للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِغَائِبٍ إنْ كَانَتْ أَمَانَةً، بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَالْمَضْمُونَةِ كَمَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ قُبَيْلَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُمَا فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ وَيَدِ الضَّامِنِ أَحْفَظُ، أَمَّا مَعَ الْعُذْرِ كَسَفَرٍ: أَيْ مُبَاحٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَمَرَضٍ وَخَوْفٍ فَلَا يَضْمَنُ بِإِيدَاعِهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمَالِكِ وَوَكِيلِهِ لِقَاضٍ: أَيْ أَمِينٍ ثُمَّ لِعَدْلٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَمَا نُوزِعَ بِهِ فِي التَّقْيِيدِ بِالْمُبَاحِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ إيدَاعَهَا رُخْصَةٌ فَلَا يُبِيحُهَا سَفَرُ الْمَعْصِيَةِ (وَإِذَا لَمْ يُزِلْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (يَدَهُ عَنْهَا جَازَتْ) لَهُ (الِاسْتِعَانَةُ بِمَنْ يَحْمِلُهَا) وَلَوْ خَفِيفَةً أَمْكَنَهُ حَمْلُهَا بِلَا مَشَقَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ (إلَى الْحِرْزِ) أَوْ يَحْفَظُهَا وَلَوْ أَجْنَبِيًّا إنْ بَقِيَ نَظَرُهُ عَلَيْهَا كَالْعَادَةِ، وَالْأَقْرَبُ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ ثِقَةً إنْ غَابَ عَنْهُ لَا إنْ لَازَمَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ الْآتِي وَلَوْ أَرْسَلَهَا مَعَ مَنْ يَسْقِيهَا وَهُوَ غَيْرُ ثِقَةٍ ضَمِنَهَا (أَوْ يَضَعُهَا فِي خِزَانَةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ مِنْ خَشَبٍ أَوْ بِنَاءٍ مَثَلًا كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَيَظْهَرُ اشْتِرَاطُ مُلَاحَظَتِهِ لَهَا وَعَدَمُ تَمْكِينِ الْغَيْرِ مِنْهَا إلَّا إنْ كَانَ ثِقَةً.

(وَإِذَا) (أَرَادَ) الْوَدِيعُ (سَفَرًا) مُبَاحًا كَمَا مَرَّ وَإِنْ قَصُرَ وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُبَاحِ بِالنِّسْبَةِ لِرَدِّهَا لِغَيْرِ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ أَمَّا لَهُمَا فَلَا (فَلْيَرُدَّ إلَى الْمَالِكِ) أَوْ وَلِيِّهِ (أَوْ وَكِيلِهِ) الْعَامِّ أَوْ الْخَاصِّ بِهَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ بِبَقَائِهَا عِنْدَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ قَصِيرًا كَخُرُوجٍ لِنَحْوِ مَيْلٍ مَعَ سُرْعَةِ عَوْدِهِ، وَمَتَى رَدَّهَا مَعَ وُجُودِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا لِقَاضٍ أَوْ عَدْلٍ ضَمِنَ، وَقَدْ يُقَالُ بِمَنْعِ دَفْعِهَا لِوَكِيلِهِ إذَا عُلِمَ فِسْقُهُ وَجَهِلَهُ الْمُوَكِّلُ وَعُلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ فِسْقَهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ (فَإِنْ فَقَدَهُمَا) لِغَيْبَةٍ طَوِيلَةٍ بِأَنْ كَانَتْ مَسَافَةَ قَصْرٍ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي عَدْلِ الرَّهْنِ أَوْ حُبِسَ مَعَ عَدَمِ تَمَكُّنِ الْوُصُولِ لَهُمَا (فَالْقَاضِي) يَرُدُّهَا إلَيْهِ إنْ كَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ تَصْرِيحِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْغَائِبِ وَيَلْزَمُهُ الْقَبُولُ كَمَا مَرَّ وَالْإِشْهَادُ عَلَى نَفْسِهِ بِقَبْضِهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِدَفْعِهَا لِأَمِينٍ كَفَى إذْ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا بِنَفْسِهِ كَمَا مَرَّ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا بِنَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ مَالِكُهَا مَحْبُوسًا بِالْبَلَدِ وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ لَهُ فَكَالْغَائِبِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيْبِ، وَيُقَاسُ بِالْحَبْسِ التَّوَارِي وَنَحْوُهُ (فَإِنْ فَقَدَهُ فَأَمِينٌ) بِالْبَلَدِ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِتَأْخِيرِ السَّفَرِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ بِقَبْضِهَا؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ، أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ كَمَا فِي الْحَاكِمِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ أُبَّهَتَهُ تَأْبَى الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ غَيْرُ مُجْدٍ، وَمَتَى تَرَكَ هَذَا التَّرْتِيبَ ضَمِنَ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ

قَالَ الْفَارِقِيُّ: إلَّا فِي زَمَنِنَا فَلَا يَضْمَنُ بِالْإِيدَاعِ ثِقَةٌ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي قَطْعًا لِمَا ظَهَرَ مِنْ فَسَادِ الْحُكَّامِ، وَذَكَرَ أَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى الْإِيدَاعِ عِنْدَ الْعُذْرِ يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الدَّيْنِ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ فَوَاتُ مَا ذَكَرَ لِفَلَسٍ أَوْ حَجْرٍ أَوْ فِسْقٍ وَإِلَّا وَجَبَ أَخْذُهُ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا (قَوْلُهُ: الْمَضْمُونَةِ) أَيْ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا (قَوْلُهُ: أَيْ مُبَاحٍ) وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا يُبِيحُهَا سَفَرُ الْمَعْصِيَةِ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُبَاحِ غَيْرَ الْحَرَامِ فَشَمَلَ الْمَكْرُوهَ (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَازَمَهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا كَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ حَيْثُ لَازَمَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَضَعُهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ يَحْمِلُهَا.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ بِمَنْعِ دَفْعِهَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِدَفْعِهَا لِأَمِينٍ كَفَى) وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْأَمِينِ؛ لِأَنَّهُ بِاسْتِنَابَةِ الْقَاضِي لَهُ صَارَ أَمِينَ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ لَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَشَقَّةُ الْقَوِيَّةُ الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فِي مِثْلِ هَذِهِ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا عَدَمُهُ) أَيْ فَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ حَيْثُ اعْتَرَفَ الْأَمِينُ بِأَخْذِهَا أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْأَمِينُ أَخْذَهَا مِنْهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْوَدِيعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) جَرَى عَلَى الْفَرْقِ حَجّ (قَوْلُهُ: قَالَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَدَلَ عَنْهَا أَنْ يَزِيدَ وَاوًا قَبْلَ قَوْلِهِ رَجَعَ

(قَوْلُهُ: أَوْ حَبْسٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى غَيْبَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِدَفْعِهَا لِأَمِينٍ كَفَى) أَيْ كَفَى الْحَاكِمُ فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْإِثْمِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا بِنَفْسِهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ التَّعْلِيلِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مَالِكُهَا مَحْبُوسًا) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ قَرِيبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>