للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ كَوُجُوبِ تَنَحْنُحِ مُصَلِّي الْفَرْضِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ.

(وَقِيلَ) يَكْفِيه مَسْحُ (بَعْضِهَا) كَالْخُفِّ وَالرَّأْسِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّأْسِ بِأَنَّ فِي تَعْمِيمِهِ مَشَقَّةَ النَّزْعِ وَبَيْنَ الْخُفِّ بِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا فَإِنَّ الِاسْتِيعَابَ يُبْلِيه.

(فَإِذَا) (تَيَمَّمَ) مِنْ غَسْلِ الصَّحِيحِ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْجَرِيحِ وَأَدَّى فَرِيضَةً (لِفَرْضٍ ثَانٍ) وَثَالِثٍ وَهَكَذَا (وَلَمْ يُحْدِثْ) وَلَمْ يَطْرَأْ عَلَى تَيَمُّمِهِ مُبْطِلٌ لَهُ (لَمْ يُعِدْ الْجُنُبُ) وَنَحْوُهُ (غُسْلًا) لِمَا غَسَلَهُ وَلَا مَسْحًا لِمَا مَسَحَهُ، إذْ التَّيَمُّمُ طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَلْزَمُ بِارْتِفَاعِ حُكْمِهَا انْتِقَاضُ طَهَارَةٍ أُخْرَى، كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ ثُمَّ أَحْدَثَ يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ وَلَا يَنْتَقِضُ غُسْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ بَعْضَ الْمَغْسُولِ فِي الْجَنَابَةِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي الْجُمْلَةِ (وَيُعِيدُ الْمُحْدِثُ) غَسْلَ (مَا بَعُدَ عَلِيلِهِ) مُرَاعَاةً لِلتَّرْتِيبِ، فَإِذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ فِي الْيَدِ تَيَمَّمَ وَأَعَادَ مَسْحَ الرَّأْسِ ثُمَّ غَسَلَ الرِّجْلَيْنِ، لِأَنَّ حُكْمَ الْحَادِثِ عَادَ إلَى الْعُضْوِ فِي حَقِّ الْفَرِيضَةِ دُونَ النَّوَافِلِ فَيَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ مَا بَعْدَهُ (وَقِيلَ يَسْتَأْنِفَانِ) فَيُعِيدُ الْمُحْدِثُ الْوُضُوءَ وَالْجُنُبُ الْغُسْلَ (وَقِيلَ الْمُحْدِثُ كَجُنُبٍ) فَلَا يُعِيدُ شَيْئًا عَلَى الصَّحِيحِ (قُلْت: هَذَا الثَّالِثُ أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ مَا بَعْدَ عَلِيلِهِ أَنْ لَوْ بَطَلَتْ طَهَارَةُ الْعَلِيلِ وَطَهَارَةُ الْعَلِيلِ بَاقِيَةٌ بِدَلِيلِ جَوَازِ التَّنَفُّلِ.

وَإِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ وَهُوَ إعَادَةُ التَّيَمُّمِ فَقَطْ وَكَانَ مُتَعَدِّدًا فَهَلْ يُعِيدُهُ كَذَلِكَ أَوْ يُعِيدُ تَيَمُّمًا فَقَطْ؟ الْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ تَيَمُّمًا وَاحِدًا، وَالْقَائِلُ بِتَعَدُّدِهِ بِنَاءً عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُحْدِثْ مَا إذَا أَحْدَثَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ جَمِيعَ مَا مَرَّ، وَلَوْ رَفَعَ الْجَبِيرَةَ عَنْ مَوْضِعِ الْكَسْرِ فَوَجَدَهُ قَدْ انْدَمَلَ أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بَعْدَ الِانْدِمَالِ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا، وَلَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ بَرِيءَ أَمْ لَا كَانْقِلَاعِ الْخُفِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ السَّاتِرَ لِتَوَهُّمِ الْبُرْءِ فَبَانَ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ، وَلَعَلَّ صُورَةَ رَفْعِ السَّاتِرِ أَنَّهُ ظَهَرَ مِنْ الصَّحِيحِ مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ عَكْسُ صُورَةِ سُقُوطِ الْجَبِيرَةِ، إذْ لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهَا مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ مَا ظَهَرَ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَسَحَهَا انْتَقَلَ الدَّمُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ بِحَيْثُ لَا يُعْفَى عَنْهُ مَسَحَ أَيْضًا لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ نَجَّسَ نَفْسَهُ لِحَاجَةٍ وَهُوَ جَائِزٌ ثُمَّ يَغْسِلُ الْمَحَلَّ الْمُنْتَقَلَ إلَيْهِ الْمَذْكُورُ اهـ.

وَهَذَا لَا يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْخُفَّ إذَا تَنَجَّسَ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ يُمْسَحُ مِنْهُ مَا لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْخُفَّ لَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ بِالْمَسْحِ بَلْ الْوَاجِبُ فِيهِ مَا يُسَمَّى مَسْحًا فَلَا ضَرُورَةَ إلَى مَسْحِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ، وَأَمَّا الْجَبِيرَةُ فَيَجِبُ اسْتِيعَابُهَا، فَالدَّمُ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا أَشْبَهَتْ مَا لَوْ عَمَّتْ النَّجَاسَةُ الْخُفَّ وَتَقَدَّمَ جَوَازُ مَسْحِهِ حِينَئِذٍ ثَمَّ عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فِي تَعْمِيمِهِ) أَيْ الرَّأْسِ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) مِنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ (قَوْلُهُ مَا إذَا أَحْدَثَ) أَيْ أَوْ أَجْنَبَ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: بَعْدَ الِانْدِمَالِ) أَيْ مَا عَلِمَ أَنَّهَا بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَإِنْ تَرَدَّدَ فِي وَقْتِ الِانْدِمَالِ قُدِّرَ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ يُمْكِنُ الِانْدِمَالُ فِيهِ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ لِظُهُورِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْآتِي مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ مَا ظَهَرَ (قَوْلُهُ: لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ) أَيْ وَلَا صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ صُورَةَ رَفْعِ السَّاتِرِ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ السَّاتِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ) لَوْ قَالَ: لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الصَّحِيحِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَانَ أَوْضَحَ لِشُمُولِهِ مَا لَوْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْءٌ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ مُسْتَفَادًا بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهَا) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ صُورَةَ رَفْعِ السَّاتِرِ أَنَّهُ ظَهَرَ مِنْ الصَّحِيحِ مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ) عِبَارَةٌ مَقْلُوبَةٌ إذْ لَيْسَ لَنَا صُورَةٌ يَظْهَرُ فِيهَا مِنْ الصَّحِيحِ مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ أَنْ أَجَابَ بِالْجَوَابِ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّيْخِ بَعْدَ نَصِّهَا ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ أَجَابَ بِحَمْلِ مَا هُنَا أَيْ مَسْأَلَةِ رَفْعِ السَّاتِرِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الصَّحِيحِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَمَا هُنَاكَ فِي مَسْأَلَةِ الْجَبِيرَةِ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَوْلَى انْتَهَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>