(وَعَدَالَةٌ) وَمِنْ لَازِمِهَا الْإِسْلَامُ وَالتَّكْلِيفُ الْمَذْكُورَانِ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا يُنَافِي هَذَا انْعِقَادَهُ بِالْمَسْتُورِينَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرُّخْصَةِ، أَوْ ذِكْرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ثُمَّ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ (وَسَمْعٌ) لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَوْلٌ فَاشْتُرِطَ سَمَاعُهُ حَقِيقَةً (وَبَصَرٌ) لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْأَقْوَالَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالْمُشَاهَدَةِ وَالسَّمَاعِ (وَفِي الْأَعْمَى وَجْهٌ) لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَالْأَصَحُّ لَا، وَإِنْ عَرَفَ الزَّوْجَيْنِ، وَمِثْلُهُ مَنْ بِظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ. وَفِي الْأَصَمِّ أَيْضًا وَجْهٌ، وَنُطْقٌ، وَعَدَمُ حَجْرِ سَفَهٍ، وَانْتِفَاءُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ تُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ، وَعَدَمُ اخْتِلَالِ ضَبْطٍ لِغَفْلَةٍ، أَوْ نِسْيَانٍ، وَمَعْرِفَةُ لِسَانِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ؛ فَلَا يَكْفِي إخْبَارُ ثِقَةٍ بِمَعْنَاهُ، وَقِيلَ يَكْفِي ضَبْطُ اللَّفْظِ (وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ) بَاطِنًا وَظَاهِرًا بِمَحْرَمَيْنِ لَكِنَّ الْأَوْلَى عَدَمُ حُضُورِهِمَا وَ (بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ ابْنَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ ابْنِ أَحَدِهِمَا وَابْنِ الْآخَرِ (وَعَدُوَّيْهِمَا) كَذَلِكَ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، أَوْ بِجَدَّيْهِمَا وَبِجَدِّهَا وَأَبِيهِ لَا أَبِيهَا لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ، أَوْ مُوَكِّلُهُ، نَعَمْ تُتَصَوَّرُ شَهَادَتُهُ لِاخْتِلَافِ دِينٍ، أَوْ رِقٍّ بِهَا وَذَلِكَ لِانْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ.
لَا يُقَالُ: هَذِهِ عِلَّةُ الضَّعِيفِ فِي الْأَعْمَى فَمَا الْفَرْقُ لِأَنَّا نَقُولُ: الْفَرْقُ أَنَّ شَهَادَةَ الِابْنِ، أَوْ الْعَدُوِّ يُتَصَوَّرُ قَبُولُهَا فِي هَذَا النِّكَاحِ بِعَيْنِهِ فِي صُورَةِ دَعْوَى حِسْبَةٍ مَثَلًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْأَعْمَى، وَإِمْكَانُ ضَبْطِهِ لَهُمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَيْهَا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يُرِيدُونَ الْعَقْدَ فِيهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مُفَسِّقًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنْ الظَّاهِرَ صِحَّةُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ اعْتِقَادُهُمْ إبَاحَةَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ، وَبِتَقْدِيرِ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فَيُمْكِنُ أَنَّ ذَلِكَ صَغِيرَةً لَا تُوجِبُ فِسْقًا.
وَوَقَعَ السُّؤَالُ أَيْضًا عَمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ لُبْسِ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ لِلشُّهُودِ وَلِلْوَلِيِّ هَلْ هُوَ مُفَسِّقٌ يُفْسِدُ الْعَقْدَ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنْ الظَّاهِرَ أَنَّا لَا نَحْكُمُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بِفَسَادِ الْعَقْدِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلشُّهُودِ فَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْعَقْدَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ لَابِسِينَ ذَلِكَ فَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّ فِيهِمْ اثْنَيْنِ سَالِمَيْنِ مِنْ ذَلِكَ اُعْتُدَّ بِشَهَادَتِهِمَا وَإِنْ كَانَ حُضُورُهُمَا اتِّفَاقًا، وَأَمَّا فِي الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ إنْ اتَّفَقَ لُبْسُهُ ذَلِكَ فَقَدْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ كَجَهْلِهِ بِالتَّحْرِيمِ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَوْلٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ أَخْرَسَ وَلَهُ إشَارَةٌ يَفْهَمُهَا كُلُّ أَحَدٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ السَّمْعُ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ الْآنَ لَيْسَ قَوْلًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ بِظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ) تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْبَصِيرَ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُعَيَّنِ وَإِنْ كَانَ بِظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ حَالَ الْعَقْدِ بِحَيْثُ لَا يَرَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَثُمَّ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شُهُودِ النِّكَاحِ إثْبَاتُ الْعَقْدِ بِهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ مَعَ الظُّلْمَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ بِظُلْمَةٍ: أَيْ لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا بِالْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الصَّوْتِ لَا نَظَرَ لَهُ، فَلَوْ سَمِعَا الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ لِلْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ وَلَكِنْ جَزَمَا فِي أَنْفُسِهِمَا بِأَنَّ الْمُوجِبَ وَالْقَابِلَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ لَمْ يَكْفِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَصَمِّ أَيْضًا) فِيهِ تَوَرُّكٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْأَعْمَى وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْأَصَمِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي إخْبَارُ ثِقَةٍ بِمَعْنَاهُ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ، أَمَّا قَبْلَهَا بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِمَعْنَاهَا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَيَصِحُّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ هَذَا إنْ فَهِمَ كُلٌّ كَلَامَ نَفْسِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تُتَصَوَّرُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْأَبِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِانْعِقَادِ إلَخْ) عِلَّةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ هَذِهِ) أَيْ قَوْلُهُ لِانْعِقَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِمْكَانُ ضَبْطِهِ) أَيْ الْأَعْمَى، وَقَوْلُهُ.
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا إلَخْ) وَجْهُ الْمُنَافَاةِ أَنَّهُ جَعَلَ الْعَدَالَةَ شَرْطًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إلَّا إذَا وُجِدَتْ، ثُمَّ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ بِالْمَسْتُورِينَ مَعَ انْتِفَائِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرُّخْصَةِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: أَوْ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الِانْعِقَادِ بَاطِنًا وَفِيمَا يَأْتِي فِي الْمَسْتُورِينَ فِي الِانْعِقَادِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ) لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّفْرِيعِ إذْ لَمْ يُقَدِّمْ قَبْلَهُ مَا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَالْوَاوُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُوَكَّلِهِ) أَيْ مُوَكَّلِ الْعَاقِدِ (قَوْلُهُ: لِانْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهِمَا) أَيْ بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ وَالْعَدُوَّيْنِ (قَوْلَةُ لَا يُقَالُ هَذِهِ عِلَّةُ الضَّعِيفِ فِي الْأَعْمَى) قَالَ الشَّيْخُ سم: كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِي الْأَعْمَى؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَمْ يَقُلْ لِانْعِقَادِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute