للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هِيَ بِمَعْنَى كَأَنْ، وَالْمُصَنِّفُ يَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ كَثِيرًا (أُكْرِهَ) عَلَى طَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ مُبْهِمًا فَعَيَّنَ أَوْ مُعَيِّنًا فَأَبْهَمَ أَوْ (عَلَى ثَلَاثٍ فَوَحَّدَ أَوْ صَرِيحٍ أَوْ تَعْلِيقٍ فَكَنَى أَوْ نَجَّزَ أَوْ عَلَى) أَنْ يَقُولَ (طَلَّقْت فَسَرَّحَ أَوْ بِالْعُكُوسِ) أَيْ عَلَى وَاحِدَةٍ فَثَلَّثَ أَوْ كِنَايَةٍ فَصَرَّحَ أَوْ تَنْجِيزٍ فَعَلَّقَ أَوْ تَسْرِيحٍ فَطَلَّقَ (وَقَعَ) لِاخْتِيَارِهِ الْمَأْتِيِّ بِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ الْحِسِّيِّ وَالشَّرْعِيِّ، فَلَوْ حَلَفَ لِيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ اللَّيْلَةَ فَوَجَدَهَا حَائِضًا أَوْ لَتَصُومَنَّ غَدًا فَحَاضَتْ فِيهِ أَوْ لِيَبِيعَنَّ أَمَتَهُ الْيَوْمَ فَوَجَدَهَا حَامِلًا مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ زَيْدًا حَقَّهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَعَجَزَ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِ مَنْ حَلَفَ لَيَعْصِيَنَّ اللَّهَ وَقْتَ كَذَا فَلَمْ يَعْصِهِ حَيْثُ حَنِثَ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا فَصَلَّاهُ حَنِثَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ خَصَّ يَمِينَهُ بِالْمَعْصِيَةِ أَوْ أَتَى بِمَا يَعُمُّهَا قَاصِدًا دُخُولَهَا وَدَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ كَمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ مُفَارَقَةِ الْغَرِيمِ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاحَّةِ فِيهَا أَنَّهُ أَرَادَ لَا يُفَارِقُهُ وَإِنْ أَعْسَرَ حَنِثَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ وَلَا قَرِينَةَ فَيُحْمَلُ عَلَى الْجَائِزِ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ شَرْعًا وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ.

(وَشَرْطُ) حُصُولِ (الْإِكْرَاهِ) (قُدْرَةُ الْمُكْرِهِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (عَلَى تَحْقِيقِ مَا) أَيَّ أَمْرٍ غَيْرِ مُسْتَحَقٍّ (هَدَّدَ) الْمُكْرَهَ (بِهِ) عَاجِلًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ (بِوِلَايَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ) أَوْ فَرْطِ هُجُومٍ (وَعَجَزَ الْمُكْرَهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (عَنْ دَفْعِهِ بِهَرَبٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَالِاسْتِغَاثَةِ (وَظَنَّهُ) بِقَرِينَةٍ عَادَةً مَثَلًا (أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ حَقَّقَهُ) أَيْ فَعَلَ بِهِ مَا خَوَّفَهُ مِنْهُ، إذْ لَا يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ بِدُونِ اجْتِمَاعِ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَخَرَجَ بِ غَيْرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: إحْدَى امْرَأَتَيْهِ مُبْهِمًا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى التَّعْيِينِ بِأَنْ قَالَ لَهُ بِأَنْ تُعَيِّنَ إحْدَاهُمَا وَتُطَلِّقَهَا كَانَ إكْرَاهًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَكَنَى) هُوَ بِالتَّخْفِيفِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ قَالَ: الْكِنَايَةُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ وَيُرِيدَ غَيْرَهُ، وَقَدْ كَنَيْتُ بِكَذَا عَنْ كَذَا وَكَنَوْتُ أَيْضًا كِنَايَةً فِيهِمَا، ثُمَّ قَالَ: وَكَنَّاهُ أَبَا زَيْدٍ وَبِأَبِي زَيْدٍ تَكْنِيَةً كَمَا تَقُولُ سَمَّاهُ اهـ. فَجَعَلَ التَّكْنِيَةَ بِمَعْنَى وَضَعَ الْكُنْيَةَ وَالْكِنَايَةُ هِيَ التَّكَلُّمُ بِكَلَامٍ يُرِيدُ غَيْرَ مَعْنَاهُ، وَلَعَلَّ هَذَا بِحَسَبِ اللُّغَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ فَهِيَ لَفْظٌ يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ وَغَيْرَهُ فَيَحْتَاجُ فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ لِنِيَّةِ الْمُرَادِ لِخَفَائِهِ، فَهُوَ نِيَّةُ أَحَدِ مُحْتَمَلَاتِ اللَّفْظِ لَا نِيَّةُ مَعْنًى مُغَايِرٍ لِمَدْلُولِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ إلَخْ) أَيْ وَيَبَرَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ فَقَطْ مَا لَمْ يُرِدْ بِالْوَطْءِ قَضَاءَ الْوَطَرِ.

(قَوْلُهُ: فَوَجَدَهَا حَائِضًا) أَقُولُ: إنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحَيْضَ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ حَلِفِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَلَفَ وَهِيَ طَاهِرَةٌ ثُمَّ حَاضَتْ، فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ وَطْئِهَا قَبْلَ الْحَيْضِ وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ بِأَنْ طَرَقَهَا الدَّمُ عَقِبَ الْحَلِفِ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا مَرَّ فِيمَنْ غَلَبَهُ النَّوْمُ، وَكَمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامِ غَدًا فَتَلِفَ الطَّعَامُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ، فَإِنَّهُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْأَكْلِ وَلَمْ يَأْكُلْ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: قَوْلُهُ فَوَجَدَهَا حَائِضًا وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ وَجَدَهَا مَرِيضَةً مَرَضًا لَا تُطِيقُ مَعَهُ الْوَطْءَ فَلَا حِنْثَ، وَتُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا (قَوْلُهُ حَامِلًا مِنْهُ) أَيْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ تُوجِبُ حُرِّيَّةَ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: فَعَجَزَ عَنْهُ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى جُمْلَتِهِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَكْثَرِهِ وَلَمْ يُوفِهِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: خَصَّ يَمِينَهُ بِالْمَعْصِيَةِ) كَلَا أُصَلِّي الظُّهْرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَتَى بِمَا يَعُمُّهَا كَلَا أُصَلِّي فِي هَذَا الْيَوْمِ قَاصِدًا بِذَلِكَ دُخُولَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي مُطْلَقِ الصَّلَاةِ، (وَقَوْلُهُ قَاصِدًا دُخُولَهَا) : أَيْ الْمَعْصِيَةَ، (وَقَوْلُهُ أَنَّهُ أَرَادَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنَّمَا حَلَفْت لِظَنِّي يَسَارَهُ لَمْ يَحْنَثْ إذَا فَارَقَهُ بِلَا اسْتِيفَاءٍ سِيَّمَا إذَا أَظْهَرَ لِمَا ادَّعَاهُ سَبَبًا كَقَوْلِهِ وَجَدْت مَعَك قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ دَرَاهِمَ أَخَذْتهَا مِنْ جِهَةِ كَذَا فَذَكَرَ الْمَدِينُ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهَا وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِطَرِيقِهِ،

(وَقَوْلُهُ بِوِلَايَةٍ) وَمِنْهُ الْمِشَدُّ الْمَنْصُوبُ مِنْ جِهَةِ الْمُلْتَزِمِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْوَفَاءَ فِي جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَرَ فَلَمْ يُؤَدِّ ثُمَّ أَعْسَرَ بَعْدُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشِّهَابِ حَجّ فِي آخِرِ الطَّلَاقِ أَوْ قَالَ مَتَى مَضَى يَوْمُ كَذَا مَثَلًا وَلَمْ أُوفِ فُلَانًا دَيْنَهُ فَأَعْسَرَ لَمْ يَحْنَثْ لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِعْسَارِ مِنْ حِينِ التَّعْلِيقِ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ اهـ.

وَقَوْلُ حَجّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>