للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ فَيَبْطُلَ حَقُّهُ حِينَئِذٍ وَلَوْ مُقْطَعًا كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَإِنْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي رَدِّهِ لِانْتِفَاءِ تَعَيُّنِ غَرَضِ الْمَوْضِعِ مِنْ كَوْنِهِ يُعْرَفُ فَيُعَامَلَ وَخَرَجَ يَجْلِسُ لِمُعَامَلَةٍ مَا لَوْ جَلَسَ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَيَبْطُلَ حَقُّهُ بِمُفَارَقَتِهِ كَمَا مَرَّ.

وَكَذَا لَوْ كَانَ جَوَّالًا يَقْعُدُ كُلَّ يَوْمٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ السُّوقِ.

وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ فِي الشَّارِعِ لِحَدِيثٍ أَوْ نَحْوِهِ إنْ لَمْ يُعْطِهِ حَقَّهُ مِنْ غَضِّ بَصَرٍ وَكَفِّ أَذًى وَرَدِّ سَلَامٍ وَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ.

(وَمَنْ أَلِفَ مِنْ الْمَسْجِدِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَسَاجِدِ الْعِظَامِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَمِثْلُهُ الْمُدَرِّسَةُ (مَوْضِعًا يُفْتَى فِيهِ) النَّاسُ (أَوْ يَقْرَأُ) فِيهِ قُرْآنًا أَوْ عِلْمًا شَرْعِيًّا أَوْ آلَةً لَهُ، أَوْ لِتَعَلُّمِ مَا ذُكِرَ كَسَمَاعِ دَرْسٍ بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُفِيدَ أَوْ يَسْتَفِيدَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا (كَالْجَالِسِ فِي شَارِعٍ لِمُعَامَلَةٍ) فَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَارُّ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي مُلَازَمَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَأْلَفَهُ النَّاسُ، وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ وَطَنًا يَسْتَحِقُّ مَخْصُوصٌ بِمَا عَدَا ذَلِكَ،

وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ إذْنِ الْإِمَامِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ لِمَسْجِدٍ كَبِيرٍ أَوْ جَامِعٍ اُعْتِيدَ الْجُلُوسُ فِيهِ بِإِذْنِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: ١٨] وَلِغَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِي مَقْعَدِهِ، وَمَحِلُّ تَدْرِيسِهِ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ الَّتِي لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِهَا لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ مَنْفَعَةُ الْمَوْضِعِ فِي الْحَالِ، وَكَذَا حَالُ جُلُوسِهِ لِغَيْرِ الْإِقْرَاءِ أَوْ الْإِفْتَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّ الْجُلُوسَ فِيهِ لِذَلِكَ لَا مُطْلَقًا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَسْجِدِ هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَالْغَزَالِيِّ، وَقَالَ الشَّيْخَانِ: إنَّهُ أَشْبَهُ بِمَأْخَذِ الْبَابِ، وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ (وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُقْطَعَ الْأُلَّافُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعُوا مِنْ ابْتِدَاءِ الْغَيْبَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: هُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ قَدْ يَنْقَطِعُونَ عَنْهُ لِعَدَمِ حُضُورِهِ وَلَا يَأْلَفُونَ غَيْرَهُ بَلْ يَنْتَظِرُونَ عَوْدَهُ لِيَعُودُوا إلَى مُعَامَلَتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْغَالِبُ بَلْ قَدْ يُقَالُ مَا دَامُوا يَنْتَظِرُونَهُ لَا يُقَالُ انْقَطَعَ أُلَّافُهُ (قَوْلُهُ: يَقْعُدُ كُلَّ يَوْمٍ فِي مَوْضِعٍ) أَيْ فَيَبْطُلُ حَقُّهُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَضِّ بَصَرٍ إلَخْ) وَقَدْ نَظَمَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ آدَابَ الْجُلُوسِ عَلَى الطَّرِيقِ، فَقَالَ:

نَظَمْت آدَابَ مَنْ رَامَ الْجُلُوسَ عَلَى ... الطَّرِيقِ فِي قَوْلِ خَيْرِ الْخَلْقِ إنْسَانَا

أَفْشِ السَّلَامَ وَأَحْسِنْ فِي الْكَلَامِ لِعَا ... وَشَمِّتْ الْعَاطِسَ الْحَمَّادَ إيمَانَا

فِي الْحَمْلِ عَاوِنْ وَمَظْلُومًا أَعِنْ وَأَغِثْ ... لَهْفَانَ رَدَّ سَلَامًا وَاهْدِ حَيْرَانَا

بِالْعُرْفِ مُرْ وَانْهَ عَنْ نُكْرٍ وَكُفَّ أَذًى ... وَغُضَّ طَرْفًا وَأَكْثِرْ ذِكْرَ مَوْلَانَا

أَيْ فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ كَانَ جُلُوسُهُ مُبَاحًا حَيْثُ جَلَسَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ وَاتَّفَقَ فِيهِ اجْتِمَاعُ الشُّرُوطِ، فَإِنْ قَصَدَ بِجُلُوسِهِ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْقُرْبِ كَانَ مَنْدُوبًا.

وَقَوْلُهُ فِي النَّظْمِ لِعَا: أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لِلْعَاثِرِ لَعَا لَك عَالِيًا دُعَاءٌ لَهُ بِأَنْ يَنْتَعِشَ كَذَا فِي الصِّحَاحِ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ نَاظِمَ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَقْرَأُ فِيهِ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ جَلَسَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَلَا يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ قِرَاءَةُ الْأَسْبَاعِ الَّتِي تُفْعَلُ بِالْمَسَاجِدِ مَا لَمْ يَكُنْ الشَّارِطُ لِمَحِلِّهِ بِعَيْنِهِ الْوَاقِفَ لِلْمَسْجِدِ، قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَقَدْ يَشْمَلُ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ بِحِفْظِهِ فِي الْأَلْوَاحِ انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِتَعَلُّمِ مَا ذُكِرَ) وَمِنْهُ الْمُطَالَعَةُ فِي كِتَابٍ لِلتَّعَلُّمِ مِنْهُ فَلْيُرَاجِعْ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِهَا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ وَلَا طَالَتْ غَيْبَتُهُ.

وَلَيْسَ مِنْ الْغَيْبَةِ تَرْكُ الْجُلُوسِ فِيهِ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِبَطَالَتِهَا وَلَوْ أَشْهُرًا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فِي قِرَاءَةِ الْفِقْهِ فِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، وَمِمَّا لَا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّهُ أَيْضًا مَا لَوْ اعْتَادَ الْمُدَرِّسُ قِرَاءَةَ الْكِتَابِ فِي سَنَتَيْنِ وَتَعَلَّقَ غَرَضُ بَعْضِ الطَّلَبَةِ بِحُضُورِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ مَثَلًا فِي سَنَتِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّهُ بِغَيْبَتِهِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) مِنْ أَنَّ الْجُلُوسَ فِيهِ كَالْجُلُوسِ فِي الشَّارِعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>