للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِعَمَلِ الْأَحَظِّ فِي ظَنِّهِ بَلْ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ وَيَمْتَنِعُ إمْسَاكُهُ لِتَعَذُّرِهِ (وَقِيلَ إنْ وَجَدَهُ فِي عُمْرَانٍ وَجَبَ الْبَيْعُ) لِتَيَسُّرِهِ وَامْتَنَعَ الْأَكْلُ نَظِيرَ مَا مَرَّ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ هَذَا يَفْسُدُ قَبْلَ وُجُودِ مُشْتَرٍ، وَإِذَا أَكَلَ لَزِمَهُ تَعْرِيفُ الْمَأْكُولِ إنْ وَجَدَهُ بِعُمْرَانٍ لَا صَحْرَاءَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَلَا يَجِبُ إفْرَازُ الْقِيمَةِ الْمَغْرُومَةِ مِنْ مَالِهِ.

نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ إفْرَازِهَا عِنْدَ تَمَلُّكِهَا لِأَنَّ تَمَلُّكَ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ، قَالَهُ الْقَاضِي (وَإِنْ أَمْكَنَ بَقَاؤُهُ بِعِلَاجٍ كَرُطَبٍ يَتَجَفَّفُ) أَيْ يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ وَلَبَنٍ يَصِيرُ أَقِطًا وَجَبَ رِعَايَةُ الْأَغْبَطِ لِلْمَالِكِ (فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي بَيْعِهِ بِيعَ) جَمِيعُهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ بِالْقَيْدِ الْمَارِّ (أَوْ) كَانَتْ الْغِبْطَةُ (فِي تَجْفِيفِهِ) أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَتَبَرَّعَ بِهِ الْوَاجِدُ) أَوْ غَيْرُهُ (جَفَّفَهُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ أَحَدٌ (بِيعَ بَعْضُهُ) بِقَدْرِ مَا يُسَاوِي التَّجْفِيفَ (لِتَجْفِيفِ الْبَاقِي) طَلَبًا لِلْأَحَظِّ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَإِنَّمَا بَاعَ كُلَّ الْحَيَوَانِ لِئَلَّا يَأْكُلَ كُلَّهُ كَمَا مَرَّ.

(وَمَنْ أَخَذَ لُقَطَةً لِلْحِفْظِ أَبَدًا) وَهُوَ أَهْلٌ لِلِالْتِقَاطِ لِذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ بِأَنْ كَانَ ثِقَةً (فَهِيَ) كَدَرِّهَا وَنَسْلِهَا (أَمَانَةٌ بِيَدِهِ) لِأَنَّهُ يَحْفَظُهَا لِمَالِكِهَا فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ وَمِنْ ثَمَّ ضَمِنَهَا لَوْ قَصَّرَ كَأَنْ تَرَكَ تَعْرِيفَهَا عَلَى مَا يَأْتِي وَمَحِلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَسَيَأْتِي عَنْ النُّكَتِ وَغَيْرِهَا مَا يُصَرِّحُ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ مُعْتَبَرٌ فِي تَرْكِهِ: أَيْ كَأَنْ خَشِيَ مِنْ ظَالِمٍ أَخْذَهَا أَوْ جَهِلَ وُجُوبَهُ وَعُذِرَ فِيمَا يَظْهَرُ (فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْقَاضِي لَزِمَهُ الْقَبُولُ) حِفْظًا لَهَا عَلَى صَاحِبِهَا لِأَنَّهُ يَنْقُلُهَا إلَى أَمَانَةٍ أَقْوَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ لِإِمْكَانِ رَدِّهَا لِمَالِكِهَا مَعَ الْتِزَامِهِ الْحِفْظَ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ ثُمَّ تَرَكَهُ وَرَدَّهَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَمَعْلُومٌ عَدَمُ جَوَازِ دَفْعِهَا لِقَاضٍ غَيْرِ أَمِينٍ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَأَنَّ الدَّافِعَ لَهُ يَضْمَنُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ (وَلَمْ يُوجِبْ الْأَكْثَرُونَ التَّعْرِيفَ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِنَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ) أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ وَإِلَّا اُسْتُعْمِلَ بِعَمَلِ الْأَحَظِّ حَيْثُ عَرَفَهُ وَإِلَّا رَاجَعَ مَنْ يَعْرِفُ الْأَحَظَّ وَعَمِلَ بِخَبَرِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مُخْبِرَانِ قَدَّمَ أَعْلَمَهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا عِنْدَهُ أَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ كَذَا أَحَظُّ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِمَعْرِفَةِ وَجْهِ الْأَحَظِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ: إنْ وَجَدَهُ فِي عُمْرَانٍ) وَالْمُرَادُ بِالْعُمْرَانِ هُنَا نَحْوُ الْمَدْرَسَةِ وَالْمَسْجِدِ وَالشَّارِعِ إذْ هُمَا وَالْمَوَاتُ مَحَالُّ اللُّقَطَةِ لَا غَيْرُ كَمَا مَرَّ اهـ حَجّ.

أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ مَظِنَّةً لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ كَالْحَمَّامِ وَالْقَهْوَةِ وَالْمَرْكَبِ.

(قَوْلُهُ: بِالْقَيْدِ الْمَارِّ) هُوَ قَوْلُهُ إنْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَخَفْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا يُسَاوِي التَّجْفِيفُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى التَّجْفِيفِ لِيَرْجِعَ بِشَرْطِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ الْمَذْكُورِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إلْزَامُ ذِمَّةِ الْغَيْرِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ حَيْثُ أَمْكَنَ بَيْعُ جُزْءٍ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَمَحِلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) قَضِيَّةُ فَرْضِ مَا ذَكَرَ فِيمَنْ أَخَذَ لِلْحِفْظِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ لَا لِذَلِكَ لَمْ يُعْذَرْ فِي تَرْكِ التَّعْرِيفِ وَلَا فِي اعْتِقَادِ حَمْلِهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ، بَلْ يَنْبَغِي كُفْرُ مَنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ لِلُّقَطَةِ وَقَعَ، فَإِنَّ وُجُوبَ تَعْرِيفِهَا مِمَّا لَا يَخْفَى فَلَا يُعْذَرُ مَنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهُ، فَمَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْعَامَّةِ مِنْ أَنَّ مَنْ وَجَدَ شَيْئًا جَازَ لَهُ أَخْذُهُ مُطْلَقًا لَا يُعْذَرُ فِيهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِهِ ذَلِكَ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ السُّؤَالِ عَنْ مِثْلِهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ دَفَعَهَا) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: مَعَ الْتِزَامِهِ) أَيْ الْوَدِيعِ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ بَلْ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ حُرْمَتُهُ حَيْثُ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الدَّافِعَ لَهُ يَضْمَنُهَا) أَيْ يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارِ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجِبْ الْأَكْثَرُونَ) ضَعِيفٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْأَذْرَعِيِّ، وَكَلَامُهُ إنَّمَا هُوَ فِي تِلْكَ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هَذَا وَإِنْ كَانَ مَفْرُوضًا فِيمَا إذَا أَخَذَ لِلْحِفْظِ إلَّا أَنَّ مِثْلَهُ الْمَأْخُوذَ لِلتَّمْلِيكِ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُهَا إلَى أَمَانَةٍ أَقْوَى) يُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْقَاضِي إذْ هُوَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِاللُّزُومِ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِقَبُولِهِ يَنْقُلُهَا إلَى أَمَانَةٍ أَقْوَى وَهُوَ مُسْتَوْدَعُ الشَّرْعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمُلْتَقِطِ: أَيْ إنَّمَا لَزِمَ الْقَاضِيَ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَنْقُلُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>