وَلَوْ مَآلًا كَمُدَبَّرَةٍ وَمُسْتَوْلَدَةٍ فَلَا يَصِحُّ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ لِلْمُوصِي أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّ الْوِصَايَةَ تَسْتَدْعِي فَرَاغًا وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَمَا أَخَذَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْهُ مِنْ مَنْعِ الْإِيصَاءِ لِمَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِعَمَلِ مُدَّةٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْوِصَايَةِ فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ لَهُ مَرْدُودٌ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّتِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ اسْتِنَابَةِ ثِقَةٍ يَعْمَلُ عَنْهُ تِلْكَ الْمُدَّةِ (وَعَدَالَةٌ) وَلَوْ ظَاهِرَةً فَلَا يَصِحُّ لَفَاسِقٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْوِلَايَةِ، وَلَوْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي عَدَالَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَهِدَايَةٌ إلَى التَّصَرُّفِ الْمُوصَى بِهِ) فَلَا تَجُوزُ لِمَنْ لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ تَغَفُّلٍ إذْ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ، وَلَوْ فَرَّقَ فَاسِقٌ مَثَلًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَنْهُ فَإِنَّ مَا هُنَا شُرُوطٌ فِي الْوَصِيِّ وَمَا يَأْتِي مُتَعَلِّقٌ بِالصِّيغَةِ مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّ فِيهَا مُكَلَّفٌ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَجْهُ الْإِيرَادِ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ إلَى بُلُوغِ ابْنِي فَإِذَا بَلَغَ فَهُوَ الْوَصِيُّ كَانَ الِابْنُ الَّذِي أَوْصَى إلَيْهِ صَبِيًّا وَقْتَهَا (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) جَرَى عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ حَجّ حَيْثُ نَقَلَهُ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ وَعَدَالَةٌ) قَضِيَّةُ الِاكْتِفَاءِ بِالْعَدَالَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سَلَامَتُهُ مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدْلِ فِي عِبَارَتِهِمْ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَاهِرَةً) وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ وَلَوْ ظَاهِرَةً وَلَوْ بَاطِنَةً، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ وَلَوْ ظَاهِرَةً تَبِعَ فِيهِ الْهَرَوِيَّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ قُبَيْلَ كِتَابِ الصُّلْحِ اهـ.
وَقَوْلُ الزِّيَادِيِّ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ: أَيْ وَهِيَ الَّتِي تَثْبُتُ عِنْدَ الْقَاضِي بِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا مُطْلَقًا: أَيْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي عَدَالَتِهِ أَوْ لَا، وَفِي نُسْخَةٍ أَيْضًا: وَعَدَالَةٌ بَاطِنَةٌ، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَا فِي الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ لَفَاسِقٍ) قَالَ حَجّ: وَهَلْ يَحْرُمُ الْإِيصَاءُ لِنَحْوِ فَاسِقٍ عِنْدَهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ فِسْقِهِ إلَى الْمَوْتِ فَيَكُونُ مُتَعَاطِيًا لِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ ظَاهِرًا، وَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ فَسَادُهُ لِاحْتِمَالِ عَدَالَتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا إثْمَ مَعَ الشَّكِّ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَمِمَّا يُرَجِّحُ الثَّانِيَ أَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ يَتَرَجَّى صَلَاحَهُ لِوُثُوقِهِ بِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ جَعَلْته وَصِيًّا إنْ كَانَ عَدْلًا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ، فَكَذَا هُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مُرَادٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي نَصْبِ غَيْرِ الْجَدِّ مَعَ وُجُودِهِ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَكُونُ لِمَنْ عَيَّنَهُ الْأَبُ لِوُثُوقِهِ بِهِ اهـ.
أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ فَرَّقَ بَيْنَ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ إذَا صَارَ عَدْلًا وَبَيْنَ مَا إذَا أَسْقَطَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِأَنَّهُ إذَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ عَدْلًا وَقْتَ الْمَوْتِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِتَرَدُّدِهِ فِي حَالِهِ فَيَحْمِلُ الْقَاضِي عَلَى الْبَحْثِ فِي حَالِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَكَتَ فَإِنَّهُ يُظَنُّ مِنْ إيصَائِهِ لَهُ حُسْنُ حَالِهِ، وَرُبَّمَا خَفِيَتْ حَالُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ عَلَى الْقَاضِي فَيَغْتَرُّ بِتَفْوِيضِ الْمُوصَى لَهُ فَيُسَلِّمُهُ الْمَالَ عَلَى أَنَّ فِي إثْبَاتِ الْوَصِيَّةِ لَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمُنَازَعَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَرُبَّمَا أَدَّى إلَى إفْسَادِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَرَّقَ فَاسِقٌ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَالْمُوصِي كَذَلِكَ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ إلَخْ مِنْ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا دَفَعَ لِلْمُعَيَّنِ وَقَعَ الْمَوْقِعَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَمَرَّ إلَخْ وَالْكَلَامُ فِي الْوَصِيَّةِ، أَمَّا لَوْ دَفَعَ شَخْصٌ فِي حَيَاتِهِ شَيْئًا لِفَاسِقٍ عَلِمَ فِسْقَهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي تَفْرِيقِهِ
[حاشية الرشيدي]
هُوَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ: أَيْ لَا يَرِدُ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ، وَوَجْهُ وُرُودِهِ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَهُوَ أَنَّهُ جَعَلَ ابْنَهُ وَصِيًّا قَبْلَ التَّكْلِيفِ. نَعَمْ إنَّمَا يَظْهَرُ الْوُرُودُ لَوْ كَانَ الْعِبْرَةُ بِالتَّكْلِيفِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الشُّرُوطَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَحِينَئِذٍ فَالْوُرُودُ فِيهِ خَفَاءٌ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَا يَعْلَمُ وَقْتَ مَوْتِهِ وَلَعَلَّ ابْنَهُ عِنْدَهُ يَكُونُ مُكَلَّفًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَآلًا) أَيْ لَكِنْ بِحَيْثُ يَكُونُ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْقَبُولِ وَهُوَ الْمَوْتُ حُرًّا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَمْثِيلِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الْمَالِيَّةِ الصَّادِقَةِ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ لَمَنْ فِيهِ رِقٌّ) أَيْ رِقٌّ لَا يَزُولُ بِمَوْتِ الْمُوصِي كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute