للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا بَأْسَ بِاسْتِمْرَارِهِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْأَوْلَى فِي زَمَانِنَا أَنْ لَا يُجِيبَ أَحَدٌ الْخُبْثَ النِّيَّاتِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلَّ ذِي وِلَايَةٍ عَامَّةٍ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالْأَوْجَهُ اسْتِثْنَاءُ أَبْعَاضِهِ وَنَحْوِهِمْ فَيَلْزَمُهُ إجَابَتُهُمْ لِعَدَمِ نُفُوذِ حُكْمِهِ لَهُمْ وَأَنْ لَا يَعْتَذِرَ لِلدَّاعِي فَيَعْذِرُهُ أَيْ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ لَا حَيَاءً بِحَسَبِ الْقَرَائِنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

وَأَنْ (لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ) بِالدَّعْوَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ أَغْنِيَاءَ فَلَا يَظْهَرُ مِنْهُ قَصْدُ التَّخْصِيصِ بِهِمْ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِقِلَّةِ مَا عِنْدَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ. أَمَّا إذَا خَصَّهُمْ لَا لِغِنَاهُمْ مَثَلًا بَلْ لِجِوَارٍ أَوْ اجْتِمَاعِ حِرْفَةٍ أَوْ قِلَّةِ مَا عِنْدَهُ فَيَلْزَمُهُمْ كَغَيْرِهِمْ الْإِجَابَةُ، وَمَا تَقَرَّرَ هُوَ مُرَادُ الْمُحَرَّرِ بِقَوْلِهِ مِنْهَا أَنْ يَدْعُوَ جَمِيعَ عَشِيرَتِهِ وَجِيرَانِهِ أَغْنِيَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ دُونَ أَنْ يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ فِي اشْتِرَاطِ التَّعْمِيمِ مَعَ فَقْرِهِ نَظَرٌ. قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِيرَانِ هُنَا أَهْلُ مَحَلَّتِهِ وَمَسْجِدِهِ دُونَ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَأَنْ لَا يَتَعَيَّنَ عَلَى الْمَدْعُوِّ حَقٌّ كَأَدَاءِ شَهَادَةٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ (وَأَنْ يَدْعُوَهُ) بِخُصُوصِهِ كَمَا مَرَّ (فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) (فَإِنْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ (لَمْ تَجِبْ فِي) الْيَوْمِ (الثَّانِي) بَلْ تُسْتَحَبُّ، وَهُوَ دُونَ سُنَّتِهَا فِي الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ، وَقِيلَ تَجِبُ إنْ لَمْ يُدْعَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، أَوْ دُعِيَ وَامْتَنَعَ لِعُذْرٍ وَدُعِيَ فِي الثَّانِي وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَتُكْرَهُ) فِي الْيَوْمِ (الثَّالِثِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ، وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ، وَفِي الثَّالِثِ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» وَالْأَوْجَهُ أَنَّ تَعَدُّدَ الْأَوْقَاتِ كَتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِعُذْرٍ كَضِيقِ مَنْزِلٍ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ مُطْلَقًا

(وَأَنْ لَا يُحْضِرَهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (لِخَوْفٍ) مِنْهُ (أَوْ طَمَعٍ فِي جَاهِهِ) أَوْ لِيُعَاوِنَهُ عَلَى بَاطِلٍ بَلْ لِلتَّقَرُّبِ وَالتَّوَدُّدِ الْمَطْلُوبِ أَوْ لِنَحْوِ عِلْمِهِ أَوْ صَلَاحِهِ وَوَرَعِهِ أَوَّلًا بِقَصْدِ شَيْءٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ أَنْ يَقْصِدَ بِإِجَابَتِهِ الِاقْتِدَاءَ بِالسُّنَّةِ حَتَّى يُنَابَ وَزِيَارَةَ أَخِيهِ وَإِكْرَامَهُ حَتَّى يَكُونَ مِنْ الْمُتَحَابِّينَ الْمُتَزَاوِرِينَ فِي اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْ صِيَانَةَ نَفْسِهِ عَنْ أَنْ يَظُنَّ بِهِ كِبْرًا وَاحْتِقَارَ مُسْلِمٍ (وَأَنْ لَا يَكُونَ ثُمَّ) أَيْ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يَحْضُرُ فِيهِ (مَنْ يَتَأَذَّى) الْمَدْعُوُّ (بِهِ) لِعَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَا أَثَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي (أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ) كَالْأَرْذَالِ لِلضَّرَرِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ: لَوْ كَانَ هُنَاكَ عَدُوٌّ لَهُ أَوْ دَعَاهُ عَدُوُّهُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي إسْقَاطِ الْوُجُوبِ فَمَحْمُولٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَتَأَذَّى بِهِ وَلَا تَكُونُ كَثْرَةُ الزَّحْمَةِ عُذْرًا إنْ وَجَدَ سَعَةً: أَيْ لِمَدْخَلِهِ وَمَجْلِسِهِ وَأَمِنَ عَلَى نَحْوِ عِرْضِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْبَيَانِ وَإِلَّا عُذِرَ (وَ) أَنْ (لَا) يَكُونَ بِمَحَلِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالْإِجَابَةِ اهـ سم (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ بِاسْتِمْرَارِهِ) أَيْ الطَّلَبِ فِي حَقِّهِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُجِيبَ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: كُلَّ ذِي وِلَايَةٍ عَامَّةٍ) وَمِنْهُ مَشَايِخُ الْبُلْدَانِ وَالْأَسْوَاقِ

(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا مَنْ يَتَجَمَّلُ بِهِ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا (قَوْلُهُ: أَوْ قِلَّةِ مَا عِنْدَهُ) أَيْ وَاتَّفَقَ أَنَّ الَّذِينَ دَعَاهُمْ لِذَلِكَ هُمْ الْأَغْنِيَاءُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَ تَخْصِيصَهُمْ بِالدَّعْوَةِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ أَنَّ الشَّخْصَ يَدْعُو جَمَاعَةً وَيَعْقِدُ الْعَقْدَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُهَيِّئُ طَعَامًا وَيَدْعُو النَّاسَ ثَانِيًا فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: وَسُمْعَةٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: كَضَيِّقِ مَنْزِلٍ) أَوْ قَصْدِ جَمْعِ الْمُتَنَاسِبَيْنِ فِي وَقْتٍ كَالْعُلَمَاءِ وَالتُّجَّارِ وَنَحْوِهِمْ

(قَوْلُهُ أَنْ يَقْصِدَ) أَيْ الْمَدْعُوُّ بِإِجَابَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ) أَيْ الْمَدْعُوِّ لِأَنَّ الْحُضُورَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِزَوَالِ الْعَدَاوَةِ (قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِالِاسْتِمْرَارِ

(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ عُذْرٍ كَقِلَّةِ مَا عِنْدَهُ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ كَوْنِهِ يَخُصُّهُمْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ أَغْنِيَاءَ لِنَحْوِ هَذَا الْعُذْرِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَتَأَذَّى بِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَمْلٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْحَمْلُ فِي الثَّانِيَةِ يُنَافِي إطْلَاقَ قَوْلِهِ الْمَارِّ وَلَا أَثَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْبَيَانِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ الْمَارِّ وَأَنْ لَا يُعْذَرَ بِمُرَخِّصِ جَمَاعَةٍ كَمَا فِي الْبَيَانِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ عِلْمِ مَا ذَكَرَهُ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْبَيَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخَوْفَ عَلَى الْعِرْضِ لَيْسَ عُذْرًا بِرَأْسِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، عَلَى أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ مُجَالَسَةِ مَنْ لَا تَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ، بَلْ يَظْهَرُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَوْنِ الْمُجَالَسَةِ الْمَذْكُورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>