وَأَنَّهُ لَا يُوقَفُ لَهُ شَيْءٌ، لَكِنَّ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِالْإِرْثِ وَقْفُ تَمَامِ نَصِيبِ ذَكَرٍ وَهُوَ الْأَوْجُهُ.
(وَالثَّالِثُ الْيَتَامَى) لِلْآيَةِ (وَهُوَ) أَيْ الْيَتِيمُ (صَغِيرٌ) لَمْ يَبْلُغْ بِسِنٍّ أَوْ احْتِلَامٍ لِخَبَرِ «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ» حَسَّنَهُ الْمُصَنِّفُ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى (لَا أَبَ لَهُ) وَإِنْ كَانَ لَهُ جَدٌّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وَلَدِ الْمُرْتَزِقَةِ وَشَمَلَ ذَلِكَ وَلَدَ الزِّنَا وَاللَّقِيطَ وَالْمَنْفِيَّ بِاللِّعَانِ.
نَعَمْ لَوْ ظَهَرَ لَهُمَا أَبٌ شَرْعًا اُسْتُرْجِعَ الْمَدْفُوعُ لَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ، أَمَّا فَاقِدُ الْأُمِّ فَيُقَالُ لَهُ مُنْقَطِعٌ وَيَتِيمُ الْبَهَائِمِ فَاقِدُ أُمِّهِ وَالطُّيُورُ فَاقِدُهُمَا (وَيُشْتَرَطُ) إسْلَامُهُ وَ (فَقْرُهُ) أَوْ مَسْكَنَتُهُ (عَلَى الْمَشْهُورِ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْيَتِيمِ يُشْعِرُ بِالْحَاجَةِ، وَفَائِدَةُ ذَكَرِهِمَا هُنَا مَعَ شُمُولِ الْمَسَاكِينِ لَهُمْ عَدَمُ حِرْمَانِهِمْ وَإِفْرَادُهُمْ بِخُمُسٍ كَامِلٍ.
وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ، وَقَالَ الْقَاضِي: إنَّهُ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ لِدُخُولِهِ فِي الْفُقَرَاءِ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ كُلٍّ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالَيْتُمْ وَالْفَقْرِ وَكَوْنُهُ هَاشِمِيًّا أَوْ مُطَّلِبِيًّا بِالْبَيِّنَةِ، وَاعْتَبَرَ جَمْعٌ فِي الْأَخِيرَيْنِ الِاسْتِفَاضَةَ فِي نَسَبِهِ مَعَهَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا النَّسَبَ أَشْرَفُ الْأَنْسَابِ وَيَغْلِبُ ظُهُورُهُ فِي أَهْلِهِ لِتَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى إظْهَارِ إجْلَالِهِمْ فَاحْتِيطَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ لِذَلِكَ وَلِسُهُولَةِ وُجُودِ الِاسْتِفَاضَةِ بِهِ غَالِبًا، وَالْأَقْرَبُ إلْحَاقُ أَهْلِ الْخُمُسِ الْأَوَّلِ بِمَنْ يَلِيهِمْ فِي اشْتِرَاطِ الْبَيِّنَةِ لِسُهُولَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى حَالِهِمْ غَالِبًا.
(وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ الْمَسَاكِينُ وَابْنُ السَّبِيلِ) وَلَوْ بِقَوْلِهِمْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَإِنْ اُتُّهِمُوا، نَعَمْ الْأَوْجَهُ فِي مُدَّعِي تَلَفِ مَالٍ لَهُ عُرِفَ أَوْ عِيَالٍ تَكْلِيفُهُ بَيِّنَةً نَظِيرَ مَا يَأْتِي وَذَلِكَ لِلْآيَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا.
وَالْمَسَاكِينُ تَشْمَلُ الْفُقَرَاءَ وَلَهُمَا مَالٌ ثَانٍ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ وَثَالِثٌ وَهُوَ الزَّكَاةُ، وَلَا بُدَّ فِي الْجَمِيعِ مِنْ الْإِسْلَامِ وَلَوْ ابْنَ سَبِيلٍ، وَلَوْ اجْتَمَعَ وَصْفَانِ فِي وَاحِدٍ أُعْطِيَ بِأَحَدِهِمَا إلَّا الْغَزْوَ مَعَ نَحْوِ الْقَرَابَةِ.
نَعَمْ مَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ يُتْمٌ وَمَسْكَنَةٌ أُعْطِيَ بِالْيُتْمِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَازِمٌ وَالْمَسْكَنَةُ مُنْفَكَّةٌ، كَذَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ فَرْعٌ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فَقْرٍ أَوْ مَسْكَنَةٍ، وَبِتَسْلِيمِهِ فَارَقَ أَخْذَ غَازٍ هَاشِمِيٍّ مَثَلًا بِهِمَا هُنَا بِأَنَّ الْأَخْذَ بِالْغَزْوِ لِحَاجَتِنَا وَبِالْمَسْكَنَةِ لِحَاجَةِ صَاحِبِهَا.
وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْيَتَامَى لَا مِنْ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ (وَيُعَمِّمُ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (الْأَصْنَافَ الْأَرْبَعَةَ) وَجَمِيعَ آحَادِهِمْ (الْمُتَأَخِّرَةَ) بِالْعَطَاءِ وُجُوبًا لِظَاهِرِ الْآيَةِ، نَعَمْ يَجُوزُ التَّفَاوُتُ بَيْنَ آحَادِ الصِّنْفِ غَيْرِ ذَوِي الْقُرْبَى لِاتِّحَادِ الْقَرَابَةِ وَتَفَاوُتِ الْحَاجَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي غَيْرِهِمْ لَا بَيْنَ الْأَصْنَافِ.
وَلَوْ قَلَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالْأَبْعَدَ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ وَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ يَحْجُبُهُ فِي الْإِرْثِ كَالْأَعْمَامِ وَالْإِخْوَةِ وَأَوْلَادِهِمْ مَعَ وُجُودِ ابْنِ الْمَيِّتِ أَوْ ابْنِ ابْنِهِ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ ظَهَرَ لَهُمَا) أَيْ اللَّقِيطِ وَالْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ (قَوْلُهُ: اُسْتُرْجِعَ الْمَدْفُوعُ لَهُمَا) وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَاهُ.
وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ حِرْمَانِهِمْ وَإِفْرَادِهِمْ بِخُمُسٍ كَامِلٍ (قَوْلُهُ: الْيُتْمِ وَالْفَقْرِ) أَيْ الْمَشْرُوطِ فِي الْيُتْمِ، فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَسَاكِينَ يُعْطَوْنَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ) أَيْ كَوْنِهِ هَاشِمِيًّا أَوْ مُطَّلِبِيًّا، وَقَوْلُهُ مَعَهَا: أَيْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: أَهْلُ الْخُمُسِ الْأَوَّلِ) هُوَ خُمُسُ الْمَصَالِحِ أَيْ فَيُشْتَرَطُ فِي إعْطَاءِ مَنْ ادَّعَى الْقِيَامَ بِشَيْءٍ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ وَكَوْنِهِ إمَامًا أَوْ خَطِيبًا إثْبَاتُ مَا ادَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَهُمَا مَالٌ) أَيْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ (قَوْلُهُ: مَعَ نَحْوِ) أَيْ كَالْقَيِّمِ، وَقَوْلُهُ الْقَرَابَةِ: أَيْ كَوْنُهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ، وَقَوْلُهُ أُعْطِيَ بِالْيُتْمِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَسْكَنَةُ مُنْفَكَّةٌ) أَيْ فَإِنَّهَا فِي وَقْتِهَا لَا يَسْتَحِيلُ انْفِكَاكُهَا وَزَوَالُهَا، بِخِلَافِ الْيُتْمِ فَإِنَّهُ فِي وَقْتِهِ يَسْتَحِيلُ انْفِكَاكُهُ وَزَوَالُهُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ مَعَ ظُهُورِهِ اشْتَبَهَ عَلَى بَعْضِ الضَّعَفَةِ.
فَقَالَ الْيُتْمُ يَزُولُ أَيْضًا بِالْبُلُوغِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُ سم فِي وَقْتِهِ: أَيْ وَهُوَ مَا قَبْلَ بُلُوغِهِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَوْضِعَ الْفَيْءِ بَدَلَ الذَّبِّ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَهُ جَدٌّ) هَذَا غَايَةٌ فِي تَسْمِيَتِهِ يَتِيمًا لَيْسَ إلَّا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُعْطَى إذَا كَانَ جَدُّهُ غَنِيًّا (قَوْلُهُ: وَالطُّيُورُ فَاقِدُهُمَا) لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْحَمَامِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ فَإِنَّ الْمُشَاهَدَ أَنَّ فَرْخَهُمَا