للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) خَمْسَةٌ لِلتَّالِفِ وَثَلَاثَةٌ لِأَرْشِ مَا حَصَلَ مِنْ التَّفْرِيقِ عِنْدَهُ فَالثَّمَانِيَةُ قِيمَةُ مَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ وَأَرْشُ التَّفْرِيقِ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ قِيمَةُ مَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي يَدِ مَالِكِهِ عَمَّا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى دِرْهَمَيْنِ وَهُمَا قِيمَتُهُ وَحْدَهُ، وَنَبَّهَ بِالْخُفَّيْنِ عَلَى إجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي كُلِّ فَرْدَيْنِ لَا يَصْلُحُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ كَزَوْجَيْ النَّعْلِ وَمِصْرَاعَيْ الْبَابِ، وَأَجْرَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي زَوْجَيْ الطَّائِرِ إذَا كَانَ يُسَاوِي مَعَ زَوْجِهِ أَكْثَرَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ أَحَدِهِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ أَحَدُهُمَا نِصَابًا وَإِنْ ضَمَّنَّاهُ إيَّاهُ لِأَنَّهُ كَانَ نِصَابًا فِي الْحِرْزِ حَالَ الِاتِّصَالِ وَنَقَصَ بِالتَّفْرِيقِ حَالَ الْإِخْرَاجِ فَضَمَّنَّاهُ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ الْأَقْصَى مَعَ وَضْعِ الْيَدِ وَلَمْ نَقْطَعْهُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْإِخْرَاجِ.

(وَلَوْ) (حَدَثَ) فِي الْمَغْصُوبِ (نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ) (بِأَنْ) بِمَعْنَى كَأَنْ (جَعَلَ) الْغَاصِبُ (الْحِنْطَةَ هَرِيسَةً) أَوْ الدَّقِيقَ عَصِيدَةً أَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي الزَّيْتِ وَتَعَذَّرَ تَخْلِيصُهُ أَوْ وَضَعَ الْحِنْطَةَ فِي مَكَان نَدِيٍّ فَتَعَفَّنَتْ عَفَنًا غَيْرَ مُتَنَاهٍ (فَكَالتَّالِفِ) إذْ لَوْ تَرَكَهُ بِحَالِهِ فَسَدَ فَكَأَنَّهُ هَلَكَ فَيَغْرَمُ بَدَلَ جَمِيعِ الْمَغْصُوبِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ (وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ) قِيَاسًا عَلَى التَّعْيِيبِ الَّذِي لَا يَسْرِي، وَقِيلَ يُتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَمْلِكُ الْغَاصِبُ ذَلِكَ إتْمَامًا لِلتَّشْبِيهِ بِالتَّالِفِ لِأَنَّهُ غَرِمَ لِلْمَالِكِ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْحِنْطَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِهِ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَقِيلَ يَبْقَى لِلْمَالِكِ لِئَلَّا يَقْطَعَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِنَاءُ أَتْلَفَ لِلْفَاعِلِ وَنَصْبُ غَصْبًا عَلَى الْحَالِ مِنْهُ: أَيْ غَاصِبًا أَوْ ذَا غَصْبٍ أَوْ عَلَى الْحَالِ مِنْ الْمَفْعُولِ: أَيْ أَحَدَهُمَا أَيْ مَغْصُوبًا أَوْ ذَا غَصْبٍ، وَهَذَا أَوْفَقُ بِجَعْلِ " أَوْ " فِي يَدِ مَالِكِهِ عَطْفًا عَلَى الْحَالِ: أَيْ أَوْ حَالَ كَوْنِهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي يَدِ مَالِكِهِ، وَقَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى غَصَبَ: أَيْ لَا عَلَى تَلِفَ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا غَصَبَهُمَا، وَقَوْلُهُ غَصْبًا بِأَنْ غُصِبَ أَحَدُهُمَا فَأُتْلِفَ أَوْ تَلِفَ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى قِرَاءَتِهِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِمَا لَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ لَهُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ غَيْرَهُ مَعَ أَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ دِرْهَمَانِ لَا ثَمَانِيَةٌ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ مَا لَوْ مَشَى شَخْصٌ عَلَى فَرْدَةِ نَعْلٍ غَيْرِهِ فَجَذَبَهَا صَاحِبُ النَّعْلِ فَانْقَطَعَتْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ: تُقَوَّمُ النَّعْلُ سَلِيمَةً هِيَ وَرَفِيقَتُهَا ثُمَّ يُقَوَّمَانِ مَعَ الْعَيْبِ وَمَا نَقَصَ يُقْسَمُ عَلَى الْمَاشِي وَصَاحِبِ النَّعْلِ، فَمَا يَخُصُّ صَاحِبَ النَّعْلِ يَسْقُطُ لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ هَدَرٌ، وَمَا يَخُصُّ الْآخَرَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَمَّا لَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الشَّخْصُ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ: أَيْ الْمُتْلِفَ (قَوْلُهُ: سِوَى دِرْهَمَيْنِ) أَيْ وَالْبَاقِي عَلَى الْغَاصِبِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْغَاصِبِ غَصَبَ وَاحِدَةً فَقَطْ وَبَيْنَ كَوْنِ غَصْبِهِمَا مَعًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى لِأَنَّ التَّفْرِيقَ حَصَلَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهَا بِأَنَّ التَّفْرِيقَ وَالْإِتْلَافَ كِلَاهُمَا مِنْ فِعْلِ الْمُتْلِفِ (قَوْلُهُ: فِي زَوْجَيْ الطَّائِرِ) أَيْ فِي إتْلَافِ أَحَدِ زَوْجَيْ إلَخْ وَسُمِّيَ كُلٌّ زَوْجًا لِاقْتِرَانِهِ بِصَاحِبِهِ.

(قَوْلُهُ: يَسْرِي إلَى التَّلَفِ) هَذَا يُخَرَّجُ نَحْوَ جَعَلَ عَسَلَ الْقَصَبِ سُكَّرًا لِأَنَّهُ لَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ فَيَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ جَعَلَ اللَّحْمَ قَدِيدًا أَوْ ذَبَحَ الْحَيَوَانَ فَصَيَّرَهُ لَحْمًا (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَكَالتَّالِفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَبْقَى لِلْمَالِكِ) يُتَأَمَّلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَبْقِيَتِهِ لِلْمَالِكِ، إلَّا أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ بِحَالِهِ إذَا لَمْ يَنْقُصْ وَمَعَ الْأَرْشِ إنْ نَقَصَ، وَهَذَا عَيْنُ الْقَوْلِ الثَّانِي فِي كَلَامِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: مَا حَصَلَ مِنْ التَّفْرِيقِ عِنْدَهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ عِنْدَ التَّلَفِ

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَبْقَى لِلْمَالِكِ) أَيْ: مَعَ أَخْذِهِ لِلْبَدَلِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ، وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>