فَلَا اسْتِحْقَاقَ قَطْعًا، وَإِنْ انْفَصَلَ لِأَرْبَعَ فَأَقَلَّ لِانْحِصَارِ الْأَمْرِ حِينَئِذٍ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ الزِّنَا كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ، وَفِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَا يَدُلُّ لَهُ، وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ قُبَيْلَ الْعِدَدِ أَنَّ التَّوْأَمَيْنِ حَمْلٌ وَاحِدٌ فَانْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ، وَهُوَ مَا لَوْ انْفَصَلَ أَحَدُ تَوْأَمَيْنِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ انْفَصَلَ تَوْأَمٌ آخَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يُسْتَحَقُّ، وَإِنْ انْفَصَلَ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ، وَتُقْبَلُ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَلَوْ قَبْلَ انْفِصَالِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي، وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْإِقْرَارِ مَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ مَا ذَكَرْنَاهُ.
(وَإِنْ) (وَصَّى لِعَبْدٍ) أَوْ أَمَةٍ لِغَيْرِهِ سَوَاءٌ الْمُكَاتَبُ وَغَيْرُهُ (فَاسْتَمَرَّ رِقُّهُ) إلَى مَوْتِ الْمُوصِي (فَالْوَصِيَّةُ لِسَيِّدِهِ) عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي: أَيْ تُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ لِتَصِحَّ، وَمَحِلُّ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْعَبْدِ إذْ لَمْ يَقْصِدْ تَمْلِيكَهُ فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ تَصِحَّ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَقْتِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ هُنَا مُنْتَظَرٌ فَقَدْ يَعْتِقُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَيَكُونُ لَهُ أَوَّلًا فَلِسَيِّدِهِ. انْتَهَى.
لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَفْت هَذَا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَبْدِ فُلَانٍ وَقَصَدَ تَمْلِيكَهُ صَحَّ لَهُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ مُنْتَظَرٌ، وَيُقَيَّدُ كَلَامُهُمْ بِالْوَقْفِ عَلَى الطَّبَقَةِ الْأُولَى، وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ وَيَقْبَلُهَا هُوَ لَا السَّيِّدُ، وَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُ لَا مَعَ سَيِّدِهِ إلَّا إذَا لَمْ يَتَأَهَّلْ الْقِنُّ لِعَجْزٍ أَوْ جُنُونٍ فَيُقْبَلُ هُوَ كَمَا اسْتَوْجَهَهُ شَيْخٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ أَجْبَرَهُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحْضُ اكْتِسَابٍ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُمْ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُ وَأَنَّهُ لَوْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ يَأْتِي فِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ لَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِحَمْلِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَصَلَ لِأَرْبَعٍ فَأَقَلَّ) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، أَمَّا لَوْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ اُسْتُحِقَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ وَقْتِهَا، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا وَقَدْ تَقَدَّمَ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ لِلْحَمْلِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ الْوَصِيَّةُ لَهُ) أَيْ لِلْحَمْلِ وَالْقَابِلُ لَهَا الْوَلِيُّ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِ انْفِصَالِهِ حَيًّا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الَّذِي يَقْبَلُ لَهُ الْحَاكِمُ مُطْلَقًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ الْجَزْمَ بِمَا اسْتَظْهَرْنَاهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ أَيْضًا: وَيَقْبَلُ الْوَصِيَّةَ لَهُ وَلِيُّهُ وَلَوْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَقْصِدْ) أَيْ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ تَصِحَّ) أَيْ بَطَلَتْ، فَكَلَامُ السُّبْكِيّ بِشِقَّيْهِ ضَعِيفٌ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَصِحَّ: أَيْ الْآنَ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ، لَكِنْ فِي الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: أَيْ يُحْمَلُ عَلَيْهَا لِتَصِحَّ: أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَصَدَ تَمْلِيكَهُ بَطَلَتْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرَّقَ بَيْنَ الْإِطْلَاقِ وَقَصْدِ التَّمْلِيكِ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ قَصَدَ تَمْلِيكَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَا يَعْتِقُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَقَصَدَ تَمْلِيكَهُ) أَيْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ) مِنْ كَلَامِ م ر لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْوَقْفِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى الْعَبْدِ نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ كَانَ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ مَا فِي الْوَقْفِ بِمَا إذَا اسْتَمَرَّ رِقُّهُ (قَوْلُهُ: لِعَجْزٍ أَوْ جُنُونٍ) عِبَارَةُ حَجّ: لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ، ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ. (قَوْلُهُ: فَيَقْبَلُ هُوَ) أَيْ السَّيِّدُ، أَمَّا لَوْ كَانَ مُتَأَهِّلًا وَقَبِلَ السَّيِّدِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْعَبْدِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ، (قَوْلُهُ: يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ) أَيْ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ خَيَّرَهُ
[حاشية الرشيدي]
مَا حَلَّ بِهِ الْمَتْنَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَصَلَ لِأَرْبَعٍ فَأَقَلَّ) أَيْ وَفَوْقَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِعَدَمِ فِرَاشٍ حِينَئِذٍ يُحَالُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْحَمْلَ يَسْتَحِقُّ وَإِنْ كَانَ مِنْ زِنًا أَوْ شُبْهَةٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ الْوَصِيَّةُ لَهُ) يَعْنِي مُطْلَقَ الْحَمْلِ
(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ لَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ الرَّدِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute