للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْتَحَقٍّ قَوْلُهُ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ قَوَدٌ طَلِّقْهَا وَإِلَّا اقْتَصَصْت مِنْك كَمَا مَرَّ وَبِ عَاجِلًا لَأَقْتُلَنَّكَ غَدًا فَيَقَعُ فِيهِمَا، وَإِنْ عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ الْمُطَّرِدَةِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ الْآنَ يَتَحَقَّقُ الْقَتْلُ غَدًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَوَجْهُهُ أَنَّ بَقَاءَهُ إلَى الْغَدِ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْإِلْجَاءُ.

(وَيَحْصُلُ) الْإِكْرَاهُ (بِتَخْوِيفٍ) (بِضَرْبٍ شَدِيدٍ) فِيمَنْ يُنَاسِبُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالصَّفْعَةُ الشَّدِيدَةُ لِذِي مُرُوءَةٍ فِي الْمَلَإِ كَذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الدَّارِمِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْيَسِيرَ فِي حَقِّ ذِي الْمُرُوءَةِ إكْرَاهٌ (أَوْ حَبْسٍ) طَوِيلٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: أَيْ عُرْفًا، وَلِذَا بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَظِيرَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْقَلِيلَ لِذِي الْمُرُوءَةِ إكْرَاهٌ (أَوْ إتْلَافِ مَالٍ) يَتَأَثَّرُ بِهِ، فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ إنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَالٍ قَلِيلٍ لَا يُبَالِي بِهِ كَتَخْوِيفِ مُوسِرٍ: أَيْ سَخِيٍّ بِأَخْذِ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ كَمَا فِي حِلْيَةِ الرُّويَانِيِّ (وَنَحْوِهَا) مِنْ كُلِّ مَا يُؤْثِرُ الْعَاقِلُ الْإِقْدَامَ عَلَى الطَّلَاقِ دُونَهُ كَالِاسْتِخْفَافِ بِوَجِيهٍ بَيْنَ الْمَلَإِ وَكَالتَّهْدِيدِ بِقَتْلِ بَعْضِ مَعْصُومٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنْ عَلَا أَوْ سَفَلَ وَكَذَا رَحِمٌ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَيَتَّجِهُ أَيْضًا الْإِلْحَاقُ بِالْقَتْلِ هُنَا نَحْوَ جُرْحٍ وَفُجُورٍ بِهِ بَلْ لَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا فَجَرْت بِهَا حَالًا كَانَ إكْرَاهًا فِيمَا يَظْهَرُ، بِخِلَافِ قَوْلِ آخَرَ لَهُ طَلِّقْ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي أَوْ كَفَرْت أَوْ أَبْطَلْت صَوْمِي مَا لَمْ يَكُنْ نَحْوَ فَرْعٍ أَوْ أَصْلٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ إكْرَاهًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ: أَيْ فِي صُورَةِ الْقَتْلِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ قَتْلٌ، وَقِيلَ قَتْلٌ أَوْ قَطْعٌ أَوْ ضَرْبُ مَخُوفٍ) لِإِفْضَائِهِمَا إلَى الْقَتْلِ (وَلَا يُشْتَرَطُ التَّوْرِيَةُ) فِي الصِّيغَةِ كَأَنْ يَنْوِيَ بِ طَلَّقْت الْإِخْبَارَ كَاذِبًا أَوْ إطْلَاقَهَا مِنْ نَحْوِ قَيْدٍ أَوْ يَقُولُ عَقِبَهَا سِرًّا إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَدَعْوَى أَنَّ الْمَشِيئَةَ بِالْقَلْبِ تَنْفَعُ بِلَا تَلَفُّظٍ وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَلَا فِي الْمَرْأَةِ (بِأَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهَا) لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى اللَّفْظِ فَهُوَ مِنْهُ كَالْعَدَمِ (وَقِيلَ إنْ تَرَكَهَا بِلَا عُذْرٍ) كَغَبَاوَةٍ أَوْ دَهْشَةٍ (وَقَعَ) لِإِشْعَارِهِ بِالِاخْتِيَارِ، وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْ الْمُكْرَهَ عَلَى الْكُفْرِ وَلَوْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نَتْرُكُك حَتَّى تَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِشَرْطِ الْإِعْسَارِ إلَخْ، أَمَّا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ يَقْضِيهِ حَقَّهُ عِنْدَ آخِرِ الشَّهْرِ مَثَلًا وَأَعْسَرَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِلْوَفَاءِ لَكِنْ أَيْسَرَ قَبْلَهُ بَعْدَ الْحَلِفِ وَكَانَ يُمْكِنُهُ ادِّخَارُ مَا أَيْسَرَ بِهِ إلَى الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْوَفَاءِ إذْ لَا يَبَرُّ بِالْأَدَاءِ إلَّا فِي آخِرِ الشَّهْرِ، وَالْبِرُّ لَيْسَ مَحْصُورًا فِيمَا أَيْسَرَ بِهِ قَبْلَ الْآخِرِ فَلَيْسَ فِي إتْلَافِهِ تَفْوِيتٌ لِلْبِرِّ بِاخْتِيَارِهِ، وَلِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَأَتْلَفَهُ قَبْلَ الْغَدِ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ بِالْحِنْثِ إذْ الْبِرُّ مَحْصُورٌ فِي ذَلِكَ الطَّعَامِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِعْسَارِ هُنَا مَا مَرَّ فِي الْمُفْلِسِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا أَضْيَقَ فَلَا يُتْرَكُ لَهُ هُنَا جَمِيعُ مَا يُتْرَكُ لَهُ ثَمَّ، وَإِنَّمَا يُتْرَكُ لَهُ الضَّرُورِيُّ لَا الْحَاجِيُّ اهـ قُبَيْلَ بَابِ الرَّجْعَةِ، وَيُكَلَّفُ الْبَيْعَ وَلَوْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ فِيمَا يَظْهَرُ

(قَوْلُهُ: بِتَخْوِيفٍ) لَوْ خَوَّفَ آخَرُ بِمَا يَحْسِبُهُ مُهْلِكًا فَاحْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا رَأَوْا سَوَادًا ظَنُّوهُ عَدُوًّا فَصَلَّوْا فَبَانَ خِلَافُهُ.

قَالَ فِي الْبَسِيطِ: لَعَلَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ الْوُقُوعِ لِأَنَّهُ سَاقِطُ الِاخْتِيَارِ بِرّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَالصَّفْعَةُ) أَيْ الضَّرْبَةُ الْوَاحِدَةُ (قَوْلُهُ: لِذِي الْمُرُوءَةِ إكْرَاهٌ) خَرَجَ بِذِي الْمُرُوءَةِ غَيْرُهُ، فَالْقَلِيلُ فِي حَقِّهِ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ كَاحْتِيَاجِهِ لِكَسْبٍ يَصْرِفُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عِيَالِهِ فَلَا نَظَرَ لَهُ لِأَنَّهُ بِدُونِ الْحَبْسِ قَدْ يَحْصُلُ لَهُ تَرْكُ الْكَسْبِ وَلَا يَتَأَثَّرُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إتْلَافِ مَالٍ) أَوْ أَخْذِهِ مِنْهُ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا تَفْوِيتٌ عَلَى مَالِكِهِ (قَوْلُهُ: مَالٌ) وَمِنْهُ حَبْسُ دَوَابِّهِ حَبْسًا يُؤَدِّي إلَى التَّلَفِ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ عَزْلُهُ مِنْ مَنْصِبِهِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَحِقَّ وِلَايَتُهُ لِأَنَّ عَزْلَهُ لَيْسَ ظُلْمًا بَلْ مَطْلُوبٌ شَرْعًا، بِخِلَافِ مُتَوَلِّيهِ بِحَقٍّ فَيَنْبَغِي أَنَّ التَّهْدِيدَ بِعَزْلِهِ مِنْهُ كَالتَّهْدِيدِ بِإِتْلَافِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا رَحِمٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الصَّدِيقُ وَالْخَادِمُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي) أَيْ وَأَمَّا صُورَةُ الْكُفْرِ فَلَيْسَ إكْرَاهًا لِأَنَّهُ يَكْفُرُ حَالًا بِقَوْلِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْ) أَيْ التَّوْرِيَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْكُفْرِ) وَهَلْ يُلْحَقُ بِالْكُفْرِ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَعَاصِي حَتَّى لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى امْرَأَةٍ يَزْنِي بِهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ جُرْحٍ) بِالرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ مَعْمُولٌ لِلْإِلْحَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>