فِي الْوُضُوءِ، وَتَعَدَّدَ التَّيَمُّمُ بِتَعَدُّدِ مَحَلِّ الْعِلَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ نَزْعُهَا مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَجَبَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ مَسْحُ كُلِّ جَبِيرَتِهِ بِمَاءٍ) حَتَّى مَا تَحْتَ أَطْرَافِ السَّاتِرِ مِنْهُ بِالتَّلَطُّفِ السَّابِقِ حَيْثُ أَمْكَنَ فَلَا يُجْزِئُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ السَّاتِرِ لِأَنَّهُ أُبِيحَ لِضَرُورَةِ الْعَجْزِ عَنْ الْأَصْلِ فَيَجِبُ فِيهِ التَّعْمِيمُ كَالْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ، وَخَرَجَ بِالْمَاءِ التُّرَابُ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ فَلَا يُؤَثِّرُ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ، بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ مِنْ وَرَائِهِ فِي نَحْوِ مَسْحِ الْخُفِّ، وَيُشْتَرَطُ فِي السَّاتِرِ أَنْ لَا يَسْتُرَ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِمْسَاكِ إذْ الْمَسْحُ بَدَلٌ عَنْهُ حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْ الصَّحِيحِ أَصْلًا سَقَطَ حِينَئِذٍ مَسْحُهُ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعُضْوُ جَرِيحًا وَوَاجِبُهُ التَّيَمُّمُ عَنْهُ وَغَسْلُ الْبَاقِي فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْتُرَ أَوَّلًا، فَإِطْلَاقُهُمْ وُجُوبَ الْمَسْحِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ السَّاتِرَ يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى مَحَلِّ الْعِلَّةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُوضَعَ عَلَى طُهْرٍ كَالْخُفِّ وَإِلَّا وَجَبَ نَزْعُهُ وَالْوَضْعُ عَلَى طُهْرٍ إنْ أَمْكَنَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ مَسَحَ وَقَضَى كَمَا يَأْتِي، وَأَفْهَمَ إطْلَاقُهُ أَنَّهُ لَا يَتَأَقَّتُ لِأَنَّ التَّأْقِيتَ لَمْ يَرِدْ هُنَا، بِخِلَافِهِ فِي الْخُفِّ فَلَهُ الْمَسْحُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ، وَيَمْسَحُ عَلَيْهَا وَلَوْ أَصَابَهَا دَمٌ مِنْ الْجُرْحِ لِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَإِنْ اخْتَلَطَ الدَّمُ بِالْمَاءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ عَلَى دَفْعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِلرَّجُلِ بِالْغُسْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ نَزْعُهَا (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَسْتُرَ) الْأَوْلَى وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ مَسْحِ السَّاتِرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا فَإِنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ إلَخْ نَعَمْ يُشْتَرَطُ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ الصَّحِيحِ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِمْسَاكِ، لَكِنْ لَيْسَ الْكَلَامُ الْآنَ فِي الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى طُهْرٍ) فِي نُسْخَةٍ كَامِلٍ لَا طُهْرِ ذَلِكَ الْعُضْوِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَصَابَهَا دَمٌ مِنْ الْجُرْحِ) غَايَةٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ نَفِدَ إلَيْهَا نَحْوُ دَمِ الْجُرْحِ وَعَمَّهَا عُفِيَ عَنْ مُخَالَطَةِ مَاءٍ مَسَحَهَا لَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ اخْتِلَاطِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ بِأَجْنَبِيٍّ يَحْتَاجُ إلَى مُمَاسَّتِهِ لَهُ اهـ.
وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِهِ وَعَمَّهَا مَا نَصُّهُ اُنْظُرْ لَوْ عَمّهَا جُرْمُ الدَّمِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَسْحُ لِنَفْسِهَا اهـ: أَيْ فَهَلْ يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهَا أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ تَجَمَّدَ الْعَرَقُ عَلَى الْبَدَنِ حَتَّى صَارَ كَالْجُزْءِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ حَائِلًا بَلْ يَكْتَفِي بِجَرَيَانِ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْبَدَنِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْجُزْءِ مِنْهُ فَكَذَلِكَ هُنَا، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْعَلَامَةِ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْعُبَابِ مَا يُوَافِقُهُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي آخِرِ بَابِ التَّيَمُّمِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِجُرْحِهِ دَمٌ كَثِيرٌ مِنْ قَوْلِهِ وَتَقْيِيدِهِ بِالْكَثِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى كَثِيرٍ جَاوَزَ مَحَلَّهُ أَوْ حَصَلَ بِفَعْلَةٍ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْجُرْحُ فِي عُضْوِ التَّيَمُّمِ وَعَلَيْهِ دَمٌ كَثِيرٌ حَائِلٌ يَمْنَعُ الْمَاءَ وَإِيصَالَ التُّرَابِ عَلَى الْعُضْوِ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ هُنَا لِوُجُودِ الْحَائِلِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: مَعْفُوٌّ عَنْهُ) زَادَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْد مَا ذَكَرَ نَقْلًا عَنْ م ر خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَرَاجَعْت فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ فَوَجَدْت الَّذِي فِيهَا عَلَى وَجْهٍ آخَرَ فَرَاجِعْهُ.
قَالَ م ر: فَلَوْ كَانَ لَوْ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: حَتَّى مَا تَحْتَ أَطْرَافِ السَّاتِرِ مِنْهُ) ظَاهِرُهُ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ غَايَةٌ فِي الْمَسْحِ: أَيْ فَيَمْسَحُ حَتَّى مَا تَحْتَ أَطْرَافِ السَّاتِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَفِي الْعِبَارَةِ سَقْطٌ يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَنَصُّهَا بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ سَتَرَ عَمَّهُ مَسْحًا بِمَاءٍ أَبَدًا وَغَسَلَ الصَّحِيحَ حَتَّى مَا تَحْتَ أَطْرَافِ السَّاتِرِ إلَخْ، فَلَعَلَّهُ سَقَطَ لَفْظُ وَغَسَلَ الصَّحِيحَ مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ) أَيْ لِصِحَّةِ الْمَسْحِ إذْ هُوَ قَيْدٌ لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى: أَيْ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ نَزْعِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ نَزْعُهُ) وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا لَوْ وَضَعَهَا عَلَى حَدَثٍ أَوْ طُهْرٍ إلَّا فِي الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي آخِرِ الْبَابِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ مَسَحَ وَقَضَى) هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا فَالْقَضَاءُ لَازِمٌ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا يَأْتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute