للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي إلَيْهِ يَرُدُّهُ قَوْلُنَا: أَيْ تَائِقٌ إلَيْهِ بِتَوَقَانِهِ لِلْوَطْءِ وَهَذَا مَجَازٌ مَشْهُورٌ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهَا الْعَقْدَ أَوْ الْوَطْءَ لَمْ يَصِحَّ أَوْ بِهُوَ وَأَهُبَّتَهُ الْعَقْدَ وَبِإِلَيْهِ الْوَطْءَ صَحَّ لَكِنْ فِيهِ تَعَسُّفٌ (فَإِنْ فَقَدَهَا اُسْتُحِبَّ تَرْكُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [النور: ٣٣] الْآيَةَ وَعَبَّرَ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْأُولَى أَنْ لَا يَنْكِحَ، وَدَعْوَى أَنَّهَا دُونَ الْأُولَى فِي الطَّلَبِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يُكْرَهُ فِعْلُهُ، وَرُدَّ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْخَبَرِ عَدَمُ طَلَبِ الْفِعْلِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْفِعْلِ بَلْ وَمِنْ طَلَبِ التَّرْكِ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ لِآيَةِ {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ} [النور: ٣٢] مَعَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَكُمْ بِالْمَالِ» وَصَحَّ أَيْضًا «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعِينَهُمْ مِنْهُمْ النَّاكِحُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَعْفِفَ» وَفِي مُرْسَلٍ «مَنْ تَرَكَ التَّزَوُّجَ مَخَافَةَ الْعَيْلَةِ فَلَيْسَ مِنَّا» وَحَمَلُوا الْأَمْرَ بِالِاسْتِعْفَافِ فِي الْآيَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ زَوْجَةً وَلَا دَلَالَةَ لَهُمْ عِنْدَ التَّأَمُّلِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْفَقْرِ وَإِتْيَانِهِنَّ بِالْمَالِ وَالْإِعَانَةِ وَخَوْفِ الْعَيْلَةِ عَدَمُ وُجْدَانِ الْأُهْبَةِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ لَا سِيَّمَا.

وَدَلِيلُنَا «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» أَيْ قَاطِعٌ أَصَحُّ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذُكِرَ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا (وَيَكْسِرُ) إرْشَادًا (شَهْوَتَهُ بِالصَّوْمِ) لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَكَوْنُهُ يُثِيرُ الْحَرَارَةَ وَالشَّهْوَةَ إنَّمَا هُوَ فِي ابْتِدَائِهِ، فَإِنْ لَمْ تَنْكَسِرْ بِهِ تَزَوَّجَ، وَلَا يَكْسِرُهَا بِنَحْرِ كَافِرٍ بَلْ يُكْرَه لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْخِصَاءِ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الشَّهْوَةَ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يُفَتِّرُهَا فِي الْحَالِ، وَلَوْ أَرَادَ إعَادَتَهَا بِاسْتِعْمَالِ ضِدِّ الْأَدْوِيَةِ لَأَمْكَنَهُ ذَلِكَ، وَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ الْحُرْمَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُوهِمُهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ اسْتِخْدَامًا (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى أَنَّهَا) أَيْ قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَنْكِحَ وَقَوْلُهُ: دُونُ الْأَوْلَى أَيْ قَوْلُهُ: اُسْتُحِبَّ تَرْكُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ مُتَّجِهٌ إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ هُوَ الطَّلَبُ الْغَيْرُ الْجَازِمِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَأَكُّدٍ وَعَدَمِهِ. ا. هـ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَحَمَلُوا الْأَمْرَ) أَيْ الْأَكْثَرُونَ (قَوْلُهُ: أَصَحُّ) أَصَحُّ خَبَرٍ قَوْلُهُ: وَدَلِيلُنَا (قَوْلُهُ: وَيَكْسِرُ إرْشَادًا) وَمَعَ ذَلِكَ يُثَابُ؛ لِأَنَّ الْإِرْشَادَ الرَّاجِعَ إلَى تَكْمِيلٍ شَرْعِيٍّ كَالْعِفَّةِ هُنَا كَالشَّرْعِيِّ خِلَافًا لِمَنْ أَخَذَ بِإِطْلَاقِ أَنَّ الْإِرْشَادَ نَحْوَ {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] لَا ثَوَابَ فِيهِ اهـ حَجّ.

وَهُوَ يُفِيدُ حَيْثُ رَجَعَ لِتَكْمِيلٍ شَرْعِيٍّ لَا يَحْتَاجُ لِقَصْدِ الِامْتِثَالِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ لِذَلِكَ فَلَا ثَوَابَ فِيهِ، وَإِنْ قَصَدَ الِامْتِثَالَ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي بَابِ الْمِيَاهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ مَا نَصُّهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ: التَّحْقِيقُ أَنَّ فَاعِلَ الْإِرْشَادِ لِمُجَرَّدِ غَرَضِهِ لَا يُثَابُ، وَمُجَرَّدُ الِامْتِثَالِ يُثَابُ، وَلَهُمَا يُثَابُ ثَوَابًا أَنْقَصُ مِنْ ثَوَابِ مَنْ مَحَّضَ قَصْدَ الِامْتِثَالِ. ا. هـ (قَوْلُهُ: بِالصَّوْمِ) وَلَا دَخْلَ لِلصَّوْمِ فِي الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: تَزَوَّجَ) أَيْ مَعَ الِاحْتِيَاجِ وَعَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ بِذِمَّتِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَهْرِ تُكَلَّفَهُ بِالِاقْتِرَاضِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْسِرُهَا بِنَحْوِ كَافُورٍ إلَخْ) وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّسَبُّبِ فِي إلْقَاءِ النُّطْفَةِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا فِي الرَّحِمِ فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْزَدِيُّ يَجُوزُ إلْقَاءُ النُّطْفَةِ وَالْعَلَقَةِ، وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الْإِحْيَاءِ فِي مَبْحَثِ الْعَزْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ آيِلَةٌ إلَى التَّخَلُّقِ الْمُهَيَّأِ لِنَفْخِ الرُّوحِ وَلَا كَذَلِكَ الْعَزْلُ اهـ حَجّ.

وَحَكَى الشَّارِحُ خِلَافًا فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَأَطَالَ فِيهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ ثَمَّ اعْتِمَادُ عَدَمِ الْحُرْمَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إنْ غَلَبَ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي كَلَامِهِ مَرْجِعٌ، بِخِلَافِ حَجّ فَإِنَّهُ قَدَّمَ الْمَدْفُوعَ الْآتِيَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَاكِيًا لَهُ بِقِيلَ فَصَحَّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ فِيهِ إلَى الْقَائِلِ الْمَفْهُومِ مِنْ قِيلَ (قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ قَوْلُنَا: أَيْ تَائِقٌ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: بَلْ لَا حَاجَةَ لِلتَّفْسِيرِ بِقَوْلِهِ: أَيْ تَائِقٌ إلَخْ لِصِحَّةِ التَّفْسِيرِ: أَيْ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ لِكَوْنِهِ طَرِيقًا لِلْوَطْءِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَاجَةَ لِلشَّيْءِ حَاجَةٌ لِطَرِيقِهِ (قَوْلُهُ: نَوْعٌ مِنْ الْخِصَاءِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ نَوْعٌ مِنْ الِاخْتِصَاءِ. اهـ.

وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ مُحَرَّفَةٌ عَنْهَا مِنْ الْكَتَبَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>