتِفِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى نَصْبُهُ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ وَضْعَهُ عَلَى كَتِفِهِ لَيْسَ بِعَسِيرٍ، وَلَوْ أَشْرَعَ إلَى مِلْكِهِ ثُمَّ سَبَّلَ مَا تَحْتَ جَنَاحِهِ شَارِعًا وَهُوَ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ أُمِرَ بِرَفْعِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَا يَضُرُّ أَيْضًا ضَرَرٌ يُحْتَمَلُ عَادَةً كَعَجْنِ طِينٍ إذَا بَقِيَ مِقْدَارُ الْمُرُورِ لِلنَّاسِ، وَإِلْقَاءُ الْحِجَارَةِ فِيهِ لِلْعِمَارَةِ إذَا تُرِكَتْ بِقَدْرِ مُدَّةِ نَقْلِهَا، وَرَبْطُ الدَّوَابِّ فِيهِ بِقَدْرِ حَاجَةِ النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَنْعُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَلَّافِينَ مِنْ رَبْطِ الدَّوَابِّ فِي الشَّوَارِعِ لِلْكِرَاءِ فَلَا يَجُوزُ، وَعَلَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِيمَا ذَكَرَ كُلُّ مَوْقُوفٍ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَرِبَاطٍ وَبِئْرٍ، أَمَّا مَا وُقِفَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لَكِنْ يَتَجَدَّدُ الْمَنْعُ لِمَنْ اسْتَحَقَّ بَعْدَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ لِمَنْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الرُّجُوعَ مِنْ غَيْرِ أَرْشِ نَقْصٍ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ أَذِنُوا ثُمَّ رَجَعُوا وَطَلَبُوا الْهَدْمَ حَيْثُ غَرِمُوا أَرْشَ النَّقْصِ أَنَّهُمْ بِالْإِذْنِ وَرَّطُوهُ، فَإِذَا رَجَعُوا ضَمِنُوا مَا فَوَّتُوهُ عَلَيْهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَطْنُ الثَّانِي فَإِنَّهُمْ لَمْ يَأْذَنُوا وَإِذْنُ مَنْ قَبْلَهُمْ لَمْ يَسْرِ عَلَيْهِمْ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَلْعُهُ مَجَّانًا إنْ كَانَ الِانْتِفَاعُ بِرُءُوسِ الْجُدْرَانِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يَكُونُ الِانْتِفَاعُ فِيهِ بِمَحْضِ هَوَاءِ الشَّارِعِ لِكَوْنِهِ وُضِعَ بِحَقٍّ فَيَتَعَيَّنُ تَبْقِيَتُهُ بِالْأُجْرَةِ، وَلَا يَجُوزُ قَلْعُهُ وَغَرَامَةُ الْأَرْشِ إنْ كَانَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ

(قَوْلُهُ: فِي هَوَائِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ: لَيْسَ بِعَسِيرٍ) بَقِيَ مَا لَوْ أَشْرَعَ إلَى مِلْكِ جَارِهِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ وَقَفَ الْجَارُ دَارِهِ أَوْ أَشْرَعَهُ إلَى مِلْكِهِ ثُمَّ وَقَفَهُ مَسْجِدًا هَلْ يَبْقَى أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ بِوَقْفِهِ مَسْجِدًا صَارَ لَهُ حُرْمَةٌ وَشَرَفٌ فَكَيْفَ رَفْعُهُ عَنْ هَوَاءِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ كَمَا يَمْتَنِعُ إشْرَاعُهُ إلَيْهِ ابْتِدَاءً، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ دَارًا، ثُمَّ قَالَ: وَقَفْت الْأَرْضَ دُونَ الْبِنَاءِ مَسْجِدًا، فَيُكَلَّفُ إزَالَةَ الْبِنَاءِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ فَتَقْيِيدُهُ بِالضَّرَرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّارِعِ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ وَقَفَ الْأَعْلَى دُونَ الْأَسْفَلِ فَهَلْ يَحْرُمُ الْإِشْرَاعُ إلَى الْأَعْلَى دُونَ الْأَسْفَلِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ

(قَوْلُهُ: مَا تَحْتَ جَنَاحِهِ) أَيْ فَلَوْ وَقَفَ الْجَنَاحَ أَيْضًا عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ تَعَلَّقَ النَّظَرُ فِيهِ بِالْإِمَامِ فَيَفْعَلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ

(قَوْلُهُ: أَمَرَ بِرَفْعِهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ الْجَنَاحَ إلَى شَارِعٍ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ الْأَرْضُ تَحْتَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَفْعُهُ حَيْثُ صَارَ مُضِرًّا بِهِمْ أَوْ حَفَرَ الْأَرْضَ بِحَيْثُ يَنْتَفِي الضَّرَرُ الْحَاصِلُ بِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ جِدَارُهُ مُسْتَقِيمًا ثُمَّ مَالَ فَإِنَّهُ يُطَالِبُ بِهَدْمِهِ أَوْ إصْلَاحِهِ مَعَ أَنَّهُ وَضَعَهُ فِي الْأَصْلِ بِحَقٍّ، وَلَا تُشْكِلُ مُطَالَبَتُهُ بِهَدْمِهِ بِأَنَّهُ لَوْ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا لَا يَضْمَنُهُ مُعَلِّلِينَ لَهُ بِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ.

؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ عَدَمُ الْمُطَالَبَةِ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْمُتَوَقَّعِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَمَرَّ الْفُرْسَانِ وَالْقَوَافِلِ ثُمَّ صَارَ كَذَلِكَ كُلِّفَ رَفْعَهُ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ

(قَوْلُهُ: وَإِلْقَاءُ الْحِجَارَةِ) أَيْ حَيْثُ أَبْقَى لِلْمَارَّةِ قَدْرَ الْمُرُورِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: وَالرُّكُوبُ) أَيْ وَمَعَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: إذَا تُرِكَتْ بِقَدْرِ مُدَّةِ نَقْلِهَا) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ نَقْلُهَا بِالتَّدْرِيجِ لِلْعِمَارَةِ، أَوْ نَقْلُهَا لِمَحَلٍّ آخَرَ، ثُمَّ ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ لَهُ وَضْعَ الْحِجَارَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْمُرُورِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ مُدَّتَهُ لَا تَطُولُ، وَيُمْكِنُ الْمَشْيُ مِنْ فَوْقِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ عِبَارَةَ الْعُبَابِ وَنَصَّهَا: وَلَا أَثَرَ لِضَرَرٍ مُعْتَادٍ كَعَجْنِ طِينٍ وَإِلْقَاءِ حِجَارَةٍ فِي الشَّارِعِ لِلْعِمَارَةِ إنْ لَمْ يُعَطِّلْ الْمُرُورَ انْتَهَتْ. قَالَ فِي تَصْحِيحِهِ: قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُعَطِّلْ الْمُرُورَ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَضُرَّ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً اهـ. أَيْ بِأَنْ يَبْقَى فِي مَسْأَلَةِ الطِّينِ طَرِيقًا لَا يَضُرُّ الْمُرُورُ فِيهَا ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ، وَبِأَنْ لَا تَكْثُرَ الْحِجَارَةُ بِحَيْثُ يَشُقُّ الْمُرُورُ مِنْ فَوْقِهَا مَثَلًا فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ حَاجَةِ النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ) قَدْ يَخْرُجُ رَبْطُ الدَّوَابِّ لِيَقْضِيَ نَحْوَ حَاجَةٍ وَيَعُودَ وَرَبْطِ حِمَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>