وَالْجِنِّ لَا الْمَلَائِكَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ أَتْبَاعًا، وَكَانَ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَيَرَى مِنْ خَلْفِهِ وَتَطَوُّعُهُ قَاعِدًا كَقَائِمٍ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ خَاطَبَهُ بِالسَّلَامِ
وَيَحْرُمُ رَفْعُ الصَّوْتِ فَوْقَ صَوْتِهِ، وَنِدَاؤُهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ وَبِاسْمِهِ، وَالتَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَتَجِبُ إجَابَتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تَبْطُلُ بِهَا وَلَوْ فِعْلًا كَثِيرًا كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَشَمِلَهُ كَلَامُهُمَا، وَكَانَ يُتَبَرَّكُ وَيُسْتَشْفَى بِبَوْلِهِ وَدَمِهِ، وَمَنْ زَنَى بِحَضْرَتِهِ أَوْ اسْتَخَفَّ بِهِ كَفَرَ، وَإِنْ نَظَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الزِّنَا، وَأَوْلَادُ بَنَاتِهِ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ، وَتَحِلُّ لَهُ الْهَدِيَّةُ مُطْلَقًا، وَأُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَكَانَ يُؤْخَذُ عَنْ الدُّنْيَا عِنْدَ الْوَحْيِ مَعَ بَقَاءِ التَّكْلِيفِ، وَلَا يَجُوزُ الْجُنُونُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَلَا الِاحْتِلَامُ، وَرُؤْيَتُهُ فِي النَّوْمِ حَقٌّ وَلَا يُعْمَلُ بِهَا فِي الْأَحْكَامِ لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ، وَلَا تَأْكُلُ الْأَرْضُ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْكَذِبُ عَلَيْهِ عَمْدًا كَبِيرَةٌ، وَنَبَعَ الْمَاءُ الطَّهُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، وَصَلَّ بِالْأَنْبِيَاءِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَكَانَ أَبْيَضَ الْإِبْطِ، وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ، وَيَبْلُغُهُ سَلَامُ النَّاسِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ بِالْأَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ إذَا مَشَى فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَا يَظْهَرُ لَهُ ظِلٌّ، وَلَا يَقَعُ مِنْهُ إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ، وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ لِعَانٌ.
وَنَقَلَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الذُّبَابُ وَلَا يَمْتَصُّ دَمَهُ الْبَعُوضُ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ صَلَّى فِيهِ وَضُبِطَ مَوْقِفُهُ امْتَنَعَ فِيهِ الِاجْتِهَادُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، وَوُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَعُرِضَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْخَلْقِ مِنْ آدَمَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ كَمَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ، وَكَانَ لَا يَتَثَاءَبُ وَلَا يَظْهَرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ الْغَائِطِ بَلْ تَبْتَلِعُهُ الْأَرْضُ كَمَا قَالَهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ، وَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ حَرَجٌ فِي حُكْمِهِ عَلَيْهِ يَكْفُرُ بِهِ.
قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ بَلْ صَلَّى النَّاسُ أَفْرَادًا (هُوَ) أَيْ النِّكَاحُ بِمَعْنَى التَّزَوُّجِ: أَيْ تَأَهُّلُهُ بِزَوْجَةٍ (مُسْتَحَبٌّ لِمُحْتَاجٍ إلَيْهِ) أَيْ تَائِقٌ لَهُ بِتَوَقَانِهِ لِلْوَطْءِ (يَجِدُ أُهْبَتَهُ) مِنْ مَهْرٍ وَكِسْوَةٍ فَصْلُ التَّمْكِينِ وَنَفَقَةِ يَوْمِهِ وَلَوْ خَصِيًّا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِحْيَاءِ أَوْ مُشْتَغِلًا بِالْعِبَادَةِ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: لَا الْمَلَائِكَةِ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ أَتْبَاعًا) أَيْ وَهُمْ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَرَى مِنْ خَلْفِهِ) أَيْ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ خَاطَبَهُ) أَيْ بِالسَّلَامِ وَلَا غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَبِاسْمِهِ) أَيْ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدِهَا (قَوْلُهُ: وَالتَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ) أَيْ وَلَوْ سُمِّيَ بِهَا شَخْصُ ابْتِدَاءً كَأَبِي الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَمَنْ زَنَى بِحَضْرَتِهِ) أَيْ فِي حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ لَهُ الْهَدِيَّةُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُهْدَى لَهُ فِي خُصُومَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَا الِاحْتِلَامِ) أَيْ النَّاشِئِ عَنْ رُؤْيَا مَنَامِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ، أَمَّا مُجَرَّدُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ فَلَا يُمْتَنَعُ لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ امْتِلَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَصَلَّى بِالْأَنْبِيَاءِ) أَيْ كَالصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْإِسْرَاءِ فَلَا يُقَالُ الصَّلَاةُ لَمْ تَكُنْ فُرِضَتْ حِينَ صَلَّى بِالْأَنْبِيَاءِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ أَبْيَضَ الْإِبْطِ) أَيْ بِلَا شَعْرٍ (قَوْلُهُ: وَيَبْلُغُهُ سَلَامُ النَّاسِ) أَيْ بِتَبْلِيغِ الْمَلَائِكَةِ وَلَوْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّهُ يَسْمَعُ صَلَاةَ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ بِلَا وَاسِطَةِ مَلَكٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ) أَيْ بَعْدَ وَفَاتِهِ، قِيلَ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِهِ التَّقَدُّمُ لِلْإِمَامَةِ بِحَضْرَتِهِ تَعْظِيمًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَقَدُّمًا عَلَيْهِ لَكِنْ مُجَرَّدُ صُورَةِ تَقَدُّمٍ فَلَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ، وَقِيلَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْخِلَافَةِ وَاسْتِقْرَارِهَا لِأَحَدٍ وَالْإِمَامَةُ إنَّمَا كَانَتْ لَهُ وَلِلْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَنَفَقَةِ يَوْمِهِ) أَيْ وَلَيْلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَصِيًّا) أَخْذُهُ غَايَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ لِقَطْعِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ
[حاشية الرشيدي]
فِي الْخَصَائِصِ وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ تَتْمِيمًا (قَوْلُهُ: وَتَطَوُّعُهُ قَاعِدًا كَقَائِمٍ) أَيْ كَتَطَوُّعِهِ قَائِمًا (قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةٌ مَنْ خَاطِبِهِ بِالسَّلَامِ) أَيْ بِلَا طَلَبٍ مِنْهُ: أَيْ بِقَوْلِهِ فِي التَّشَهُّدِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِعْلًا) أَيْ إذَا كَانَتْ الْإِجَابَةُ مُتَوَقِّفَةً عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ لَهُ الْهَدِيَّةُ مُطْلَقًا) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقَعُ مِنْهُ إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ) أَيْ وَلَا يَصْدُرُ مِنْهُ ذَلِكَ لِحُرْمَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِتَخْصِيصِهِمَا بِالذِّكْرِ إذْ كُلُّ الْمُحَرَّمَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute