للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِصِدْقِ حَدِّهَا عَلَيْهِ، وَيَسْتَفِيدُ بِهَا الْمُسْتَعِيرُ الْوَضْعَ مَرَّةً وَاحِدَةً حَتَّى لَوْ رَفَعَ جُذُوعَهُ أَوْ سَقَطَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ سَقَطَ الْجِدَارُ فَبَنَاهُ صَاحِبُهُ بِتِلْكَ الْآلَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْوَضْعُ ثَانِيًا فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا تَنَاوَلَ مَرَّةً وَلَوْ وَضَعَ أَحَدُ مَالِكَيْ الْجِدَارِ جُذُوعَهُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ انْهَدَمَ ذَلِكَ الْبِنَاءُ، فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ تَجُوزُ لَهُ إعَادَةُ الْجُذُوعِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجِدَارِ الْمُخْتَصِّ وَالْمُشْتَرَكِ فِي أَنَّهُ لَا تَجُوزُ لَهُ إعَادَةُ الْجُذُوعِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَجْهًا ثَالِثًا، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا وُضِعَتْ أَوَّلًا بِإِذْنٍ، فَلَوْ مَلَكَا دَارَيْنِ وَرَأَيَا خَشَبًا عَلَى الْجِدَارِ وَلَا يُعْلَمُ كَيْفَ وُضِعَتْ فَإِذَا سَقَطَ الْحَائِطُ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ إعَادَةِ الْجُذُوعِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ وَشَكَكْنَا فِي الْمُجَوَّزِ لِلرُّجُوعِ، وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْحَائِطِ نَقْضَهُ فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْدَمًا جَازَ، وَحُكْمُ إعَادَةِ الْجُذُوعِ مَا سَبَقَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا ذَكَرَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ. (وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ) قَطْعًا (وَكَذَا بَعْدَهُ فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْعَوَارِيّ.

وَالثَّانِي لَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْعَارِيَّةِ إنَّمَا يُرَادُ بِهَا التَّأْبِيدُ، فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَعَارَ لِلدَّفْنِ وَمَا رَجَّحَهُ تَبَعًا لِلشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الشَّجَرِ خِلَافًا، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ هُنَاكَ لِمَنْعِ الرُّجُوعِ بَلْ قَالَ: وَقَدْ يَسْتَحِقُّ غَيْرُ الْمَالِكِ الْمَنْفَعَةَ لَا إلَى غَايَةٍ كَمَا إذَا أَعَارَهُ جِدَارَهُ لِيَضَعَ عَلَيْهِ الْجُذُوعَ،

فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ (وَفَائِدَةُ الرُّجُوعِ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ) أَيْ الْمَوْضُوعَ (بِأُجْرَةٍ أَوْ يَقْلَعَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الَّتِي يَسْكُنُ فِيهَا الْبَانِي لَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُسْتَعِيرًا، أَوْ مُسْتَأْجِرًا فَلَا يُجْبَرُ جَارُهُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ الْبِنَاءِ

(قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) أَيْ الرَّاجِحِ، وَعَبَّرَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى حَجّ بِقَوْلِهِ: خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَيْسَ خِلَافًا بَيْنَ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَضَعَ) ذَكَرَهُ هُنَا لِمُنَاسَبَةِ مَا قَبْلَهُ، وَإِلَّا فَمَحَلُّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَأَمَّا الْجِدَارُ الْمُشْتَرَكُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُخْتَصًّا بِغَيْرِ وَاضِعِ الْجُذُوعِ لَمْ تَجُزْ إعَادَتُهَا إلَّا بِإِذْنٍ فَيَكُونُ مُفَصَّلًا بَيْنَ الْمُشْتَرَكِ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ ثَالِثٌ يُقَابِلُ كُلًّا مِنْ الْقَائِلِينَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا أَوْ الْجَوَازِ مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: عَلَى الْجِدَارِ) أَيْ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِمَالِكِ إحْدَى الدَّارَيْنِ

(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ) أَيْ صَاحِبِ الْجِدَارِ

(قَوْلُهُ: مَنْعُهُ) أَيْ الْآخَرِ

(قَوْلُهُ: وَشَكَكْنَا إلَخْ) أَيْ وَلِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ لَمْ نَحْمِلْهُ عَلَى أَنَّهُ وُضِعَ بِالْإِعَارَةِ، وَإِلَّا لَامْتَنَعَتْ الْإِعَادَةُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الْوَضْعِ بِلَا عِوَضٍ ثُمَّ انْهَدَمَ الْجِدَارُ وَأُعِيدَ لَيْسَ لَهُ وَضْعُ الْخَشَبِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا قَلْعَ وَلَا أُجْرَةَ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ صَاحِبُ الْحَائِطِ) أَيْ فِيمَا لَوْ مَلَكَا دَارَيْنِ وَرَأَيَا إلَخْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ وَهُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِمَا ذَكَرَ

(قَوْلُهُ: وَحُكْمُ إعَادَةِ الْجُذُوعِ) أَيْ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ كَوْنِهَا وُضِعَتْ بِعِوَضٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَعَارَ لِلدَّفْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا بَعْدَ الِانْدِرَاسِ لِلْمَيِّتِ

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) الْفَاءُ تَعْلِيلِيَّةٌ

(قَوْلُهُ: الْمَوْضُوعُ بِأُجْرَةٍ) أَيْ فَلَوْ اخْتَارَ الْإِبْقَاءَ بِالْأُجْرَةِ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَطَلَبُ الْقَلْعِ وَغَرَامَةُ الْأَرْشِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مُوَافَقَتَهُ عَلَى الْأُجْرَةِ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ بِشَيْءٍ ابْتِدَاءً لَيْسَ لَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا وُضِعَتْ أَوَّلًا بِإِذْنٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ فِيهِ وَضْعٌ أَوَّلُ فَحَقُّ الْعِبَارَةِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْوَضْعِ ابْتِدَاءً، أَمَّا إذَا وُضِعَتْ أَوَّلًا بِإِذْنٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْحَائِطِ نَقْضَهُ) أَيْ: الْجِدَارِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ أَصْلَ وَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَيْهِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْجِدَارِ أَوْ الْمَوْضُوعِ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ حَجّ، وَلَا يَضُرُّ عَلَى الْأَوَّلِ كَوْنُ الْكَلَامِ فِي الْجُذُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>