وَاحِدٍ مِنْهُمْ، إذْ لَا عِبَارَةَ لَهُمْ بِخِلَافِ السَّكْرَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَمْيِيزٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ (وَفِي قَوْلٍ تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ حَالًا، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِذَلِكَ مَعَ فَسَادِ عِبَارَتِهِ حَتَّى فِي غَيْرِ الْمَالِ (وَلَا رَقِيقٍ) كُلِّهِ عِنْدَهَا وَلَوْ مُكَاتَبًا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ أَوْ أَهْلِيَّتِهِ.
أَمَّا إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْمُكَاتَبِ فِيهَا فَتَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْكِتَابَةِ. وَالْمُبَعَّضُ تَصِحُّ مِنْهُ بِمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ وَلَوْ عِتْقًا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِوُجُودِ أَهْلِيَّتِهِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِهَا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ، وَهُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَقَدْ زَالَ رِقُّهُ بِمَوْتِهِ، وَسَيَأْتِي فِي نُفُوذِ إيلَادِهِ مَا يُؤَيِّدُهُ (وَقِيلَ إنْ عَتَقَ) بَعْدَهَا (ثُمَّ مَاتَ صَحَّتْ) مِنْهُ، وَيُرَدُّ بِنَظِيرِ مَا مَرَّ فِي الْمُمَيِّزِ.
(وَإِذَا أَوْصَى لِجِهَةٍ عَامَّةٍ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا تَكُونَ مَعْصِيَةً) وَلَا مَكْرُوهًا: أَيْ لِذَاتِهِ لَا لِعَارِضٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي النَّذْرِ فِيهِمَا، وَكَذَا إذَا أَوْصَى لِغَيْرِ جِهَةٍ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْمَعْصِيَةِ وَالْكَرَاهَةِ أَيْضًا، وَمِنْ ثَمَّ بَطَلَتْ لِكَافِرٍ بِنَحْوِ مُسْلِمٍ أَوْ مُصْحَفٍ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأُولَى؛ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا أَوْ قَصْدِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْجِهَةِ، وَشَمِلَ عَدَمُ الْمَعْصِيَةِ الْقُرْبَةَ كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ وَقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِهَا، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ، وَأَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْإِحْيَاءِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ، وَكَلَامُهُ فِي الْوَسِيطِ فِي زَكَاةِ النَّقْدِ يُشِيرُ إلَيْهِ أَنْ تُبْنَى عَلَى قُبُورِهِمْ الْقِبَابُ وَالْقَنَاطِرُ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْمُشَاهَدِ إذَا كَانَ الدَّفْنُ فِي مَوَاضِعَ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ أَوْ لِمَنْ دَفَنَهُمْ فِيهَا لَا بِنَاءُ الْقُبُورِ نَفْسِهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَلَا فِعْلُهُ فِي الْمَقَابِرِ الْمُسَبَّلَةِ فَإِنَّ فِيهِ تَضْيِيقًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ خِلَافًا لِمَا اسْتَوْجَهَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ بِعِمَارَتِهَا رَدَّ التُّرَابِ فِيهَا وَمُلَازَمَتَهَا خَوْفًا مِنْ الْوَحْشِ وَالْقِرَاءَةَ عِنْدَهَا، وَإِعْلَامَ الزَّائِرِينَ بِهَا لِئَلَّا تَنْدَرِسَ.
وَفِي زِيَادَاتِ الْعَبَّادِيِّ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُدْفَنَ فِي بَيْتِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَنْ أَنَّ الدَّفْنَ فِي الْبَيْتِ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَالْمُبَاحَةُ كَفَكِّ أُسَارَى كُفَّارٍ مِنَّا، وَإِنْ كَانَ الْمُوصِي ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ لِلْمُعَيَّنِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَالْأُسَارَى أَوْلَى وَبِنَاءُ رِبَاطٍ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ سُكْنَاهُمْ بِهِ، وَإِنْ سُمِّيَتْ كَنِيسَةً خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَنَّ فِيهِ خِلَافًا مُفَرَّعًا عَلَى مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّكْرَانِ) أَيْ الْمُتَعَدِّي فَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا رَقِيقٍ كُلِّهِ) أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْمُكَاتَبِ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً، وَقَوْلُهُ: فِيهَا أَيْ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عِتْقًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُبَعَّضُ عِتْقًا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) مِنْهُمْ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمُبَعَّضُ، وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ أَيْ الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ عَتَقَ) أَيْ الرَّقِيقُ (قَوْلُهُ: وَيَرِدُ بِنَظِيرِ مَا مَرَّ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ لَا نَظَرَ لِرِقِّهِ؛ لِأَنَّ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لِلْوَلَاءِ حَالَ الْعِتْقِ عِنْدَ صَاحِبِ هَذَا الْوَجْهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِذَلِكَ مَعَ فَسَادِ عِبَارَتِهِ حَتَّى إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا مَكْرُوهًا) أَيْ لِذَاتِهِ: أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَالْكَرَاهَةِ كَبَيْعِ الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ اتِّخَاذُهُ خَمْرًا، وَمَكْرُوهٌ حَيْثُ تَوَهَّمَهُ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَيْ مِمَّا يَحْرُمُ بَيْعُهُ لَهُ كَالْمُرْتَدِّ وَكُتُبِ عِلْمٍ فِيهَا آثَارُ السَّلَفِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُصْحَفٍ) أَيْ إذَا بَقِيَ عَلَى الْكُفْرِ لِمَوْتِ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ: وَإِذَا أَوْصَى لِجِهَةٍ عَامَّةٍ إلَخْ، وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا أَوْصَى لِغَيْرِ جِهَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ) أَيْ عِمَارَةِ الْقُبُورِ (قَوْلُهُ: أَنْ تُبْنَى عَلَى قُبُورِهِمْ الْقِبَابُ) جَعَلَهُ الشَّارِحُ فِي الْجَنَائِزِ مُؤَيِّدًا لِعَدَمِ جَوَازِ حَفْرِ قُبُورِ الصَّالِحِينَ فِي الْمُسَبَّلَةِ، وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ قُبَيْلَ الزَّكَاةِ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْمُوَفَّقُ بْنُ حَمْزَةَ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَدْفُونُ صَحَابِيًّا أَوْ مِمَّنْ اُشْتُهِرَتْ وِلَايَتُهُ وَإِلَّا امْتَنَعَ نَبْشُهُ عِنْدَ الِانْمِحَاقِ، وَأَيَّدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِجَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِعِمَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ. إذْ قَضِيَّتُهُ جَوَازُ عِمَارَةِ قُبُورِهِمْ مَعَ الْجَزْمِ هُنَا بِمَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ وَعِمَارَتِهِ فِي الْمُسَبَّلَةِ. اهـ.
وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْجَنَائِزِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَالْمُبَاحَةُ) عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ الْقُرْبَةُ (قَوْلُهُ: فَالْأُسَارَى أَوْلَى) قَضِيَّةُ ذَلِكَ تَخْصِيصُهُ بِمَا لَوْ أَوْصَى
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute