أَخِيهِمَا عَبْدِ شَمْسٍ وَنَوْفَلٍ مُجِيبًا عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: أَيْ لَمْ يُفَارِقُوا بَنِي هَاشِمٍ فِي نُصْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاهِلِيَّةً وَلَا إسْلَامًا، وَالْعِبْرَةُ بِالِانْتِسَابِ لِلْآبَاءِ دُونَ الْأُمَّهَاتِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْطِ الزُّبَيْرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - شَيْئًا مَعَ أَنَّ أُمَّيْهِمَا هَاشِمِيَّتَانِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتِسَابَ أَوْلَادِ بَنَاتِهِ لَهُ فِي الْكَفَاءَةِ وَغَيْرِهَا كَابْنِ بِنْتِهِ رُقْيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِنْ عُثْمَانَ وَأُمَامَةَ بِنْتِ بِنْتِهِ زَيْنَبَ مِنْ أَبِي الْعَاصِ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ مَاتَا صَغِيرَيْنِ فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِمَا، وَإِنَّمَا أَعْقَبَ أَوْلَادَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهُمْ هَاشِمِيُّونَ أَبًا وَالْكَلَامُ فِي الْإِعْطَاءِ مِنْ الْفَيْءِ، أَمَّا أَصْلُ شَرَفِ النِّسْبَةِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسِّيَادَةِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَعُمُّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ أَيْضًا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي آلِهِ أَنَّهُمْ هُنَا مِمَّنْ ذَكَرَ، وَفِي مَقَامِ الدُّعَاءِ كُلُّ مُؤْمِنٍ تَقِيٍّ كَمَا فِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ.
(يَشْتَرِكُ فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ «وَلِإِعْطَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَبَّاسَ وَكَانَ غَنِيًّا» ، وَمَحَلُّهُ إذَا اتَّسَعَ الْمَالُ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَسُدُّ مَسَدًا بِالتَّوْزِيعِ قُدِّمَ الْأَحْوَجُ فَالْأَحْوَجُ (وَالنِّسَاءُ) ؛ لِأَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ يَأْخُذُ سَهْمَ أُمِّهِ صَفِيَّةَ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيُفَضَّلُ الذَّكَرُ) عَلَى الْأُنْثَى فَلَهُ سَهْمَانِ وَلَهَا سَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى تُسْتَحَقُّ بِقَرَابَةِ الْأَبِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَخْذُ الْجَدِّ مَعَ الْأَبِ وَابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ وَاسْتِوَاءُ مُدْلٍ بِجِهَتَيْنِ وَمُدْلٍ بِجِهَةِ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْإِرْثِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ (كَالْإِرْثِ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ لَوْ أَعْرَضُوا عَنْ سَهْمِهِمْ لَمْ يَسْقُطْ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي السِّيَرِ، وَمِنْ إطْلَاقِ الْآيَةِ اسْتِوَاءُ صَغِيرِهِمْ وَعَالِمِهِمْ وَضِدُّهُمَا وَوُجُوبُ تَعْمِيمِهِمْ، وَلَا يُقَدَّمُ حَاضِرٌ بِمَوْضِعِ الْفَيْءِ عَلَى غَالِبٍ عَنْهُ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إعْطَاءَ الْخُنْثَى كَالْأُنْثَى.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِبَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ.
(قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يُفَارِقُوا) أَيْ بَنُو الْمُطَّلِبِ (قَوْلُهُ: عُثْمَانَ) أَيْ ابْنِ عَفَّانَ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ أُمَّيْهِمَا هَاشِمِيَّتَانِ) أَيْ أَمَّا الزُّبَيْرُ فَأُمُّهُ صَفِيَّةُ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا عُثْمَانُ فَأُمُّهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ أَرْوَى بِنْتُ كُرَيْزِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبٍ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ أَسْلَمَتْ انْتَهَى.
وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّ أُمَّيْهِمَا هَاشِمِيَّتَانِ فَفِيهِ نَظَرٌ بِالنَّظَرِ لِعُثْمَانَ، وَفِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ بَعْدُ مِثْلُ مَا ذَكَرَ: وَأُمُّ أُرْوَى أُمُّ حَكِيمٍ الْبَيْضَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى.
وَعَلَيْهِ فَفِي قَوْلِهِ أُمَّيْهِمَا تَجَوُّزٌ بِالنِّسْبَةِ لِأُمِّ عُثْمَانَ فَإِنَّ أُمَّ حَكِيمٍ أُمُّ أُمِّهِ لَا أُمُّهُ.
(قَوْلُهُ: الْأَحْوَجَ فَالْأَحْوَجَ) أَيْ وَتَمَلُّكُهُمَا بِالْإِفْرَازِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُرْتَزِقَةِ مَا أُفْرِزَ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضُوهُ فَإِنَّ جَوَازَ الْبَيْعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ يَأْخُذُ سَهْمَ أُمِّهِ) أَيْ نِيَابَةً عَنْهَا فِي الْقَبْضِ فَقَطْ لَا أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَالْإِرْثِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَسْقُطْ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُقَاتَلُونَ عَلَى عَدَمِ أَخْذِهِ كَمَا قَالُوهُ فِي الزَّكَاةِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ ذِمَمَ أَهْلِ الزَّكَاةِ اُشْتُغِلَتْ بِحَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَصَاحِبُ الدَّيْنِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ لِتَفْرِيغِ ذِمَّةِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَا كَذَلِكَ أَهْلُ الْفَيْءِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ عَدَمِ سُقُوطِهِ حِفْظُهُ إلَى الرِّضَا بِأَخْذِهِمْ إيَّاهُ، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ أَخْذِهِمْ لَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُهُ فِي الْمَصَالِحِ، وَيُحْتَمَلُ تَنْزِيلُهُمْ مَنْزِلَةَ الْمَفْقُودِينَ مِنْ الْأَصْنَافِ فَيُرَدُّ نَصِيبُهُمْ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُ تَعْمِيمِهِمْ) شَمَلَ ذَلِكَ الْأَصْلَ مَعَ فَرْعِهِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَمَّا أَصْلُ شَرَفِ النِّسْبَةِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) إنْ أُرِيدَ بِالشَّرَفِ هُنَا الشَّرَفُ الْخَاصُّ فَالْمُرَادُ بِأَوْلَادِ الْبَنَاتِ بَنَاتُ صُلْبِهِ وَالْمُرَادُ بِأَوْلَادِهِنَّ بِلَا وَاسِطَةٍ كَمَا هُوَ الْحَقِيقَةُ فِيهِمَا أَوْ أَوْلَادُهُنَّ بِوَاسِطَةِ الذُّكُورِ بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ فِي الْوَصَايَا مِنْ قَوْلِهِ وَالشَّرِيفُ الْمُنْتَسِبُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ إلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ،؛ لِأَنَّ الشَّرَفَ وَإِنْ عَمَّ كُلَّ رَفِيعٍ إلَّا أَنَّهُ اُخْتُصَّ بِأَوْلَادِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عُرْفًا مُطَّرِدًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ انْتَهَى
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدَّمُ حَاضِرٌ بِمَوْضِعِ الذَّبِّ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي لِذِكْرِ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَأْخُذُونَ بِجِهَةِ الْقَرَابَةِ وَلَا مَدْخَلَ لِلذَّبِّ فِيهَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute