للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلَّهِ وَيُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْبَرِّ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يُقْصَدَ بِهَا أُولَئِكَ مَكَانُ إطْلَاقِهَا بِمَنْزِلَةِ ذِكْرِهِمْ فَفِيهِ ذِكْرُ جِهَةٍ ضِمْنًا وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْوَقْفَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْمَصْرِفِ، وَسَيَأْتِي صِحَّتُهَا بِغَيْرِ الْمَمْلُوكِ.

وَلَوْ أَشَارَ لِمَمْلُوكٍ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ أَوْصَيْت بِهَذَا ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ تَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّ قِيَاسَ الْبَابِ الصِّحَّةُ أَنْ يَصِيرَ مُوصًى بِهِ إذَا مَلَكَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (فَتَصِحُّ لِحَمْلٍ) حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا (وَتَنْفُذُ) بِالْمُعْجَمَةِ (إنْ انْفَصَلَ حَيًّا) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً، وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا كَالْإِرْثِ (وَعُلِمَ) أَوْ ظُنَّ (وُجُودُهُ عِنْدَهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (بِأَنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْهَا (فَإِنْ انْفَصَلَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ) مِنْهَا (وَالْمَرْأَةُ فِرَاشُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ) وَأَمْكَنَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ ذَلِكَ الْفِرَاشِ (لَمْ يُسْتَحَقَّ) الْمُوصَى بِهِ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ مِنْ ذَلِكَ الْفِرَاشِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَلَا يُسْتَحَقُّ بِالشَّكِّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَالْوَضْعِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ كَانَ مَمْسُوحًا فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ ظُهُورُ قَوْلِ الْإِمَامِ لَا بُدَّ أَنْ يُمْكِنَ غَشَيَانُ ذِي الْفِرَاشِ لَهَا: أَيْ عَادَةً فَإِنْ أَحَالَتْهُ الْعَادَةُ فَلَا اسْتِحْقَاقَ.

(فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا) لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ كَانَتْ (وَانْفَصَلَ) لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ وَ (لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْ الْوَصِيَّةِ (فَكَذَلِكَ) لَا يُسْتَحَقُّ لِلْعِلْمِ بِحُدُوثِهِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ (أَوْ لِدُونِهِ) أَيْ دُونَ الْأَكْثَرِ (اُسْتُحِقَّ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ. وَالثَّانِي لَا يُسْتَحَقُّ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَهَا وَاعْتِبَارُ هَذَا الِاحْتِمَالِ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ إلْحَاقِ الْأَرْبَعِ بِمَا دُونَهَا وَالسِّتَّةِ بِمَا فَوْقَهَا هُوَ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ صَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إلْحَاقَهَا بِمَا دُونَهَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ زَمَنٍ يَسَعُ الْوَطْءَ وَالْوَضْعَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْعِدَدِ فِي مَحَالٍّ أُخَرَ. وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ لَحْظَةَ الْوَطْءِ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْعُلُوقَ لَا يُقَارِنُ أَوَّلَ الْمُدَّةِ، وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْمُقَارَنَةِ، فَالسِّتَّةُ عَلَى هَذَا مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا كَمَا قَالُوهُ هُنَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ بِمَا دُونَهَا كَمَا قَالُوهُ فِي الْمَحَالِّ الْأُخَرِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا صَحِيحٌ وَأَنَّ التَّصْوِيبَ سَهْوٌ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ وُجُودَ الْفِرَاشِ ثَمَّ وَعَدَمَهُ هُنَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا بِمَا ذُكِرَ، وَالْكَلَامُ كُلُّهُ حَيْثُ عُرِفَ لَهَا فِرَاشٌ سَابِقٌ ثُمَّ انْقَطَعَ، أَمَّا مَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهَا فِرَاشٌ أَصْلًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَصِحُّ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ مَصْرِفٍ وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ) أَيْ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ بِهَا أُولَئِكَ) أَيْ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَوُجُوهِ الْبِرِّ فَحُمِلَ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي صِحَّتُهَا) ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَلَوْ أَشَارَ فَإِنَّهُ مُوصَى بِهِ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَمْلُوكٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ إلَى الْمُوصَى بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْوَصِيَّةِ بِوَقْتِ الْمَوْتِ قَبُولًا وَرَدًّا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ) أَيْ الْفِرَاشِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْفِرَاشُ كَالْمَعْلُومِ.

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَانَ مَمْسُوحًا (قَوْلُهُ: لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ) أَيْ بِلَا مُعَارِضٍ، وَعِبَارَةُ ع يُرِيدُ الْأَصْلَ الَّذِي لَمْ يُعَارِضْهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: حَيْثُ عُرِفَ لَهَا) أَيْ لِمَنْ أَوْصَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَعِبَارَةُ: لَا لِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ: أَيْ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَمَنْ سَيُوجَدُ (قَوْلُهُ: وَسَتَأْتِي صِحَّتُهَا بِغَيْرِ الْمَمْلُوكِ) كَأَنَّهُ دَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُتَصَوَّرُ لَهُ الْمِلْكُ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا بِغَيْرِ الْمَمْلُوكِ، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَالْوَضْعِ) صَوَابُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ إلَخْ، إذْ هُوَ مَفْهُومُ مَا زَادَهْ بِقَوْلِهِ وَأَمْكَنَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ ذَلِكَ الْفِرَاشِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ وَانْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ، وَنَازَعَ فِيهِ الشِّهَابُ سم ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الِانْفِصَالُ لِأَقَلَّ (قَوْلُهُ: عَلَى هَذَا) يَعْنِي مَا بَعْدَ وَإِلَّا وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ: يَعْنِي مَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ وُجُودَ الْفِرَاشِ إلَخْ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ لَا يُوَافِقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>