للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ

إلَّا إنْ كَانَ ثَمَّ نَحْوُ مَحْرَمٍ لَهُ أُنْثَى يَحْتَشِمُهَا أَوْ لَهَا وَأَذِنَ زَوْجُ الْمُزَوَّجَةِ وَسُنَّ لَهَا الْوَلِيمَةُ وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ خَلْوَةٌ مُحَرَّمَةٌ خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ كَسُفْيَانَ وَهِيَ كَرَابِعَةَ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ دَعْوَتَهَا أَكْثَرُ مِنْ رَجُلٍ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَحْصُلْ جَمْعٌ تُحِيلُ الْعَادَةُ مَعَهُمْ أَدْنَى فِتْنَةٍ أَوْ رِيبَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْعَدَدِ. وَيُتَصَوَّرُ اتِّحَادُ الرَّجُلِ مَعَ اشْتِرَاطِ عُمُومِ الدَّعْوَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ أَوَّلًا يَعْرِفُ ثَمَّ غَيْرَهُ، بَلْ يَأْتِي فِي هَذَا مَا يَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ يَتَّحِدُ لِقِلَّةِ مَا عِنْدَهُ وَمِنْ صُوَرِ وَلِيمَةِ الْمَرْأَةِ أَنْ تُولِمَ عَنْ الرَّجُلِ بِإِذْنِهِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الَّذِي يَظْهَرُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِدَعْوَتِهِ لَا بِدَعْوَتِهَا لِأَنَّ الْوَلِيمَةَ صَارَتْ لَهُ بِإِذْنِهِ لَهَا الْمُقْتَضِي لِتَقْدِيرِ دُخُولِ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ نَظِيرَ إخْرَاجِ فِطْرَةِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُزَادَ فِي التَّصْوِيرِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهَا فِي الدَّعْوَةِ أَيْضًا، وَأَنْ لَا يُعْذَرَ بِمُرَخِّصِ جَمَاعَةٍ كَمَا فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ تَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي إطْلَاقِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا طَالِبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ، وَبِهِ يُعْلَمُ اتِّجَاهُ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ كُلُّ مَنْ جَازَ هَجْرُهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ، وَأَنْ لَا يُدْعَى قَبْلُ وَتَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ. أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ لُزُومِهَا فَيَظْهَرُ أَنَّهَا كَالْعَدَمِ بَلْ يُجِيبُ الْأَسْبَقُ، فَإِنْ جَاءَا مَعًا أَجَابَ الْأَقْرَبُ رَحِمًا، فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ أَجَابَ الْأَقْرَبُ وَقَوْلُهُ أُقْرِعَ وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ، إذْ لَوْ قِيلَ بِالنَّدْبِ فَقَطْ لِلتَّعَارُضِ الْمُسْقِطِ لِلْوُجُوبِ لَمْ يَبْعُدْ، وَأَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَلَا يُجِيبُ غَيْرُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ لِعِصْيَانِهِ بِذَلِكَ، ثُمَّ إنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي أَنْ يُولِمَ كَانَ كَالْحُرِّ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الدَّعْوَةِ أَيْضًا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ اتَّخَذَهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَهُوَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ وَجَبَ الْحُضُورُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَأَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ حُرًّا وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَوْ مُكَاتَبًا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ حُضُورُهُ بِكَسْبِهِ وَإِلَّا فَبِالْإِذْنِ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ مُبَعَّضًا فِي نَوْبَتِهِ، وَغَيْرَ قَاضٍ: أَيْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لَهُ مَا لَمْ يَخُصَّ بِهَا بَعْضَ النَّاسِ إلَّا مَنْ كَانَ يَخُصُّهُمْ قَبْلَ الْوِلَايَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُنْتَفٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلدُّنْيَا وَإِلَّا فَهُوَ مُكَلَّفٌ بِالْفُرُوعِ (قَوْلُهُ وَسُنَّ لَهَا الْوَلِيمَةُ) يُتَأَمَّلُ صُورَةُ سَنِّهَا لَهَا فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَهُوَ خَاصٌّ بِوَلِيمَةِ الْعُرْسِ، وَلَا يَدْفَعُ هَذَا التَّوَقُّفُ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَوَّرَ بِهِ مُجَرَّدَ كَوْنِ الْوَلِيمَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي السَّنَّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ فِي حَقِّهَا بِغَيْرِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِسَائِرِ الْوَلَائِمِ، أَوْ أَنَّهَا فَعَلَتْهَا عَنْ الزَّوْجِ لِإِعْسَارِهِ أَوْ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْفِعْلِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ اتِّحَادُ الرَّجُلِ) أَيْ انْفِرَادُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ يُوجَدُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ صُوَرِ وَلِيمَةِ الْمَرْأَةِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّصْوِيرِ أَنَّ الْوَلِيمَةَ سُنَّةٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا) عَطْفُهُ عَلَى الْفَاسِقِ يَقْتَضِي أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ شِرِّيرًا لَا يُوجِبُ الْفِسْقَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِالشِّرِّيرِ كَثِيرُ الْخُصُومَاتِ وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ مُحَرَّمًا فَضْلًا عَنْ الْكَبِيرَةِ (قَوْلُهُ أَجَابَ الْأَقْرَبُ رَحِمًا) وَهَذَا التَّرْتِيبُ جَارٍ فِي الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ: وُجُوبَ ذَلِكَ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ فَلَا يُجِيبُ غَيْرَهُ) أَيْ فَلَا تَجُوزُ لَهُ الْإِجَابَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ) يُفِيدُ أَنَّ الْأُمَّ لَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً وَأَوْلَمَتْ مِنْ مَالِهَا لَهُ لَا يَجِبُ الْحُضُورُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ يَتَمَكَّنُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ إدْخَالِ مَالِهِ فِي مِلْكِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأُمِّ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي تَصْوِيرِهِ وَلِيمَةَ الْمَرْأَةِ أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ إذَا فَعَلَ الْوَلِيمَةَ بِإِذْنٍ مِمَّنْ طُلِبَتْ مِنْهُ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ عَلَى مَنْ دُعِيَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ مَا يَقْصِدُ مِنْ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخُصَّ) أَيْ الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ بِهَا: أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يُصَرِّحُ بِذَلِكَ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَأَذِنَ زَوْجُ الْمُزَوَّجَةِ) أَيْ فِي الْوَلِيمَةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بَلْ يَأْتِي فِي هَذَا الشَّرْطِ) يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوَ لَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخُصَّ) أَيْ الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ بِهَا أَيْ بِالْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَنْ كَانَ يَخُصُّهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: نَعَمْ لَوْ كَانَ يَخُصُّ قَوْمًا بِإِجَابَةٍ قَبْلَ الْوِلَايَةِ فَحَكَى ابْنُ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>