للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لِصَلَاةٍ) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا أَوْ كَانَ الْجَالِسُ صَبِيًّا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ اسْتِمَاعِ حَدِيثٍ أَوْ وَعْظٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ عَادَةٌ بِالْجُلُوسِ بِقُرْبِ كَبِيرِ الْمَجْلِسِ وَانْتَفَعَ الْحَاضِرُونَ بِقُرْبِهِ مِنْهُ لِعِلْمِهِ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ (لَمْ يَصِرْ أَحَقَّ بِهِ فِي غَيْرِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا مَرَّ لِأَنَّ لُزُومَ بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِلصَّلَاةِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ بَلْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ جُلُوسًا جَائِزًا لَا كَخَلْفِ الْمَقَامِ الْمَانِعِ لِلطَّائِفَيْنِ مِنْ فَضِيلَةِ سُنَّةِ الطَّوَافِ ثُمَّ فَإِنَّهُ حَرَامٌ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَبِهِ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَلْحَقُوا بِهِ بَسْطَ السَّجَّادَةِ وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ.

قَالُوا: وَيُعَزَّرُ فَاعِلُ ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ بِمَنْعِهِ، وَنُوزِعَ فِي تَحْرِيمِ الْجُلُوسِ بِمَا لَا يُجْدِي، وَمِنْهُ التَّرْدِيدُ فِي الْمَزَارِ خَلْفَ الْمَقَامِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ عُرْفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَنَّهُ مَوْضِعٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَكَيْفَ يُعَطَّلُ عَمَّا وُضِعَ الْمَسْجِدُ لَهُ، وَأَنَّ صَلَاةَ سُنَّةِ الطَّوَافِ لَا تَخْتَصُّ بِهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ امْتَازَ عَنْ بَقِيَّةِ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ بِكَوْنِ الشَّارِعِ عَيْنَهُ مِنْ حَيْثُ الْأَفْضَلِيَّةُ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ وَوُقُوفِ إمَامِ الْجُمُعَةِ فِيهِ فَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ تَفْوِيتُهُ بِجُلُوسٍ بَلْ وَلَا صَلَاةٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ الشَّارِعُ لَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْأَفْضَلِيَّةُ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْطِيلُ مَحِلٍّ مِنْ الْمَسْجِدِ عَنْ الْعِبَادَةِ فِيهِ لِاحْتِمَالِ فِعْلِ عِبَادَةٍ أُخْرَى.

وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَحِلَّ التَّحْرِيمِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْجُلُوسِ فِيهِ فِي وَقْتٍ يَحْتَاجُ الطَّائِفُونَ لِصَلَاةِ سُنَّةِ الطَّوَافِ فِيهِ، وَالْكَلَامُ فِي جُلُوسٍ لِغَيْرِ دُعَاءٍ عَقِبَ سُنَّةِ الطَّوَافِ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهَا اهـ حَجّ.

أَقُولُ: وَكَمَا يُمْنَعُ مِنْ الْجُلُوسِ خَلْفَ الْمَقَامِ عَلَى مَا ذَكَرَ يُمْنَعُ مِنْ الْجُلُوسِ فِي الْمِحْرَابِ وَقْتَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِيهِ وَكَذَا يُمْنَعُ مِنْ الْجُلُوسِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ جُلُوسُهُ يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ أَوْ يَقْطَعُ الصَّفَّ عَلَى الْمُصَلِّينَ، وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اعْتَادَ النَّاسُ الصَّلَاةَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَسْجِدِ مَعَ إمْكَانِ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهِ كَبَحْرَةِ رُوَاقِ ابْنِ الْمُعَمَّرِ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَيَزْعَجَ مِنْهُ مَنْ أَرَادَ الْجُلُوسَ فِيهِ فِي وَقْتٍ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ الْجَمَاعَةَ فِيهِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْإِلْحَاقُ فَلْيُرَاجَعْ.

وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِجَوَازِ وَضْعِ الْخِزَانَةِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ تُضَيِّقْ وَحَصَلَ بِسَبَبِهَا نَفْعٌ عَامٌّ كَمُدَرِّسٍ أَوْ مُفْتٍ يَضَعُ فِيهَا مِنْ الْكُتُبِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي التَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ انْتَهَى.

[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ فِي قُرَى مِصْرَ مِنْ وَضْعِ الْقَمْحِ فِي الْجَرِينِ، هَلْ يَسْتَحِقُّ مَنْ اعْتَادَ الْوَضْعَ بِمَحِلٍّ مِنْهُ وَضْعُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحَيْثُ يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ رَأَى مَنْ سَبَقَهُ إلَى وَضْعِ غَلَّتِهِ فِيهِ مَنَعَهُ كَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَنْ اعْتَادَ الصَّلَاةَ بِمَحِلٍّ مِنْ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَحْصُلُ بِالْوَضْعِ فِي جَمِيعِ الْمَحَالِّ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ فِي جَمِيعِ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ غَرَضُهُ بِمَوْضِعٍ مِنْهُ كَقُرْبِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ بُعْدِهِ عَنْ أَطْرَافِ الْمَحَالِّ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةٌ لِلسَّرِقَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَغْرَاضَ لَا نَظَرَ إلَيْهَا، كَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا فِي بِقَاعِ الْمَسْجِدِ إلَى حُصُولِ الثَّوَابِ بِالْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ كَوْنِهِ بِمَيْمَنَةِ الصَّفِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمَقَاعِدُ الْأَسْوَاقِ إنَّمَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا لِتَوَلُّدِ الضَّرَرِ بِانْقِطَاعِ أُلَّافِهِ عِنْدَ عَدَمِ اهْتِدَائِهِمْ لِمَحِلِّهِ، فَمَنْ سَبَقَهُ إلَيْهِ اسْتَحَقَّهُ، وَلَا يَحْصُلُ السَّبْقُ بِوَضْعِ عَلَامَةٍ فِي الْمَحِلِّ كَمَا لَا يَحْصُلُ الِالْتِقَاطُ بِمُجَرَّدِ الْوُقُوفِ عَلَى اللُّقَطَةِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ السَّبْقُ بِالشُّرُوعِ فِي شَغْلِ الْمَحِلِّ كَوَضْعِ شَيْءٍ مِنْ الزَّرْعِ الَّذِي يُرَادُ وَضْعُهُ فِي الْمَحِلِّ بِحَيْثُ يُعَدُّ أَنَّهُ شَرْعٌ فِي التَّجْرِينِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِمَاعُ حَدِيثٍ) خَرَجَ بِالِاسْتِمَاعِ مَا لَوْ جَلَسَ لِتَعَلُّمِهِ مِنْ الْمُحَدِّثِ بِأَنْ قَرَأَهُ عَلَى وَجْهٍ يُبَيِّنُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا أَوْ كَانَ الْجَالِسُ صَبِيًّا) هَاتَانِ الْغَايَتَانِ إنَّمَا يَظْهَرُ مَعْنَاهُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، فَلَوْ فَارَقَهُ لِحَاجَةٍ لِيَعُودَ لَمْ يَبْطُلْ اخْتِصَاصُهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ إلَخْ لَا بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ لَمْ يَصِرْ أَحَقَّ بِهِ فِي غَيْرِهَا إذْ الْمُنَاسِبُ فِيهِ غَايَةٌ إنَّمَا هُوَ عَكْسُ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُهُ، وَإِلَّا فَهُوَ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَرْجِيحٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>