للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا نَظَرَ هُنَا إلَى عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْعَبْدِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهِ مُخَاطَبًا لَا غَيْرُ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْمِلْكِ يَقَعُ لِلسَّيِّدِ (فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصَى لَهُ) تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ حُرٌّ حِينَئِذٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَتَقَ بِوُجُودِ صِفَةٍ قَارَنَتْ مَوْتَ سَيِّدِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُوصِيَ مَلَكَ الْمُوصَى بِهِ.

وَكَذَا لَوْ قَارَنَ عِتْقُهُ مَوْتَ الْمُوصِي إذَا كَانَ غَيْرَهُ، وَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ فَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ فِي الْوَصِيَّةِ لِمُبَعَّضٍ وَلَا مُهَايَأَةَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ هُنَا بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ وَالْبَاقِي لِلسَّيِّدِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ وُجُودِ مُهَايَأَةٍ وَعَدَمِهَا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ وُجُودَ الْحُرِّيَّةِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ اقْتَضَى ذَلِكَ التَّفْصِيلَ بِخِلَافِ طُرُوِّهَا بَعْدَهَا، وَالْعِبْرَةُ فِي الْوَصِيَّةِ لِمُبَعَّضٍ وَثَمَّ مُهَايَأَةٌ بِذِي النَّوْبَةِ يَوْمَ الْمَوْتِ كَيَوْمِ الْقَبْضِ مِنْ الْهِبَةِ (وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَوْ بَاعَهُ (ثُمَّ قَبِلَ بُنِيَ) الْقَوْلُ بِمِلْكِهِ لِلْمُوصَى بِهِ (عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا تُمْلَكُ) وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ بِشَرْطِ الْقَبُولِ فَتَكُونُ لِلسَّيِّدِ، وَلَوْ بِيعَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلِلْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي قِنٍّ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، فَلَوْ أَوْصَى لِحُرٍّ فَرَقَّ لَمْ تَكُنْ لِسَيِّدِهِ، بَلْ لَهُ إنْ عَتَقَ، وَإِلَّا فَهِيَ فَيْءٌ وَتَصِحُّ لِقِنِّهِ بِرَقَبَتِهِ.

فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ نُفِّذَتْ فِي ثُلُثِ رَقَبَتِهِ فَيَعْتِقُ وَبَاقِي ثُلُثِ مَالِهِ وَصِيَّةٌ لِمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ، فَلَوْ قَالَ لَهُ وَهَبْت لَك أَوْ مَلَّكْتُك رَقَبَتَك اُشْتُرِطَ قَبُولُهُ فَوْرًا، إلَّا إنْ نَوَى عِتْقَهُ فَيَعْتِقُ بِلَا قَبُولٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِوَصِيِّهِ أَعْتِقْهُ فَفَعَلَ وَلَا تَرْتَدُّ بِرَدِّهِ، فَلَوْ قُتِلَ قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَهَلْ يَشْتَرِي بِقِيمَتِهِ مِثْلِهِ كَالْأُضْحِيَّةِ أَوْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهَا.

(وَإِنْ أَوْصَى لِدَابَّةٍ وَقَصَدَ تَمْلِيكَهَا أَوْ أَطْلَقَ فَبَاطِلَةٌ) ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ اللَّفْظِ لِلتَّمْلِيكِ وَهِيَ لَا تُمْلَكُ، وَفَارَقَتْ الْعَبْدَ حَالَةُ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّهُ يُخَاطَبُ وَيَتَأَتَّى قَبُولُهُ، وَقَدْ يَعْتِقُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بِخِلَافِهَا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الْخَيْلِ الْمُسَبَّلَةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ لَهَا بَلْ أَوْلَى أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (وَإِنْ) قَصَدَ عَلَفَهَا أَوْ (قَالَ لِيُصْرَفَ فِي عَلَفِهَا) بِفَتْحِ اللَّامِ الْمَأْكُولُ وَبِإِسْكَانِهَا الْمَصْدَرُ، وَنُقِلَ الْأَمْرَانِ عَنْ ضَبْطِهِ (فَالْمَنْقُولُ صِحَّتُهَا) ؛ لِأَنَّ مُؤْنَتَهَا عَلَى مَالِكِهَا فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْوَصِيَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ فِي مُؤْنَتِهَا، فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ مَالِكَهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا تَجَمُّلًا أَوْ مُبَاسَطَةً مَلَكَهُ مِلْكًا مُطْلَقًا كَمَا لَوْ دَفَعَ دِرْهَمًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِإِبْطَالِ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَهُ) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ الْمُوصِي السَّيِّدُ وَقْتَهَا فَلَا نَظَرَ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ صَارَ حُرًّا (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ) خَبَرُ قَوْلِهِ فَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ وَقَوْلُهُ: بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: اقْتَضَى ذَلِكَ التَّفْصِيلَ) أَيْ بَيْنَ الْمُهَايَأَةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: كَيَوْمِ الْقَبْضِ) أَيْ فَلَوْ وَقَعَتْ الْهِبَةُ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا وَالْقَبْضُ فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ كَانَ الْمَوْهُوبُ لِمَنْ وَقَعَ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ (قَوْلُهُ: فَلِلْمُشْتَرِي) أَيْ لِلْعَبْدِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ أَيْ بِأَنْ بِيعَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ) أَيْ الشَّامِلِ لِلرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: فَيَعْتِقُ) أَيْ الثُّلُثُ (قَوْلُهُ: وَصِيَّةُ لِمَنْ بَعْدَهُ حُرٌّ) وَهُوَ مَنْ عَتَقَ ثُلُثُ رَقَبَتِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا (قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ) أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ قَبُولُهُ فَوْرًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَك بِرَقَبَتِك فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَرْتَدُّ) أَيْ الْوَصِيَّةُ، وَقَوْلُهُ: بِرَدِّهِ: أَيْ الْعَبْدِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِوَصِيِّهِ أَعْتِقْهُ أَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ وَهَبْتُك نَفْسَك أَوْ مَلَّكْتُكهَا إعْتَاقَهَا فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ: قَبْلُ: وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ، وَقَوْلُهُ: فَلَوْ قُتِلَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَصِحُّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَقَصَدَ تَمْلِيكَهَا أَوْ أَطْلَقَ) أَيْ أَطْلَقَ فِي قَصْدِهِ فَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ فِي لَفْظِهِ وَقَصَدَ الْعَلَفَ صَحَّتْ، وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ رُبَّمَا يَأْبَى هَذَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ فِي مُؤْنَتِهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ ثُمَّ يَتَعَيَّنُ لِعَلَفِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>