للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكَذَا غَسْلُ الصَّحِيحِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَاضِلَةٍ عَمَّا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ بِبَلِّ خِرْقَةٍ وَعَصْرِهَا لِتَنْغَسِلَ تِلْكَ الْمَحَالُّ بِالْمُتَقَاطَرِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَمَسَّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّهُ غَسَلَ مَعَاطِفَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ غَسَلَ مَا أَمْكَنَهُ وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِي، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ فِي وُجُوبِ غَسْلِهِ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيه، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُ مَوْضِعِ الْعِلَّةِ بِالْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ إنَّمَا هُوَ الْغُسْلُ.

نَعَمْ يَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَضَعَ سَاتِرًا عَلَى الْعَلِيلِ لِيَمْسَحَ عَلَى السَّاتِرِ إذْ الْمَسْحُ رُخْصَةٌ فَلَا يُنَاسِبُهَا وُجُوبُ ذَلِكَ (وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَغَسْلِ الصَّحِيحِ (لِلْجُنُبِ) وَنَحْوِهِ مِنْ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمَنْ طُلِبَ مِنْهُ غُسْلٌ مَسْنُونٌ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الْعَلِيلِ وَالْمُبْدَلُ لَا يَجِبُ فِيهِ التَّرْتِيبُ فَكَذَلِكَ بَدَلُهُ.

وَرُدَّ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ تَقْدِيمِ غَسْلِ الصَّحِيحِ، كَوُجُوبِ تَقْدِيمِ مَاءٍ لَا يَكْفِيه بِأَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا لِلْعِلَّةِ وَهِيَ مُسْتَمِرَّةٌ وَهُنَاكَ لِعَدَمِ الْمَاءِ، فَأَمَرَ بِاسْتِعْمَالِهِ أَوَّلًا لِيَصِيرَ عَادِمًا وَيُحْمَلُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى مَا هُوَ مَعْهُودٌ فِي الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا غَسْلُ الصَّحِيحِ عَلَى الْمَذْهَبِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَمَّا بَيَّنَ حَبَّاتِ الْجُدَرِيِّ حُكْمُ الْعُضْوِ الْجَرِيحِ إنْ خَافَ مِنْ غَسْلِهِ مَا مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَاضِلَةٍ) أَيْ فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِئْجَارُ قَضَى لِنُدُورِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: عَمَّا مَرَّ) وَهُوَ مَا يُعْتَبَرُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فَضْلُهُ عَنْ الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّارِحِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرَةِ.

وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاءُ الْمَاءِ إذَا احْتَاجَ ثَمَنَهُ فِي الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُقْتَضَى غَيْرُ مُرَادٍ عِنْدَ الشَّارِحِ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فَضْلُهُ عَنْ الدَّيْنِ كَثَمَنِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: بِبَلِّ خِرْقَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ غَسَلَ (قَوْلُهُ: بِلَا إفَاضَةٍ إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ غَسْلٌ خَفِيفٌ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَسْحِ (قَوْلُهُ فَلَا يُنَاسِبُهَا وُجُوبُ ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى السَّاتِرِ إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَمَّا أَخَذَهُ مِنْ الصَّحِيحِ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ غَسْلِهِ فَلَا مَعْنَى لِوَضْعِ السَّاتِرِ عَلَيْهِ، بَلْ الْقِيَاسُ مَنْعُهُ لِأَدَائِهِ إلَى تَفْوِيتِ الْغَسْلِ مَعَ إمْكَانِهِ.

وَعِبَارَةُ ابْنِ قَاسِمٍ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ: نَعَمْ يُسَنُّ سَتْرُ الْجُرْحِ حَتَّى يَمْسَحَ عَلَيْهِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ اهـ.

قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَيْهِ طَهَارَةُ مَا تَحْتَ السَّاتِرِ مِنْ الصَّحِيحِ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهُ غَسْلُ الصَّحِيحِ لَا يُسَنُّ السَّتْرُ الْمَذْكُورُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، بَلْ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخَالِفُ الْمُرَاعَى خِلَافُهُ يَرَى ذَلِكَ.

وَقَدْ يُقَالُ: كَوْنُ الْمُخَالِفِ يَرَى ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي وَضْعَ السَّاتِرِ، لِأَنَّ رِعَايَةَ الْخِلَافِ إنَّمَا تُطْلَبُ حَيْثُ لَمْ تُفَوِّتْ مَطْلُوبًا عِنْدَنَا وَهِيَ هُنَا تُفَوِّتُ الْغَسْلَ الْوَاجِبَ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ نَزْعِ الْجَبِيرَةِ إذَا أَخَذَتْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا لِيَغْسِلَ مَا تَحْتَهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ غَسْلُ مَا حَوْلَ الْجُرْحِ مِنْ الصَّحِيحِ فَيُسَنُّ وَضْعُ السَّاتِرِ لِيَمْسَحَهُ بَدَلَ الصَّحِيحِ مُنْضَمًّا لِلتَّيَمُّمِ بَدَلَ الْجَرِيحِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: تَنْبِيهٌ مَا أَفَادَهُ الْمَتْنُ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا أَحْدَثَ لَا يَلْزَمُهُ التَّرْتِيبُ وَإِنْ كَانَتْ عِلَّتُهُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ عِلَّتُهُ فِي يَدِهِ مَثَلًا فَتَيَمَّمَ عَنْ الْجَنَابَةِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ وَأَعَادَ التَّيَمُّمَ عَنْ الْأَكْبَرِ لِإِرَادَتِهِ فَرْضًا ثَانِيًا فَيَنْدَرِجُ فِيهِ تَيَمُّمُ الْأَصْغَرِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْوُضُوءِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي جُنُبٍ بَقِيَ رِجْلَاهُ فَأَحْدَثَ لَهُ غَسْلُهُمَا قَبْلَ بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ، وَمَا أَوْمَأَ إلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّيَمُّمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَنْ الْأَصْغَرِ وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ فَهُوَ مُنَافٍ لِكَلَامِهِمْ أَنَّهُ حَيْثُ اجْتَمَعَ الْأَصْغَرُ وَالْأَكْبَرُ اضْمَحَلَّ النَّظَرُ إلَى الْأَصْغَرِ مُطْلَقًا اهـ (قَوْلُهُ: لِلْجُنُبِ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ وُجُوبًا.

أَقُولُ: أَيْ مِنْ جِهَةِ الْوُجُوبِ فَهُوَ تَمْيِيزٌ وَلَا خَبَرَ لِلَا هُنَا، إذْ الْكَثِيرُ إسْقَاطُ خَبَرِهَا بَلْ قِيلَ بِوُجُوبِ إسْقَاطِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْخَبَرَ مَحْذُوفٌ: أَيْ لَا تَرْتِيبَ وَاجِبٌ وُجُوبَهُ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ الْقَوْلُ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ حِكَايَةُ هَذَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>