تَحَقُّقِهِ كَحِلِّ الْمَنْكُوحَةِ، وَعَلَيْهِ قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْبَحْرِ عَدَمُ الصِّحَّةِ لَا أَنَّهُ عَامٌّ لِجَمِيعِ الشُّرُوطِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ، وَالشَّكُّ هُنَا فِي وِلَايَةِ الْعَاقِدِ بِالْمِلْكِ وَهُوَ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ، وَبِأَنَّهُ لَوْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِحَضْرَةِ خُنْثَيَيْنِ فَبَانَا رَجُلَيْنِ صَحَّ، وَالشَّكُّ هُنَا فِي الشَّاهِدَيْنِ وَهُمَا مِنْ أَرْكَانِهِ أَيْضًا وَنَظَائِرُهَا كَثِيرَةٌ فِي كَلَامِهِمْ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بَعْدَ التَّحْلِيلِ بِشُرُوطِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ هُنَا مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى الْبَاقِي وَلَيْسَ مُشْتَغِلًا بِالْفِقْهِ، وَلَا بُدَّ فِي الزَّوْجَةِ مِنْ الْخُلُوِّ مِنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ وَمِنْ جَهْلٍ مُطْلَقٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي الْوَلِيِّ مِنْ نَحْوِ فَقْدِ رِقٍّ وَصِبًا وَأُنُوثَةٍ، أَوْ خُنُوثَةٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي، وَفِي الثَّلَاثَةِ مِنْ تَعْيِينٍ إلَّا فِي إحْدَى بَنَاتِي وَاخْتِيَارٍ إلَّا فِي الْمُجْبَرَةِ وَعَدَمِ إحْرَامٍ.
(وَلَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ (إلَّا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ) وَلَوْ اتَّفَقَا بِأَنْ يَسْمَعَا الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ.
وَالْمَعْنَى فِيهِ الِاحْتِيَاطُ لِلْأَبْضَاعِ وَصِيَانَةُ الْأَنْكِحَةِ عَنْ الْجُحُودِ وَيُسَنُّ إحْضَارُ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ (شَرْطُهُمَا حُرِّيَّةٌ) كَامِلَةٌ فِيهِمَا (وَذُكُورَةٌ) مُحَقَّقَةٌ وَكَوْنُهُمَا إنْسِيَّيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَا بِامْرَأَةٍ وَلَا بِخُنْثَى إلَّا إنْ بَانَ ذَكَرًا كَالْوَلِيِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ عَلَى خُنْثَى، أَوْ لَهُ وَإِنْ بَانَ عَدَمُ الْخَلَلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّهَادَةَ وَالْوِلَايَةَ مَقْصُودَانِ لِغَيْرِهِمَا، بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَقَدَ عَلَى مَنْ شَكَّ فِي كَوْنِهَا مَحْرَمًا لَهُ فَبَانَتْ غَيْرَ مَحْرَمٍ لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَاهُ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَمَرَّ آنِفًا مَا فِيهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: عَدَمُ الصِّحَّةِ) سَيَأْتِي لَهُ فِي الشَّرْحِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّ مَا فِي الْبَحْرِ ضَعِيفٌ وَسَنَذْكُرُ عَنْهُ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ عَامٌّ) مُتَّصِلٌ بِمَخْصُوصٍ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا أَنَّهُ عَامٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ الْحُكْمَ بِصِحَّتِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا طَلَّقَ شَخْصٌ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَسُئِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُشْتَغِلًا بِالْفِقْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنْ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ مَا ذُكِرَ وَلَكِنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِهِ لَيْسَ عَامِّيًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْفِقْهِ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ حَيْثُ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْفِقْهِ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْبَحْثَ مِنْ تَصْحِيحِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ الْفِقْهِ مَا يَهْتَدِي بِهِ إلَى بَاقِيهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ جَهِلَ مُطْلَقَ) أَيْ بِأَنْ لَا يَعْرِفَهَا بِوَجْهٍ كَأَنْ قِيلَ لَهُ زَوَّجْتُك هَذِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ اسْمَهَا وَلَا نَسَبَهَا انْتَهَى حَجّ.
وَفِيهِ كَلَامٌ حَسَنٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِرَجُلٍ لَا يَعْرِفُ لَهُ اسْمًا وَلَا نَسَبًا زَوَّجْتُك بِنْتِي فَقَبِلَ أَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرْأَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذِهِ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَهَا وَنَسَبَهَا لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٍ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ اخْتِيَارُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَصِيَانَةُ) عَطْفُ مُغَايِرٍ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُمَا إنْسِيَّيْنِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي حُضُورُ الْجِنِّيِّ، وَقَيَّدَهُ حَجّ بِمَا إذَا لَمْ تُعْلَمْ عَدَالَتُهُ الظَّاهِرَةُ (قَوْله فَبَانَتْ غَيْرَ مَحْرَمٍ لَمْ يَصِحَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْله وَمَرَّ آنِفًا مَا فِيهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ إلَخْ، وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَقْدِ عَلَى الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ ثَبَتَ أُنُوثَتُهُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِحَالٍ، بِخِلَافِ الْمَحْرَمِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ مُؤَلِّفٌ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الشَّرْحِ وَمَا فِي الشَّرْحِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
[فَرْعٌ اسْتِطْرَادِيٌّ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مَنْ يُرِيدُ الزَّوَاجَ يَأْخُذُ حُصْرَ الْمَسْجِدِ لِلْجُلُوسِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ عَقِبَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ جَهْلٍ مُطْلَقٍ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ خُلُوِّهِ مِنْ جَهْلِ الزَّوْجِ بِهَا جَهْلًا مُطْلَقًا: أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهَا إمَّا بِعَيْنِهَا أَوْ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا كَمَا أَوْضَحَهُ فِي التُّحْفَةِ أَتَمَّ إيضَاحٍ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي إحْدَى بَنَاتِي) أَيْ بِشَرْطِهِ بِأَنْ نَوَيَا مُعَيَّنَةً
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) فِيهِ تَسَمُّحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ