للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَلَيْسَتْ عَقْدَ وَدِيعَةٍ، وَإِنْ عَكَسَ الثَّانِيَةَ فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَارِيَّةٌ وَفِي الثَّانِي أَمَانَةٌ، وَيُشْبِهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ وَدِيعَةً.

(وَلَوْ) (أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ) وَلَوْ مُرَاهِقًا كَامِلُ الْعَقْلِ (أَوْ مَجْنُونٌ) (مَا لَمْ يَقْبَلْهُ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَالْعَدَمِ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ (فَإِنْ قَبِلَ) الْمَالَ وَقَبَضَهُ (ضَمِنَ) لِعَدَمِ الْإِذْنِ الْمُعْتَبَرِ كَالْغَاصِبِ بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَلَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِرَدِّهِ لِمَالِكِ أَمْرِهِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ فَاسِدُ الْوَدِيعَةِ كَصَحِيحِهَا، وَمَا يُقَالُ أَخْذًا مِنْ هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ بَاطِلِ الْوَدِيعَةِ وَفَاسِدِهَا، وَوَجْهُ انْدِفَاعِ هَذَا أَنَّهَا حَيْثُ قُبِضَتْ بِإِذْنٍ مُعْتَبَرٍ فَفَاسِدُهَا كَصَحِيحِهَا وَحَيْثُ لَا فَلَا، فَالْفَرْقُ هُنَا بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ الْأَمْنِ مِنْ ضَيَاعِهَا، فَإِنْ خَافَهُ وَأَخَذَهَا حِسْبَةً لَمْ يَضْمَنْ كَمَا مَرَّ وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ نَحْوُ صَبِيٍّ مُودَعٍ وَدِيعَتَهُ بِلَا تَسْلِيطٍ مِنْ الْوَدِيعِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُمْكِنُ إحْبَاطُهُ وَتَضْمِينُهُ مَالَ نَفْسِهِ مُحَالٌ فَتَعَيَّنَتْ بَرَاءَةُ الْوَدِيعِ.

(وَلَوْ) (أَوْدَعَ) مَالِكٌ كَامِلٌ (صَبِيًّا) أَوْ مَجْنُونًا (مَالًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ) وَلَوْ بِتَفْرِيطِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) إذْ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ لِلْحِفْظِ (وَإِنْ أَتْلَفَهُ) وَهُوَ مُتَمَوِّلٌ إذْ غَيْرُهُ لَا يَضْمَنُ (ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا عَقْدٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى إتْلَافِهِ.

وَالثَّانِي لَا كَمَا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْبَيْعَ إذْنٌ فِي الِاسْتِهْلَاكِ بِخِلَافِ الْإِيدَاعِ.

أَمَّا لَوْ أَوْدَعَهُ نَاقِصٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ التَّامِّ (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَصَبِيٍّ) مُودِعًا وَوَدِيعًا فِيمَا ذُكِرَ فِيهِمَا بِجَامِعِ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِفِعْلِ كُلٍّ، وَقَوْلُهُ أَمَّا السَّفِيهُ الْمُهْمِلُ فَالْإِيدَاعُ مِنْهُ وَإِلَيْهِ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ فَتَصِحُّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْقِنُّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ كَالصَّبِيِّ فَلَا يَضْمَنُ بِالتَّلَفِ وَإِنْ فَرَّطَ خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَتْلَفَ فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ

(وَتَرْتَفِعُ) الْوَدِيعَةُ: أَيْ يَنْتَهِي حُكْمُهَا (بِمَوْتِ الْمُودِعِ) بِكَسْرِ الدَّالِ (أَوْ الْمُودَعِ) بِفَتْحِهَا (وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ) وَبِالْحَجْرِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ، وَكَذَا عَلَى الْمُودِعِ لِفَلَسٍ وَبِعَزْلِهِ لِنَفْسِهِ وَبِعَزْلِ الْمَالِكِ لَهُ وَبِالْإِنْكَارِ بِلَا غَرَضٍ؛ لِأَنَّهَا وَكَالَةٌ فِي الْحِفْظِ، وَهِيَ تَرْتَفِعُ بِذَلِكَ وَبِكُلِّ فِعْلٍ مُضَمَّنٍ وَبِنَقْلِ الْمَالِكِ الْمَلِكَ فِيهَا بِنَحْوِ بَيْعٍ.

وَفَائِدَةُ الِارْتِفَاعِ أَنَّهَا تَصِيرُ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً فَعَلَيْهِ الرَّدُّ لِمَالِكِهَا أَوْ وَلِيِّهِ إنْ عَرَفَهُ: أَيْ إعْلَامُهُ بِهَا.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَالِكِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ) أَيْ الرَّشِيدُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَوْدَعَ مَالَ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ، فَإِنْ أَوْدَعَ بِإِذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ الْمُعْتَبَرِ إذْنُهُ لَمْ يَضْمَنْ الْوَدِيعُ.

قَالَ حَجّ نَقْلًا عَنْ الْأَنْوَارِ: وَمَنْ تَبِعَهُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي صَبِيٍّ جَاءَ بِحِمَارٍ لِرَاعٍ: أَيْ وَالْحِمَارُ لِغَيْرِ الْآذِنِ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَا نَظَرَ لِفَسَادِ الْعَقْدِ هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ الصَّبِيُّ لَا يَصِحُّ تَوَكُّلُهُ عَنْ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ نَحْوِ إيصَالِ الْهَدِيَّةِ؛ لِأَنَّ لِلْفَاسِدِ حُكْمَ الصَّحِيحِ ضَمَانًا وَعَدَمَهُ، فَإِطْلَاقُ ذَاكِرِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ لِمَا يَأْتِي فِي إيدَاعِ الصَّبِيِّ مَالَهُ فَقَالَ لَهُ دَعْهُ يَرْتَعُ مَعَ الدَّوَابِّ ثُمَّ سَاقَهَا كَانَ مُسْتَوْدَعًا لَهُ، وَوَاضِحٌ أَنَّ سَوْقَهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَهُ وَأَخَذَهَا حِسْبَةً لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ، فَإِنْ رَدَّهَا إلَيْهِ ضَمِنَ.

وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ: أَيْ حَيْثُ تَلِفَتْ بِلَا تَقْصِيرٍ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ حَجّ عَدَمُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ خَوْفَ ضَيَاعِهَا سَوَّغَ وَضْعَ يَدِهِ عَلَيْهَا فَكَأَنَّهُ بِذَلِكَ الْتَزَمَ حِفْظَهَا (قَوْلُهُ: بِلَا تَسْلِيطٍ) أَيْ فَإِنْ كَانَ بِتَسْلِيطٍ مِنْهُ ضَمِنَ مُمَيِّزًا كَانَ الصَّبِيُّ أَمْ لَا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ.

(قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ أَوْدَعَهُ نَاقِصٌ) كَصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ: أَيْ الصَّبِيَّ (قَوْلُهُ: أَمَّا السَّفِيهُ الْمُهْمِلُ) أَيْ وَهُوَ مَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِدِينِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ بَذَّرَ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَوْ فَسَقَ (قَوْلُهُ: وَالْقِنُّ) أَيْ وَلَوْ بَالِغًا عَاقِلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَرَّطَ) عِبَارَةُ عُمَيْرَةَ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: حُكْمُ الْعَبْدِ كَالصَّبِيِّ إلَّا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِ الْعَبْدِ بِتَفْرِيطٍ ضَمِنَ انْتَهَى.

وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ وَبِالْحَجْرِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ أَنَّهَا تَصِيرُ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً) قَالَ سم عَلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ فَاسِدُ الْوَدِيعَةِ كَصَحِيحِهَا) أَيْ بِقَوْلِهِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ الْمُعْتَبَرِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ لَا يَصِحُّ بِإِطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) لَعَلَّهُ فِي الْبَيْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>