للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بِمَحَلِّهَا فَوْرًا عِنْدَ تَمَكُّنِهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ كَضَالَّةٍ وَجَدَهَا وَعَرَفَ مَالِكَهَا فَإِنْ غَابَ رَدَّهَا لِلْحَاكِمِ: أَيْ الْأَمِينِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي وَإِلَّا ضَمِنَ.

(وَلَهُمَا) يَعْنِي لِلْمَالِكِ (الِاسْتِرْدَادُ وَ) لِلْوَدِيعِ (الرَّدُّ كُلَّ وَقْتٍ) لِجَوَازِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ نَعَمْ يَحْرُمُ الرَّدُّ حَيْثُ وَجَبَ الْقَبُولُ وَيَكُونُ خِلَافَ الْأُولَى حَيْثُ نُدِبَ وَلَمْ يَرْضَهُ الْمَالِكُ، وَتَثْنِيَةُ الضَّمِّ هُنَا لَا يُنَافِيهَا إفْرَادُهُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا سِيَاقٌ آخَرُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِذَلِكَ بَلْ يَلْزَمُ عَلَى تَعَلُّقِهِ بِهِ فَسَادُ الْحُكْمِ وَهُوَ تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَلَهُمَا بِحَالَةِ ارْتِفَاعِهَا وَلَا قَائِلَ بِهِ (وَأَصْلُهَا) وَلَوْ بِجُعْلٍ وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً بِقَيْدِهَا السَّابِقِ (الْأَمَانَةُ) بِمَعْنَى أَنَّهَا مُتَأَصِّلَةٌ فِيهَا لَا تَبَعٌ كَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهَا أَمَانَةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: ٢٨٣] وَلِئَلَّا تَرْغَبَ النَّاسُ عَنْهَا.

وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ رُكُوبَهَا أَوْ لُبْسَهَا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ أَمَانَةً وَبَعْدَهُ عَارِيَّةً فَاسِدَةً.

(وَقَدْ) (تَصِيرُ الْوَدِيعَةُ مَضْمُونَةً) عَلَى الْوَدِيعِ بِالتَّقْصِيرِ فِيهَا (لِعَوَارِضَ) وَلَهُ أَسْبَابٌ أَشَارَ إلَى بَعْضِهَا فَقَالَ (مِنْهَا أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ) وَلَوْ وَلَدَهُ وَزَوْجَتَهُ وَقِنَّهُ، نَعَمْ كَمَا يَأْتِي الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ حَيْثُ لَمْ تَزَلْ يَدُهُ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ (بِلَا إذْنٍ وَلَا عُذْرٍ فَيَضْمَنُ) الْوَدِيعَةَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَرْضَ بِأَمَانَةِ غَيْرِهِ وَلَا يَدِهِ أَيْ فَيَكُونُ طَرِيقًا فِي ضَمَانِهَا وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ، فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ وَيَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ جَاهِلًا، أَمَّا الْعَامُّ فَلَا؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ، أَوْ الْأَوَّلُ رَجَعَ عَلَى الثَّانِي إنْ عَلِمَ لَا إنْ جَهِلَ (وَقِيلَ إنْ أَوْدَعَ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَإِنْ غَابَ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْضَى بِهِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ طَالَتْ غَيْبَةُ الْمَالِكِ فَيَضْمَنُ عَلَى الْأَوَّلِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، وَيَلْزَمُ الْقَاضِيَ قَبُولُ عَيْنٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

حَجّ: ظَاهِرُهُ الرُّجُوعُ لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَبِكُلِّ فِعْلٍ مُضَمَّنٍ بَلْ وَبِقَوْلِهِ وَبِالْإِقْرَارِ بِهَا لِآخَرَ إذْ مَعَ صُدُورِ الْفِعْلِ الْمُضَمَّنِ الْمُقْتَضِي لِلتَّعَدِّي كَيْفَ تَثْبُتُ الْأَمَانَةُ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ وَفَائِدَةَ الِارْتِفَاعِ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَرْتَفِعُ بِمَوْتٍ إلَخْ، وَتَعْلِيلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا بِالْفِعْلِ الْمُضَمَّنِ لَا تَصِيرُ أَمَانَةً لِتَعَدِّيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَحَلِّهَا فَوْرًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ كَضَالَّةٍ) وَمِنْهَا قِنٌّ أَوْ حَيَوَانٌ هَرَبَ مِنْ مَالِكِهِ وَدَخَلَ فِي دَارِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ إلَى أَنْ يَعْلَمَ مَالِكُهُ، فَلَوْ تَرَكَهُ حَتَّى خَرَجَ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ.

(قَوْلُهُ بِقَيْدِهَا السَّابِقِ) وَهُوَ كَوْنُ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا بِإِذْنٍ مُعْتَبَرٍ مِنْ الْمَالِكِ ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ عَارِيَّةً فَاسِدَةً) اُنْظُرْ وَجْهَ الْفَسَادِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ فَسَادِهَا أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْإِعَارَةَ فِيهَا مَقْصُودَةً وَإِنَّمَا جَعَلَهَا شَرْطًا فِي مُقَابَلَةِ الْحِفْظِ.

(قَوْلُهُ وَزَوْجَتَهُ وَقِنَّهُ) أَيْ أَوْ الْقَاضِيَ أَيْضًا وَإِيدَاعُهُمْ بِأَنْ يَرْفَعَ يَدَهُ عَنْهَا وَيُفَوِّضَ أَمْرَ حِفْظِهَا إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ كَمَا يَأْتِي) الْأَوْلَى جَعْلُهُ خَارِجًا بِقَوْلِهِ أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الِاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِهِ لَيْسَ إيدَاعًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ تَزُلْ يَدُهُ) أَيْ بِأَنْ يُعَدَّ حَافِظًا لَهَا عُرْفًا (قَوْلُهُ: أَوْ الْأَوَّلُ) أَيْ وَإِنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْقَاضِي قَبُولُ عَيْنٍ) وَهُوَ وَاضِحٌ وَإِنْ جَازَ لِمَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ دَفْعُهَا لَهُ أَمَّا عِنْدَ امْتِنَاعِهِ فَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ، وَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَى إذَا كَانَ لِلْوَدِيعِ عُذْرٌ خِلَافَ الظَّاهِرِ، فَإِنَّ الْكَلَامَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرْضَهُ الْمَالِكُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ الرُّكُوبِ أَوْ اللُّبْسِ

(قَوْلُهُ: بِالتَّقْصِيرِ فِيهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الصَّرْفَ صَارَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ تَصِيرُ مَضْمُونَةً بَدَلًا عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِعَوَارِضَ وَانْظُرْ بِمَاذَا يَصِيرُ هَذَا مُتَعَلِّقًا حِينَئِذٍ، وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالتَّقْصِيرِ كَمَا لَا يَخْفَى وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ كَوْنُهُ بَدَلًا مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَسْبَابٌ) أَيْ لِلتَّقْصِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الثَّانِي إذَا تَلِفَتْ عِنْدَهُ جَاهِلًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ الْأَوَّلَ) مُرَادُهُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ الثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ لَكِنَّ الْعِبَارَةَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُنْسَجِمَةٍ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ فِي الْأُولَى نَصُّهَا: فَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِي إلَخْ، فَصَحَّ لَهُ هَذَا الْعَطْفُ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>