غَنِيمَةً، لَكِنَّهُ لَمَّا حَصَلَ التَّقَابُلُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ حُصُولِ الْقِتَالِ فَلَا يُرَدُّ عَلَى كَلَامِهِ (وَمَالُ) وَاخْتِصَاصُ (مُرْتَدٍّ قُتِلَ أَوْ مَاتَ) عَلَى الرِّدَّةِ (وَ) مَالُ (ذِمِّيٍّ) أَوْ مُعَاهِدٍ أَوْ مُؤَمَّنٍ (مَاتَ بِلَا وَارِثٍ) مُسْتَغْرِقٍ بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا أَصْلًا أَوْ تَرَكَ وَارِثًا غَيْرَ جَائِزٍ فَجَمِيعُ مَالِهِ فِي الْأُولَى وَمَا فَضَلَ عَنْ وَارِثِهِ فِي الثَّانِيَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا بَيَّنَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْحَدِّ بِسَبَبِ شُمُولِهِ لِمَا أَهْدَاهُ كَافِرٌ لَنَا فِي غَيْرِ حَرْبٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِفَيْءٍ وَلَا غَنِيمَةٍ مَعَ صِدْقِ تَعْرِيفِ الْفَيْءِ عَلَيْهِ وَلِمَا أُخِذَ بِسَرِقَةٍ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مَعَ أَنَّهُ غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ، وَكَذَا مَا أَهْدَوْهُ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ نَفْيِ الْقِتَالِ وَالْإِيجَافِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي حُصُولٍ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَنَحْوِهِ وَهَذَا حَاصِلٌ بِعَقْدٍ أَوْ نَحْوِهِ، فَمِنْ ثَمَّ اُتُّجِهَ حُكْمُهُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَيْءٍ وَلَا غَنِيمَةٍ وَاتَّجَهَ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَى حَدِّ الْفَيْءِ، وَكَأَنَّ السَّارِقَ لَمَّا خَاطَرَ كَانَ فِي مَعْنَى الْمُقَاتِلِ، عَلَى أَنَّهُ سَيَذْكُرُ حُكْمَهُ فِي السِّيَرِ كَالْمُلْتَقِطِ الْأَظْهَرُ إيرَادٌ مِنْ السَّارِقِ لَوْلَا ذِكْرُهُ، ثُمَّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ غَنِيمَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُخَاطَرَةً أَيْضًا إذْ قَدْ يَتَّهِمُونَهُ بِأَنَّهُ سَرَقَهَا، عَلَى أَنَّ الْأَذْرَعِيُّ بَحَثَ أَنَّ أَخْذَ مَالِهِمْ بِدَارِنَا بِلَا أَمَانٍ كَهُوَ فِي دَارِهِمْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِيهِ مُخَاطَرَةً أَيْضًا بِخِلَافِ أَخْذِ الضَّالَّةِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ الْحَرْبَ لَمَّا كَانَتْ قَائِمَةً كَانَتْ فِي مَعْنَى الْقِتَالِ.
(فَيُخَمَّسُ) جَمِيعُ الْفَيْءِ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ مُتَسَاوِيَةٍ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فِي قَوْلِهِمْ بِصَرْفِ جَمِيعِهِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ
لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْغَنِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ بِالنَّصِّ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا رَاجِعٌ إلَيْنَا مِنْ الْكُفَّارِ وَاخْتِلَافُ السَّبَبِ بِالْقِتَالِ وَعَدَمِهِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ (وَخَمَّسَهُ لِخَمْسَةٍ) مُتَسَاوِيَةٍ (أَحَدُهَا مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ كَالثُّغُورِ) وَهِيَ مَحَالُّ الْخَوْفِ مِنْ أَطْرَافِ بِلَادِنَا فَتُشْحَنُ بِالْعُدَّةِ وَالْعَدَدِ (وَالْقُضَاةُ) أَيْ قُضَاةُ الْبِلَادِ لَا الْعَسْكَرُ وَهُمْ الَّذِينَ يَحْكُمُونَ لِأَهْلِ الْفَيْءِ فِي مَغْزَاهُمْ فَسَيُرْزَقُونَ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ لَا مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ كَأَئِمَّتِهِمْ وَمُؤَذِّنَيْهِمْ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَالْعُلَمَاءُ) يَعْنِي الْمُشْتَغِلِينَ بِعُلُومِ الشَّرْعِ وَآلَتِهَا، وَلَوْ مُبْتَدَئِينَ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ وَالْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ وَسَائِرِ مَنْ يَشْتَغِلُ عَنْ نَحْوِ كَسْبِهِ بِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَقَوْلُهُ لِنَحْوِ عَجْزٍ: أَيْ أَوْ ظَنِّهِمْ عَدُوًّا فَبَانَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ بِفَيْءٍ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهِيَ مَا أَهْدَاهُ كَافِرٌ لَنَا فِي غَيْرِ هَرَبٍ (قَوْلُهُ: إيرَادًا مِنْ السَّارِقِ) أَيْ مِمَّا سَرَقَهُ السَّارِقُ (قَوْلُهُ: كَهُوَ فِي دَارِهِمْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَخْذِ الضَّالَّةِ) وَيُؤْخَذُ تَعْلِيلُ مَا أَهْدَاهُ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ تَوْجِيهِ مَا ذَكَرَ فِيمَا جَعَلُوا عَنْهُ بَعْدَ تَقَابُلِ الْجَيْشَيْنِ.
(قَوْلُهُ: فَتُشْحَنُ بِالْعُدَّةِ) أَيْ آلَةِ الْحَرْبِ، وَقَوْلُهُ وَالْعَدَدِ كُلُّ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَغْنِيَاءَ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُهُ فِي الْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ وَسَائِرِ مَنْ يَشْتَغِلُ عَنْ نَحْوِ كَسْبِهِ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَأُلْحِقَ بِهِمْ الْعَاجِزُونَ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا يُكْتَبُ مِنْ الْجَامَكِيَّةِ لِلْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ مِنْ الْمُدَرِّسِينَ وَالْمُفْتِينَ وَالطَّلَبَةِ وَلَوْ مُبْتَدِئِينَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَيَسْتَحِقُّونَ مَا يُعَيَّنُ لَهُمْ مِمَّا يُوَازِي قِيَامَهُمْ بِذَلِكَ وَانْقِطَاعَهُمْ عَنْ أَكْسَابِهِمْ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِمَنْ يَتَصَرَّفُ فِي ذَلِكَ مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ فَيُقَدِّمُ الْأَحْوَجَ فَالْأَحْوَجَ وَيُفَاوِتُ بَيْنَهُمْ فِيمَا يُدْفَعُ لِهُمْ بِحَسَبِ مَرَاتِبِهِمْ وَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَالْعَطَاءُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، وَمَحَلُّ إعْطَاءِ الْمُدَرِّسِينَ وَالْأَئِمَّةِ وَنَحْوِهِمْ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ مَشْرُوطٌ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بَيْتِ الْمَالِ كَالْوَظَائِفِ الْمُعَيَّنَةِ لِلْإِمَامِ وَالْخَطِيبِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْوَاقِفِ لِلْمَسْجِدِ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ، وَلَمْ يُوَازِ تَعَبَهُمْ فِي الْوَظَائِفِ الَّتِي قَامُوا بِهَا دَفَعَ إلَيْهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ زِيَادَةً عَلَى مَا شُرِطَ لَهُمْ مِنْ جِهَةِ الْأَوْقَافِ (قَوْلُهُ: بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) كَمَنْ يَشْتَغِلُ
[حاشية الرشيدي]
كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُؤْخَذَ فَهُوَ بِالنَّصْبِ (قَوْلُهُ: لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا بَيَّنَهُ السُّبْكِيُّ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ إرْثًا
(قَوْلُهُ: وَالْعَدَدِ بِفَتْحِ) الْعَيْنِ يَعْنِي مِنْ الرِّجَالِ وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: وَالْمُرَادُ سَدُّهَا: أَيْ الثُّغُورِ بِالرِّجَالِ وَالْعُدَدِ انْتَهَتْ. فَالْعُدَدُ فِي كَلَامِهِ بِالضَّمِّ لِمُقَابَلَةِ الرِّجَالِ الَّذِينَ أُرِيدُوا بِالْعَدَدِ بِالْفَتْحِ هُنَا الْمُقَابِلُ لِلْعُدَّةِ الَّتِي هِيَ مُفْرَدُ الْعُدَدِ بِالضَّمِّ، وَهَذَا لَعَلَّهُ أَصْوَبُ مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَغْنِيَاءَ) هَذَا فِي التُّحْفَةِ مَذْكُورٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute