للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِسَفَرٍ ثَانٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ (إلَّا إذَا وَقَعَ حَرِيقٌ أَوْ غَارَةٌ وَعَجَزَ عَمَّنْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ) مِنْ مَالِكٍ أَوْ وَكِيلِهِ ثُمَّ حَاكِمٍ ثُمَّ أَمِينٍ (كَمَا سَبَقَ) قَرِيبًا فَلَا يَضْمَنُ لِعُذْرِهِ بَلْ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُنَجِّيهَا مِنْ الْهَلَاكِ إلَّا السَّفَرُ بِهَا لَزِمَهُ وَلَوْ مَخُوفًا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ احْتِمَالُ الْخَوْفِ فِي الْحَضَرِ أَقْرَبَ جَازَ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ لَمْ يَبْعُدْ، وَقَوْلُهُ وَعَجَزَ بِمَعْنَى أَوْ فَوُجُودُ الْعَجْزِ كَافٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ قَبْلُ وَلَوْ حَدَثَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ أَقَامَ بِهَا، فَإِنْ هَجَمَ عَلَيْهِ الْقُطَّاعُ فَطَرَحَهَا بِمَضْيَعَةٍ لِيَحْفَظَهَا فَضَاعَتْ ضَمِنَ، وَكَذَا لَوْ دَفَنَهَا خَوْفًا مِنْهُمْ عِنْدَ إقْبَالِهِمْ ثُمَّ أَضَلَّ مَوْضِعَهَا كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى تُؤْخَذَ مِنْهُ فَتَصِيرَ مَضْمُونَةً عَلَى آخِذِهَا.

(وَالْحَرِيقُ وَالْغَارَةُ) الْأَفْصَحُ الْإِغَارَةُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَمَا اسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا الْأَثَرُ وَهُوَ الْعُذْرُ فِي الْحَقِيقَةِ (فِي الْبُقْعَةِ وَإِشْرَافُ الْحِرْزِ عَلَى الْخَرَابِ) وَلَمْ يَجِدْ فِي الْكُلِّ حِرْزًا يَنْقُلُهَا إلَيْهِ (أَعْذَارٌ كَالسَّفَرِ) فِي جَوَازِ إيدَاعِ مَنْ مَرَّ بِتَرْتِيبِهِ (وَإِذَا) (مَرِضَ) مَرَضًا (مَخُوفًا) (فَلْيَرُدَّهَا إلَى الْمَالِكِ) أَوْ وَلِيِّهِ (أَوْ وَكِيلِهِ) الْعَامِّ أَوْ الْخَاصِّ بِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهَا لِأَحَدِهِمَا (فَالْحَاكِمُ) الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ يَرُدُّهَا إلَيْهِ (أَوْ أَمِينٌ) يَرُدُّهَا إلَيْهِ إنْ فُقِدَ الْحَاكِمُ وَسَوَاءٌ فِيهِ هُنَا وَفِي الْوَصِيَّةِ الْوَارِثُ وَغَيْرُهُ، فَإِنْ ظَنَّهُ أَمِينًا فَبَانَ غَيْرُهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الضَّمَانِ

وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ وَضْعِ يَدِ الْمَظْنُونِ أَمَانَتَهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَدِيعِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ إذْ لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا فِعْلًا (أَوْ) عَطْفٌ عَلَى مَا بَعْدَ إلَّا لِيُفِيدَ ضَعْفَ قَوْلِ التَّهْذِيبِ تَكْفِيهِ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهَا لِمَالِكِهَا (يُوصِي بِهَا) إلَى الْحَاكِمِ، فَإِنْ فَقَدَهُ فَإِلَى أَمِينٍ كَمَا أَوْمَأَ إلَيْهِ كَلَامُهُ الْمَارُّ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَمِينِ فِي الدَّفْعِ، فَكَذَا فِي الْإِيصَاءِ فَالتَّخْيِيرُ الْمَذْكُورُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ، وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ الْإِعْلَامُ بِهَا وَوَصْفُهَا بِمَا يُمَيِّزُهَا أَوْ يُشِيرُ لِعَيْنِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ وَيَأْمُرُ بِالرَّدِّ إنْ مَاتَ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْإِشْهَادِ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَوْ وَصَفَهُ فَلَا ضَمَانَ كَمَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَإِنْ أَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لِخِلَافِهِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ مِنْ قِيَاسِ الْأَمِينِ عَلَى الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ وَلَوْ مَخُوفًا) أَيْ وَيَأْتِي فِي الْمُؤْنَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا فِي السَّفَرِ الْوَدِيعَةِ مَا مَرَّ وَإِنْ كَانَتْ الْمُؤْنَةُ فِيمَا يَحْتَاجُ الْوَدِيعُ إلَيْهِ فِي السَّفَرِ لِأَجْلِهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ) أَيْ حَيْثُ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَضَاعَتْ ضَمِنَ) أَيْ وَإِنْ جَهِلَ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِالْحُكْمِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ.

(قَوْلُهُ الْأَفْصَحُ الْإِغَارَةُ) فِيهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَمِينِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَا يُؤَثِّرُ) أَقُولُ: قَدْ يُتَوَقَّفُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ جَهْلًا بِالْحُكْمِ بَلْ جَهْلٌ بِحَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ نِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ فِي دَفْعِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُوصِي بِهَا، وَقَوْلُهُ مِنْ الْإِشْهَادِ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ وَصَفَهُ فَلَا ضَمَانَ) أَيْ عَلَى.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ وَعَجَزَ بِمَعْنَى أَوْ فَوُجُودُ الْعَجْزِ كَافٍ) يَلْزَمُ عَلَى جَعْلِهَا بِمَعْنَى أَوْ وَإِنْ أَفَادَ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ وُقُوعِ الْحَرِيقِ أَوْ الْغَارَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَمَّنْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْمَدَارَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْعَجْزِ خَاصَّةً، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ مِنْ الْعُذْرِ وَالْعَجْزِ الْمَذْكُورَيْنِ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْعَجْزُ كَافٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ) نَظَرَ فِيهِ الشِّهَابُ سم وَالنَّظَرُ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: الْأَفْصَحُ الْإِغَارَةُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ نَظَرٌ. اهـ. وَكَأَنَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّ قَوْلَهُ الْأَفْصَحُ الْإِغَارَةُ مَعْنَاهُ أَنَّ فِيهِ لُغَتَيْنِ الْإِغَارَةُ وَالْغَارَةُ غَيْرَ أَنَّ أُولَاهُمَا أَفْصَحُ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا الْأَثَرُ يُنَاقِضُ ذَلِكَ وَأَنَّ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ إنَّمَا هِيَ الْإِغَارَةُ فَقَطْ وَأَنَّ الْغَارَةَ أَثَرُهَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يُتَعَقَّلُ كَوْنُ الْغَارَةِ أَثَرًا لِلْإِغَارَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَدِيعِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ رَدُّهَا إلَى غَيْرِ أَمِينٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَهَلْ يَضْمَنُ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الرَّدِّ إلَى أَمِينٍ الَّذِي هُوَ مُخَاطَبٌ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَمِينَ صَارَ كَالْعَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>