للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فِي وَارِثٍ لِوَكِيلٍ وَرَجَّحَاهُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ جَهِلَ حَالَهَا وَلَمْ يَقُلْ الْوَارِثُ شَيْئًا بَلْ قَالَ لَا أَعْلَمُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قِيلَ إنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الضَّمَانُ هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ تَعَدِّيه فِيهِ.

قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: أَوْ يُوجَدُ فِي تَرِكَتِهِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ فِي صُورَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ قَاضِيًا أَوْ نَائِبَهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا إنْ تَحَقَّقَتْ خِيَانَتُهُ أَوْ تَفْرِيطُهُ مَاتَ عَنْ مَرَضٍ أَوْ لَا وَمَحَلُّهُ فِي الْأَمِينِ نَظِيرُ مَا مَرَّ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَارِثِ الْأَمِينِ أَنَّهُ رَدَّ بِنَفْسِهِ أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ أَيْ وَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَسَائِرُ الْأُمَنَاءِ كَالْوَدِيعِ فِيمَا تَقَرَّرَ.

(وَمِنْهَا) مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (إذَا) (نَقَلَهَا) لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ (مِنْ مَحَلَّةٍ) إلَى مَحَلَّةٍ أُخْرَى (أَوْ دَارٍ إلَى) دَارٍ (أُخْرَى دُونَهَا فِي الْحِرْزِ) وَلَوْ حَرَزَ مِثْلَهَا (ضَمِنَ) لِتَعْرِيضِهَا لِلتَّلَفِ سَوَاءٌ أَتَلِفَ بِسَبَبِ النَّقْلِ أَمْ لَا.

نَعَمْ إنْ نَقَلَهَا بِظَنِّ الْمِلْكِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَفَعَ بِهَا بِظَنِّهِ؛ لِأَنَّ التَّعَدِّيَ هُنَا أَعْظَمُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ دُونَهُ بِأَنْ تَسَاوَيَا فِيهِ أَوْ كَانَ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ أَحْرَزُ (فَلَا) يَضْمَنُ لِعَدَمِ التَّفْرِيطِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ وَخَرَجَ بِإِلَى أُخْرَى نَقْلُهَا بِلَا نِيَّةِ تَعَدٍّ مِنْ بَيْتٍ إلَى بَيْتٍ فِي دَارٍ أَوْ خَانٍ وَاحِدٍ فَلَا ضَمَانَ بِهِ حَيْثُ كَانَ الثَّانِي حِرْزَ مِثْلِهَا، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ نَقَلَهَا إلَى مَحَلَّةٍ أَوْ دَارٍ هِيَ حِرْزُ مِثْلِهَا مِنْ أَحْرَزَ مِنْهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَالِكُ حِرْزًا لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ الِاتِّفَاقَ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ انْتَهَى.

وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُسِبَ لِلشَّيْخَيْنِ الْجَزْمُ بِخِلَافِهِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِي السَّبَبِ الرَّابِعِ، وَقَدْ أَطْلَقَا فِي السَّبَبِ الثَّامِنِ الْجَزْمَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ بِالنَّقْلِ إلَى حِرْزِ مِثْلِهَا مِنْ أَحْرَزَ مِنْهُ وَذَكَرَا فِيمَا لَوْ عَيَّنَ الْمَالِكُ حِرْزًا كَقَوْلِهِ احْفَظْهَا فِي هَذَا الْبَيْتِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا بِنَقْلِهَا إلَى بَيْتٍ مِثْلِهِ، إلَّا إنْ تَلِفَتْ بِسَبَبِ النَّقْلِ كَانْهِدَامِ الْبَيْتِ الثَّانِي وَالسَّرِقَةِ مِنْهُ، وَذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ مَعَهُمَا الْغَصْبَ مِنْهُ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمَا اعْتِمَادُ إلْحَاقِهِ بِالْمَوْتِ وَجَمَعَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كَلَامِ الْأَنْوَارِ فِيمَا إذَا كَانَ سَبَبُ الْغَصْبِ النَّقْلَ وَكَلَامُهُمَا فِي خِلَافِهِ، فَلَوْ ضَمَّ إلَى تَعْيِينِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَدَعْوَاهُ: أَيْ الْوَارِثِ، وَقَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ: أَيْ الْوَارِثِ، وَقَوْلُهُ أَنَّهُ رَدَّ بِنَفْسِهِ: أَيْ الْوَارِثِ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ نَقَلَهَا بِظَنِّ الْمِلْكِ) أَيْ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) يُتَأَمَّلُ أَيْ شَيْءٌ تَقَرَّرَ فِي كَلَامِهِ يُعْلَمُ مِنْهُ هَذَا، بَلْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَمِنْهَا إذَا نَقَلَهَا مِنْ مَحَلَّةِ أَوْ دَارٍ إلَخْ خِلَافُهُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ هِيَ عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ حِرْزَ مِثْلِهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحُكْمُ فِيمَا لَوْ نَقَلَهَا مِنْ دَارٍ إلَى أُخْرَى وَهِيَ دُونَهَا فِي الْحِفْظِ فِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا إلَخْ، وَقِيلَ يَضْمَنُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلَوْ حِرْزَ مِثْلِهَا، فَكَأَنَّهُ ذَكَرَ الْأُولَى مُجَارَاةً لِظَاهِرِ الْمَتْنِ وَبَيَّنَ مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَجّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ حِرْزَ مِثْلِهَا وَزَادَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الِانْهِدَامِ وَالسَّرِقَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَيْ وَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ) كَانَ الظَّاهِرُ: أَيْ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الرَّدِّ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي تَظْهَرُ فِيهِ الثَّمَرَةُ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت وَالِدَ الشَّارِحِ ذَكَرَ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ الْمَتْنَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَيَّنَ الْمَالِكُ إلَخْ وَنَقَلَهُ عَنْ تَصْرِيحِ جَمَاعَةٍ بِهِ، فَكَأَنَّ الشَّارِحَ تَبِعَ وَالِدَهُ فِي ذَلِكَ وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ قَيَّدَ الْمَتْنَ فِيمَا مَرَّ بِالتَّعْيِينِ فَقَالَ هُنَا وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَثْبَتَ التَّقْيِيدَ الْمَذْكُورَ وَأَسْقَطَهُ النُّسَّاخُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ مُحْتَرَزُ ذَلِكَ الْقَيْدِ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ الْمَتْنَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَسَبَ) يَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ: أَيْ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِمَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ كَلَامَهُمَا فِيمَا إذَا عَيَّنَ الْمَالِكُ الْحِرْزَ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ) أَيْ حَمْلًا لَهُمَا عَلَى ظَاهِرِهِمَا، وَإِلَّا فَهُمَا مَحْمُولَانِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>