للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَيْهَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ (فَرْضُ عَيْنٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، تُدْعَى إلَيْهَا الْأَغْنِيَاءُ وَتُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ» «وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ» أَيْ بِفَتْحِ الدَّالِ، وَقَوْلُ قُطْرُبٍ بِضَمِّهَا غَلَّطُوهُ فِيهِ، كَذَا قَالَهُ جَمْعٌ، وَيُنَافِيهِ قَوْلُ الْقَامُوسِ وَتُضَمُّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ سَبَبَ التَّغْلِيطِ أَنَّ قُطْرُبَ يُوجِبُ الضَّمَّ «فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَالْمُرَادُ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ لِأَنَّهَا الْمَعْهُودَةُ عِنْدَهُمْ، وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ فَلْيُجِبْ» وَلَا تَجِبُ إجَابَةٌ لِغَيْرِ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَمِنْهُ وَلِيمَةُ التَّسَرِّي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَقِيلَ تَجِبُ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَيْهِ لِأَخْبَارٍ فِيهِ (وَقِيلَ) فَرْضُ (كِفَايَةٍ) وَيَصِحُّ الرَّفْعُ لِأَنَّ الْقَصْدَ إظْهَارُ الْحَلَالِ عَنْ السِّفَاحِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِحُصُولِ الْبَعْضِ، وَيُرَدُّ بِفَرْضِ تَسْلِيمِ مَا عَلَّلَ بِهِ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى التَّوَاكُلِ (وَقِيلَ سُنَّةٌ) لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ مَالٍ فَلَمْ يَجِبْ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَكْلَ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ. أَمَّا عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَيْهَا قَطْعًا: أَيْ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ كَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ (وَإِنَّمَا) (تَجِبُ) الْإِجَابَةُ عَلَى الصَّحِيحِ (أَوْ تُسَنُّ) عَلَى مُقَابِلِهِ أَوْ عِنْدَ فَقْدِ بَعْضِ شُرُوطِ الْوُجُوبِ أَوْ فِي بَقِيَّةِ الْوَلَائِمِ (بِشَرْطِ) (أَنْ) يَخُصَّهُ بِدَعْوَةٍ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ مَعَ ثِقَةٍ أَوْ مُمَيِّزٍ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ الْكَذِبُ جَازِمَةٍ لَا إنْ فَتَحَ بَابَهُ وَقَالَ لِيَحْضُرَ مَنْ شَاءَ أَوْ قَالَ لَهُ أَحْضُرُ إنْ شِئْت مَا لَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ عَلَى جَرَيَانِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّأَدُّبِ أَوْ الِاسْتِعْطَافِ مَعَ ظُهُورِ رَغْبَتِهِ فِي حُضُورِهِ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَوْ قَالَ لَهُ إنْ شِئْت أَنْ تَحْمِلَنِي لَزِمَتْهُ الْإِجَابَةُ وَأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فَلَا تَجِبُ إجَابَةُ ذِمِّيٍّ بَلْ تُسَنُّ إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ أَوْ كَانَ نَحْوُ قَرِيبٍ أَوْ جَارٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ حُرْمَةُ الْمَيْلِ إلَيْهِ بِالْقَلْبِ، وَلَا يَلْزَمُ ذِمِّيًّا إجَابَةُ مُسْلِمٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي مَالِ الدَّاعِي شُبْهَةٌ أَيْ قَوِيَّةٌ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ فِي مَالِهِ حَرَامًا وَلَا يَعْلَمُ عَيْنَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامًا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ بَعْضِهِمْ مِنْ التَّقْيِيدِ لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ عَدَمُ كَرَاهَةِ مُعَامَلَتِهِ وَالْأَكْلِ مَعَهُ إلَّا حِينَئِذٍ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْوُجُوبِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ الْآنَ مَالٌ يَنْفَكُّ عَنْ شُبْهَةٍ، وَأَنْ لَا تَدْعُوهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَعَلَهَا كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ) لَيْسَ هَذَا مِنْ الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا هُوَ مَدْرَجٌ مِنْ كَلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعِبَارَةُ الْحَافِظِ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ نَصُّهَا: قَالَ الْحَافِظُ حَجّ فِي النُّكَتِ: لَمْ يَتَعَرَّضْ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَى بَيَانِ مَا يَنْسُبُ الصَّحَابِيُّ فَاعِلَهُ إلَى الْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ كَقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا أَوْ سَاحِرًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ: وَفِي رِوَايَةٍ، بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَكَقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ: فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَقَوْلُهُ فِي الْخَارِجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ وَقَوْلُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ، فَهَذَا ظَاهِرٌ أَنَّ لَهُ حُكْمَ الْمَرْفُوعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا لِجَوَازِ إحَالَةِ الْإِثْمِ عَلَى مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ الْقَوَاعِدِ. قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ بَلْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ مُسْنَدٌ اهـ (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ) أَيْ التَّغْلِيظَ (قَوْلُهُ: أَوْ عِنْدَ فَقْدِ بَعْضِ شُرُوطٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ شُرُوطَ الْوُجُوبِ: أَيْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ هِيَ الْمَذْكُورَةُ بِقَوْلِهِ بِشَرْطِ إلَخْ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى إنَّمَا تُسَنُّ عِنْدَ فَقْدِ بَعْضِ الشُّرُوطِ تِلْكَ الشُّرُوطَ وَذَلِكَ فَاسِدٌ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ ذِمِّيًّا إجَابَةُ مُسْلِمٍ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي قَرَابَةٌ أَمْ صَدَاقَةٌ أَمْ لَا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَعْوَةِ الْآخَرِ إنْ طَلَبَهَا لِلتَّوَدُّدِ، وَهُوَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

النَّظَرِ عَمَّا فَسَّرَ بِهِ الْحَدِيثَ فِيمَا مَرَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَقَلُّ الْكَمَالِ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ وَلِيمَةُ التَّسَرِّي) أَيْ مِنْ الْغَيْرِ لِيُوَافِقَ مَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِوَلِيمَةِ التَّسَرِّي (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) يَعْنِي وُجُوبَ الْإِجَابَةِ عَيْنًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ: أَيْ وَكِفَايَةً عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ الْآنَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِتَقْيِيدِ الشُّبْهَةِ فِيمَا مَرَّ بِالْقَوِيَّةِ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>