للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْخَهُ الشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ أَمَرَهُ فِي نَحْوِ ذَلِكَ بِالدَّفْعِ لِلْحَاكِمِ فَتَوَقَّفَ فَقَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ التَّحْقِيقُ الْيَوْمَ تَخْرِيقٌ أَوْ تَمْزِيقٌ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ عُدُولِهِ بِهَا عَنْ الْحَاكِمِ الْجَائِرِ عِنْدَ أَمْنِهِ عَلَى نَحْوِ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ سَفَرَهُ بِهَا خَيْرٌ مِنْ دَفْعِهَا لِلْجَائِرِ، وَلَوْ عَادَ الْوَدِيعُ مِنْ سَفَرِهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِمَامَ وَلَوْ أَذِنَهُ مَالِكُهَا فِي السَّفَرِ بِهَا إلَى بَلَدِ كَذَا فِي طَرِيقِ كَذَا فَسَافَرَ فِي غَيْرِ تِلْكَ الطَّرِيقِ وَوَصَلَ لِتِلْكَ الْبَلْدَةِ فَنُهِبَتْ مِنْهُ ضَمِنَهَا لِدُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ عُدُولِهِ عَنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ الْمَأْذُونِ فِيهَا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْبَلَدِ طَرِيقَانِ تَعَيَّنَ سُلُوكُ أَكْثَرِهِمَا أَمْنًا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَأَقْصَرُهُمَا.

(فَإِنْ) (دَفَنَهَا بِمَوْضِعٍ) وَلَوْ فِي حِرْزٍ (وَسَافَرَ) (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلضَّيَاعِ (فَإِنْ أَعْلَمَ بِهَا أَمِينًا) وَإِنْ لَمْ يُرِهِ إيَّاهَا (يَسْكُنُ الْمَوْضِعَ) وَهُوَ حِرْزُ مِثْلِهَا أَوْ يُرَاقِبُهُ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ أَوْ مِنْ فَوْقِ مُرَاقَبَةِ الْحَارِسِ وَاكْتَفَى جَمْعٌ بِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ (لَمْ يَضْمَنْ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْمَوْضِعِ فِي يَدِ سَاكِنِهِ فَكَأَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ

وَالثَّانِي يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا إعْلَامٌ لَا إيدَاعٌ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَاكِمِ الْأَمِينِ وَإِلَّا ضَمِنَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَهَذَا الْإِعْلَامُ لَيْسَ بِإِشْهَادٍ وَإِنَّمَا هُوَ ائْتِمَانٌ، فَيَكْفِي إعْلَامُ امْرَأَةٍ وَإِنْ لَمْ تَحْضُرْهُ، وَعَلَيْهِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ هُنَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ (وَلَوْ سَافَرَ) مَنْ أَوْدَعَهَا فِي الْحَضَرِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مِنْ عَادَتِهِ السَّفَرَ أَوْ الِانْتِجَاعَ (بِهَا) وَقَدَرَ عَلَى دَفْعِهَا لِمَنْ مَرَّ بِتَرْتِيبِهِ (ضَمِنَ) وَإِنْ كَانَ فِي بَرٍّ آمِنٍ؛ لِأَنَّ حِرْزَ السَّفَرِ دُونَ حِرْزِ الْحَضَرِ وَمِنْ ثَمَّ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ الْمُسَافِرُ وَمَالُهُ عَلَى قَلَتٍ: أَيْ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْقَافِ هَلَاكٍ إلَّا مَا وَقَى اللَّهُ، وَقَدْ وَهِمَ مَنْ رَوَاهُ حَدِيثًا، كَذَا نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمِمَّنْ رَوَاهُ حَدِيثًا الدَّيْلَمِيُّ وَابْنُ الْأَثِيرِ وَسَنَدُهُمَا ضَعِيفٌ لَا مَوْضُوعٌ.

أَمَّا إذَا أَوْدَعَهَا فِي السَّفَرِ فَاسْتَمَرَّ مُسَافِرًا أَوْ أَوْدَعَ بَدَوِيًّا وَلَوْ فِي الْحَضَرِ أَوْ مُنْتَجِعًا فَانْتَجَعَ بِهَا فَلَا ضَمَانَ لِرِضَا الْمَالِكِ بِذَلِكَ حِينَ أَوْدَعَهُ عَالِمًا بِحَالِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَوْدَعَهُ فِيهِ لِقُرْبِهِ مِنْ بَلَدِهِ امْتَنَعَ إنْشَاؤُهُ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْفَارِقِيُّ) هُوَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْفَارِقِيُّ وُلِدَ بِمَيَّافارِقِينَ عَاشِرَ رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَتَفَقَّهَ بِهَا عَلَى الْكَازَرُونِيِّ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَحَلَ إلَى بَغْدَادَ فَأَخَذَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَلَازَمَهُ وَسَمِعَ عَلَيْهِ كِتَابَ الْمُهَذَّبِ وَحَفِظَهُ، وَتُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ عَنْ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَمِنْ أَصْحَابِنَا آخَرُ يُقَالُ لَهُ الْفَارِقِيُّ، وَهُوَ أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ السُّلَمِيُّ يَأْتِي فِي الْأَسْمَاءِ الزَّائِدَةِ، وَحَيْثُ نَقَلُوا عَنْ الْفَارِقِيِّ فَمُرَادُهُمْ الْأَوَّلُ انْتَهَى طَبَقَاتُ الْإِسْنَوِيِّ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ (قَوْلُهُ: تَخْرِيقٌ) أَيْ لِغَرَضِ مَنْ طَلَبَ التَّحْقِيقَ وَإِجْرَاءَ الْأُمُورِ عَلَى وَجْهِهَا بَاطِنًا، فَيَنْبَغِي لِمَنْ أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي أَمْرٍ مَا أَنْ يُجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: خَيْرٌ مِنْ دَفْعِهَا لِلْجَائِرِ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ الدَّفْعِ إلَيْهِ مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ جَائِرًا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْفَارِقِيِّ يَحْرُمُ خِلَافُهُ، وَعَلَيْهِ فَحَيْثُ لَمْ يَجِدْ أَمِينًا أَوْ خَافَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ سَافَرَ بِهَا حَيْثُ تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ فِي سَفَرِهِ بِهَا إلَى مُؤْنَةٍ لِحَمْلِهَا مَثَلًا صَرَفَهَا وَرَجَعَ بِهَا إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَصْرِفُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا) أَيْ مِنْ الْقَاضِي أَوْ الْأَمِينِ أَيْ وَلَهُ تَرْكُهَا عِنْدَهُمَا، وَلَا يُقَالُ إنَّمَا جَازَ دَفْعُهَا لَهُمَا لِضَرُورَةِ السَّفَرِ وَقَدْ زَالَتْ فَيَجِبُ الِاسْتِرْدَادُ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ عُدُولِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَسْهَلَ مِنْ الْأُولَى أَوْ أَكْثَرَ أَمْنًا مِنْهَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي السَّفَرِ بِهَا مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ بَلْ مَنْهِيٌّ.

عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِسُلُوكِ الْأُولَى نَهْيٌ عَنْ سُلُوكِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ سُلُوكُ أَكْثَرِهِمَا أَمْنًا) أَيْ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ أَطْلَقَ فِي الْإِذْنِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ طَرِيقًا أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي الْأَطْوَلِ اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ وَاكْتَفَى جَمْعٌ) ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ بِكَوْنِهِ: أَيْ الْحِرْزِ، وَقَوْلُهُ فِي يَدِهِ: أَيْ السَّاكِنِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْبَلَدِ طَرِيقَانِ إلَخْ) كَأَنْ هَذَا غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِمَا قَبْلَهُ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَوْدَعَهُ) أَيْ الْمُسَافِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>