فِي الثَّانِيَةِ، إذْ لَوْ صَحَّ الْمُسَمَّى فِيهَا لَزِمَ صِحَّةُ نِكَاحِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ زَيْدٌ مَثَلًا بِنْتَه وَصَدَاقُ الْبِنْتِ بُضْعُ الْمُطَلَّقَةِ فَزَوَّجَهُ عَلَى ذَلِكَ صَحَّ التَّزْوِيجُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ، أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ زَيْدٌ عَبْدَهُ وَيَكُونُ طَلَاقُهَا عِوَضًا عَنْ عِتْقِهِ فَأَعْتَقَهُ عَلَى ذَلِكَ طَلُقَتْ وَنَفَذَ الْعِتْقُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَى السَّيِّدِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالسَّيِّدُ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الزَّوْجِ مِنْ عِلْمِهِ، أَوْ ظَنِّهِ حِلَّ الْمَرْأَةِ لَهُ، فَلَوْ جَهِلَ حِلَّهَا لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا احْتِيَاطًا لِعَقْدِ النِّكَاحِ.
وَقَدْ سُئِلَ الْوَالِدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ عَنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ فِي قُوَّتِهِ وَغَيْرِهِ: إنَّ الْأَصْلَ فِي عُقُودِ الْعَوَامّ الْفَسَادُ. وَالْعِلْمُ بِشُرُوطِ عَقْدِ النِّكَاحِ حَالَ الْعَقْدِ شَرْطٌ كَمَا قَالَاهُ، فَإِذَا طَلَّقَ شَخْصٌ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَسُئِلَ عَنْ الْعَاقِدِ فَإِذَا هُوَ جَاهِلٌ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ عَنْ الشُّرُوطِ لَا يَعْرِفُهَا الْآنَ وَلَا يَعْلَمُهَا عِنْدَ الْعَقْدِ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ أَمْ يَجُوزُ التَّجْدِيدُ بِدُونِهِ وَمَا تَعْرِيفُ الْعَامِّيِّ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اجْتِمَاعِ مُعْتَبَرَاتِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ الْحُكْمَ بِصِحَّتِهَا لِأَنَّهَا الظَّاهِرُ مِنْ الْعُقُودِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَحِينَئِذٍ فَذِكْرُهُ الْعَوَامَّ مِثَالٌ إذْ غَيْرُهُمْ كَذَلِكَ، أَوْ أَنَّ الْغَالِبَ فِي عُقُودِ الْعَوَامّ فَسَادُهَا لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ مُعْتَبَرَاتِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، وَأَمَّا مَا قَالَاهُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّ الْعِلْمَ بِشُرُوطِهِ حَالَ عَقْدِهِ شَرْطٌ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ مُبَاشَرَتِهِ لَا لِصِحَّتِهِ حَتَّى إذَا كَانَتْ الشُّرُوطُ مُتَحَقِّقَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ مُخْطِئًا فِي مُبَاشَرَتِهِ وَيَأْثَمُ إذَا قَدِمَ عَلَيْهِ عَالِمًا بِامْتِنَاعِهِ، فَفِي الْبَحْرِ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يَعْتَقِدُ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَعِنْدِي هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِشَرْطٍ صَرَّحُوا بِاعْتِبَارِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إذْ صُورَةُ التَّفْوِيضِ فِي الْأَمَةِ أَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُكهَا بِلَا مَهْرٍ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَمَةُ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا مَهْرٌ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِمَهْرِ الْمِثْلِ إذْ لَمْ يُوجَدْ تَفْوِيضٌ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ إلَّا بِالدُّخُولِ، أَوْ الْفَرْضِ عَلَى مَا يَأْتِي، فَحَيْثُ انْتَفَى التَّفْوِيضُ هُنَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ زَوَّجْتُك وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي (قَوْلُهُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ الْمُطَلِّقُ عَلَى الْآخَرِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْعِوَضِ (قَوْلُهُ: طَلَّقْت) أَيْ بَائِنًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ انْتَهَى مُؤَلِّفٌ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الزَّوْجُ) أَيْ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ زَيْدٌ عَبْدَهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ:، أَوْ ظَنَّهُ) أَيْ ظَنًّا قَوِيًّا (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَهِلَ حِلَّهَا) أَيْ وَاسْتَمَرَّ جَهْلُهُ كَأَنْ شَكَّ فِي مَحْرَمِيَّتِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ عَدَمَهَا بَعْدُ أَوْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ خُنْثَى وَإِنْ اتَّضَحَ بِالْأُنُوثَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَفِي الْبَحْرِ) اسْتِظْهَارًا عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى إذَا كَانَتْ الشُّرُوطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) أَيْ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالشُّرُوطِ، وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ: أَيْ عَلَى مَا حَكَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَإِذَا طَلَّقَ شَخْصٌ إلَخْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ السَّائِلِ لَا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَسُئِلَ عَنْ الْعَاقِدِ) أَيْ وَقَعَ السُّؤَالُ أَيْ الْبَحْثُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اجْتِمَاعِ مُعْتَبَرَاتِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَاتِ أُمُورٌ وُجُودِيَّةٌ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْعَدَمُ، فَالْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْأَصْلُ بِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْأُصُولِ الْمُقَابِلُ لِلظَّاهِرِ كَمَا سَيَأْتِي مُقَابَلَتُهُ بِهِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الْفَتَاوَى فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ أَمْرَانِ: إمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَصْلِ مَا ذُكِرَ مِنْ اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْأُصُولِ بِالْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْته وَحِينَئِذٍ فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْعَوَامِّ؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمُعْتَبَرَاتِ مُطْلَقًا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهَا وَإِنْ حُكِمَ بِصِحَّةِ الْعُقُودِ تَرْجِيحًا لِلظَّاهِرِ هُنَا عَلَى الْأَصْلِ. وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَصْلِ الْغَالِبُ عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْأُصُولِ وَحِينَئِذٍ فَذِكْرُ الْعَوَامّ قَيْدٌ لَا مِثَالٌ (قَوْلُهُ: فَفِي الْبَحْرِ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَخْ) سَيَأْتِي تَضْعِيفُهُ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ) هُوَ آخِرُ كَلَامِ الْبَحْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute