للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّصُّ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ يَبْدَأُ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِيُذْهِبَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ (فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا) حَدَثًا أَصْغَرَ (فَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّيَمُّمِ وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ) لِاشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ فِي طَهَارَتِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْ عُضْوٍ حَتَّى يُكْمِلَهُ غَسْلًا وَتَيَمُّمًا عَمَلًا بِقَضِيَّةِ التَّرْتِيبِ، فَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْيَدِ فَالْوَاجِبُ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ وَتَأْخِيرِهِ عَنْ غَسْلِ الْوَجْهِ، وَلَهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى غَسْلِ الصَّحِيحِ وَهُوَ الْأَوْلَى لِيُزِيلَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ وَتَوَسُّطُهُ، إذْ الْعُضْوُ الْوَاحِدُ لَا تَرْتِيبَ فِيهِ وَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي وَجْهِهِ تَيَمَّمَ عَنْهُ قَبْلَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ.

وَيُسَنُّ لِلْجُنُبِ وَنَحْوِهِ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ أَيْضًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْأَصْحَابِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْأَوْلَى تَقْدِيمُ مَا نُدِبَ تَقْدِيمُهُ فِي الْغُسْلِ، فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحَتُهُ فِي رَأْسِهِ غَسَلَ مَا صَحَّ مِنْهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ عَنْ جَرِيحِهِ ثُمَّ غَسَلَ بَاقِي جَسَدِهِ وَمَا بَحَثَهُ ظَاهِرٌ لَا مَعْدِلَ عَنْهُ.

وَالثَّانِي يَجِبُ تَقْدِيمُ غَسْلِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا لِمَا مَرَّ فِي الْجُنُبِ.

وَالثَّالِثُ يَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ قَدَّمَ التَّيَمُّمَ عَلَى الْمَغْسُولِ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ (فَإِنْ جُرِحَ عُضْوَاهُ فَتَيَمُّمَانِ) يَجِبَانِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ اشْتِرَاطُ التَّيَمُّمِ وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ لِتَعَدُّدِ الْعَلِيلِ، فَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدِهِ تَيَمَّمَ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ تَيَمُّمَيْنِ: تَيَمُّمًا عَنْ الْوَجْهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ إلَى الْيَدِ، وَتَيَمُّمًا عَنْ الْيَدِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ لِمَسْحِ الرَّأْسِ، وَلَهُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ التَّيَمُّمَيْنِ بَعْدَ فَرَاغِ الْوَجْهِ وَلَوْ وُجِدَتْ الْعِلَّةُ فِي أَعْضَائِهِ الْأَرْبَعَةِ وَلَمْ تَعُمَّهَا فَثَلَاثُ تَيَمُّمَاتٍ وَاحِدٌ عَنْ وَجْهِهِ وَآخَرُ عَنْ يَدَيْهِ وَآخَرُ عَنْ رِجْلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَيَمُّمٍ عَنْ الرَّأْسِ لِأَنَّ مَسْحَ الصَّحِيحِ مِنْهَا يَكْفِي وَإِنْ قَلَّ.

نَعَمْ لَوْ عَمَّتهَا الْجِرَاحَةُ احْتَاجَ إلَى تَيَمُّمٍ رَابِعٍ عَنْهَا وَلَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ أَعْضَاءَهُ الْأَرْبَعَةِ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْوُضُوءِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى كُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا سَاتِرٌ عَمَّهُ وَتَمَكَّنَ مِنْ رَفْعِ السَّاتِرِ عَنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْقَوْلِ لَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ ثُبُوتُ الْخِلَافِ وَإِنْ لَمْ يَحْكِهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: لِيُزِيلَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ) هَذَا لَا يَأْتِي إذَا عَمَّتْ الْعِلَّةُ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ، وَنَظَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي مَسْحِ السَّاتِرِ هَلْ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ التَّيَمُّمِ كَالْغُسْلِ؟ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ الْأُولَى ذَلِكَ، لَكِنْ إنْ فَعَلَ السُّنَّةَ مِنْ مَسْحِهِ بِالتُّرَابِ لِيُزِيلَهُ مَاءُ الْمَسْحِ حِينَئِذٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَقَوْلُهُ هَذَا لَا يَأْتِي إلَخْ ظَاهِرٌ لَكِنَّهُ قَدْ يُوَجَّهُ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ فِيهِ بِمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ عَلَى غَيْرِهَا، فَتَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ حِينَئِذٍ لِكَوْنِهِ بَدَلًا مِنْ غَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: وَتَوَسُّطُهُ) أَيْ بِأَنْ يَغْسِلَ بَعْضَ الْعُضْوِ الصَّحِيحِ ثُمَّ يَتَيَمَّمَ عَنْ عِلَّتِهِ ثُمَّ يَغْسِلَ بَاقِي صَحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْجُنُبِ إلَخْ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَيُحْمَلُ النَّصُّ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ إلَخْ، وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ هُنَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ وَتَوْطِئَةٍ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الْجُنُبِ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ الْغُسْلِ عَلَى قَوْلٍ تَقَدَّمَ رَدُّهُ (قَوْلُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْوَجْهِ) وَبِهِ عُلِمَ رَدُّ مَا قِيلَ يَكْفِيه تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِعَدَمِ الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا.

وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ غَسْلُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَجَبَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِتَيَمُّمَيْنِ، وَسَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَوْ عَمَّتهَا) الْأَوْلَى عَمَّتْهُ لِأَنَّ الرَّأْسَ مُذَكَّرٌ (قَوْلُهُ: كَفَاهُ تَيَمُّمٌ) وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ لِأَرْبَعِ تَيَمُّمَاتٍ بِأَنْ كَانَ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ الْأَرْبَعَةِ عِلَّةٌ غَيْرُ عَامَّةٍ لِغَيْرِ الرَّأْسِ وَعَامَّةٍ لِلرَّأْسِ كَفَى نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ عِنْدَ تَيَمُّمِ الْوَجْهِ فَلَا تَحْتَاجُ بَقِيَّةُ التَّيَمُّمَاتِ نِيَّةً وَإِنْ نَوَى عِنْدَ غُسْلِ صَحِيحِ الْوَجْهِ رَفْعَ الْحَدَثِ اهـ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ.

أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِأَنَّ كُلَّ تَيَمُّمٍ طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ، وَإِذَا اكْتَفَى بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَسْحَ الصَّحِيحِ مِنْهَا) الصَّوَابُ مِنْهُ وَكَذَا يُقَالُ: فِي عَمَّتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>