(فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِإِطْلَاقِ الْمَرَضِ فِي الْآيَةِ، وَلِأَنَّ مَشَقَّةَ الزِّيَادَةِ وَالْبُطْءِ فَوْقَ مَشَقَّةِ طَلَبِ الْمَاءِ مِنْ فَرْسَخٍ، وَضَرَرُ الشَّيْنِ الْمَذْكُورِ فَوْقَ ضَرَرِ الزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ.
وَاحْتَرَزَ عَنْ الْيَسِيرِ وَلَوْ عَلَى عُضْوٍ ظَاهِرٍ كَأَثَرِ جُدَرِيٍّ وَسَوَادٍ قَلِيلٍ، وَعَنْ الْفَاحِشِ بِعُضْوٍ بَاطِنٍ وَهُوَ مَا يُعَدُّ كَشْفُهُ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ بِأَنْ لَا يَبْدُوَ فِي الْمِهْنَةِ غَالِبًا، وَالظَّاهِرُ بِخِلَافِهِ فَلَا أَثَرَ لِخَوْفِ ذَلِكَ فِيهِمَا إذْ لَيْسَ فِيهِمَا كَبِيرُ ضَرَرٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْمُتَطَهِّرِ قَدْ يَكُونُ رَقِيقًا وَلَوْ أَمَةً حَسْنَاءَ فَتَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ نَقْصًا فَاحِشًا، وَيُفَارِقُ عَدَمَ وُجُوبِ بَذْلِ فَلْسٍ زَائِدٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ الْخُسْرَانَ ثَمَّ مُحَقَّقٌ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ التَّيَمُّمِ عِنْدَ تَحَقُّقِ النَّقْصِ.
وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ أَيْضًا وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ الِاسْتِشْكَالَ فِيهِ أَيْضًا، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرْنَاهُ هُنَا بِالِاسْتِعْمَالِ وَإِنْ تَحَقَّقَ نَقْصٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ تَعَالَى بِالطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فَلَمْ نَعْتَبِرْ حَقَّ السَّيِّدِ لِدَلِيلِ مَا لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَإِنَّا نَقْتُلُهُ بِهِ وَإِنْ فَاتَ حَقُّهُ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ بَذْلِ الزِّيَادَةِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ مَا أَطْلَقُوهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ تَأْثِيرِ الْقَلِيلِ فِي الظَّاهِرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَلْ إنْ كَانَ فَاحِشًا تَيَمَّمَ أَوْ يَسِيرًا فَلَا، وَالْوَاوُ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ بِمَعْنَى أَوْ وَبِهَا عَبَّرَ حَجّ (قَوْلُهُ: فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ) يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ فِي احْتِيَاجِهِ لِعَطَشِ الْمُحْتَرَمِ مِنْ أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ الْمَاءُ مَعَهُ وَتَارَةً يَكُونُ مَعَ غَيْرِهِ فَيُسَوَّى بَيْنَ النَّفْسِ وَالْعُضْوِ.
وَقَالَ حَجّ: وَظَاهِرُ تَقْيِيدِ نَحْوِ الْعُضْوِ هُنَا بِالْمُحْتَرَمِ لَيَخْرُجَ نَحْوُ يَدٍ تَحَتَّمَ قَطْعُهَا لِسَرِقَةٍ، أَوْ مُحَارَبَةٍ بِخِلَافِ وَاجِبَةِ الْقَطْعِ لِقَوَدٍ لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ اهـ.
وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ لَيْسَ مُحْتَرَمًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَقَدْ مَرَّ عَنْ سم أَنَّ الْأَقْرَبَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ) أَيْ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْيِيدِ الشَّيْنِ بِالْفَاحِشِ وَكَوْنِهِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ: جُدَرِيٌّ) الْجُدَرِيُّ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَالْجُدَرِيُّ بِفَتْحِهِمَا لُغَتَانِ اهـ مُخْتَارُ (قَوْلُهُ: هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ بِضَبْطِ الْقَلَمِ.
وَقَالَ التِّلْمِسَانِيُّ عَلَى السُّنَنِ: الْمُرُوءَةِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَبِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ مَعَ إبْدَالِهَا وَاوًا مَلَكَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ.
وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ فِي شَرْحِ الشِّفَاءِ: الْمُرُوءَةُ فُعُولَةٌ بِالضَّمِّ مَهْمُوزٌ قَدْ تُبْدَلُ هَمْزَتُهُ وَاوًا وَتُدْغَمُ وَتُسَهَّلُ بِمَعْنَى الْإِنْسَانِيَّةِ، لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَرْءِ وَهِيَ تَعَاطِي الْمَرْءِ مَا يَسْتَحْسِنُ وَتَجَنُّبُ مَا يُسْتَرْذَلُ كَالْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ وَالْمَلَابِسِ الْخَسِيسَةِ وَالْجُلُوسِ فِي الْأَسْوَاقِ اهـ.
وَفِي تَقْرِيبِ التَّقْرِيبِ لِابْنِ صَاحِبِ الْمِصْبَاحِ نُورِ الدِّينِ خَطِيبِ الدَّهْشَةِ مَا نَصُّهُ: مَرُؤَ الرَّجُلُ بِالضَّمِّ مُرُوءَةً كَسُهُولَةٍ وَقَدْ يُسَهَّلُ وَتُشَدَّدُ وَاوُهُ، أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاوَ وَالْيَاءَ إذَا زِيدَتَا وَوَقَعَ بَعْدَهُمَا هَمْزَةٌ أُبْدِلَتْ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا وَاوًا أَوْ يَاءً إلَخْ، ثُمَّ تُدْغَمُ فِيهَا الْوَاوُ وَالْيَاءُ حَسُنَتْ هَيْئَتُهُ وَعَفَافُهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ (قَوْلُهُ: الْمِهْنَةُ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الْمَهْنَةُ بِالْفَتْحِ الْخِدْمَةُ، وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ وَالْكِسَائِيُّ الْمِهْنَةُ بِالْكَسْرِ، وَأَنْكَرَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَفِي الْخَطِيبِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا أَيْضًا اهـ.
وَفِي الْقَامُوسِ: الْمِهْنَةُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَالتَّحْرِيكِ وَكَكَلِمَةِ الْحِذْقِ بِالْخِدْمَةِ وَالْعَمَلِ، يُقَالُ مَهَنَهُ كَمَنَعَهُ وَنَصَرَهُ مِهَنًا وَمِهْنَةً وَبِكَسْرٍ: خَدَمَهُ وَضَرَبَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَامْتَهَنَهُ اسْتَعْمَلَهُ لِلْمِهْنَةِ، فَامْتَهَنَ لَازِمٌ مُتَعَدٍّ: أَيْ فِي مُطَاوِعِهِ بِكَسْرِ الْوَاوِ لَازِمٌ، وَقَوْلُهُ مُتَعَدٍّ: أَيْ فِي مُطَاوَعِهِ بِفَتْحِ الْوَاوِ كَمَا تَقُولُ كَسْرَتُهُ فَانْكَسَرَ وَجَذَبْته فَانْجَذَبَ، وَلَيْسَ اللُّزُومُ وَالتَّعَدِّي فِي الْفِعْلِ حَالَةَ كَوْنِهِ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْمُتَطَهِّرِ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ هُنَا) وَقَدْ يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الْخُسْرَانَ فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ رَاجِعٌ إلَى الْمُسْتَعْمِلِ وَهُوَ مَالِكُ الْمَاءِ وَلَا كَذَلِكَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ اهـ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِهَامِشِ الدَّمِيرِيِّ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ: بِأَنَّ الْخُسْرَانَ ثَمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ إلَخْ) أَيْ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ جَوَازِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ تَحَقُّقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ) أَيْ الرَّدُّ بِتَأَتِّي مِثْلِهِ فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: تَوْجِيهُ مَا أَطْلَقُوهُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْخَوْفِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لِخَوْفِ ذَلِكَ فِيهِمَا) يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ لِلْمُحْتَرَزَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَالضَّمِيرُ فِيهِمَا الثَّانِي لِذَيْنِك الْمُحْتَرَزَيْنِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّيْنِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ تَعَالَى بِالطَّهَارَةِ)