عَلَى نَفْسِهَا بِالزِّنَا (وَقَاذِفَةٌ) لَهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ لَفْظِهَا وَيَسْقُطُ بِإِقْرَارِهَا حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ قَوْلُهَا لِزَوْجِهَا يَا زَانِي فَقَالَ زَنَيْت بِك أَوْ أَنْتِ أَزَنَى مِنِّي فَهِيَ قَاذِفَةٌ صَرِيحًا وَهُوَ كَانَ أَوْ زَنَيْت وَأَنْتِ أَزَنَى مِنِّي فَمُقِرٌّ وَقَاذِفٌ، وَيَجْرِي نَحْوُ ذَلِكَ فِي أَجْنَبِيٍّ وَأَجْنَبِيَّةٍ فَتَكُونُ كَالزَّوْجَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ ابْتِدَاءً أَنْت أَزَنَى مِنِّي أَوْ مِنْ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا إلَّا بِالْإِرَادَةِ وَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِهِ لِأَنَّ النَّاسَ فِي تَشَاتُمِهِمْ لَا يَتَقَيَّدُونَ بِالْوَضْعِ الْأَصْلِيِّ عَلَى أَنَّ أَفْعَلَ قَدْ يَجِيئُ لِغَيْرِ الِاشْتِرَاكِ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا تَقَرَّرَ بَيْنَ عِلْمِ الْمُخَاطِبِ حَالَةَ قَوْلِهِ ذَلِكَ أَنَّ الْمُخَاطَبَ زَوْجٌ أَوْ غَيْرُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِلْجُوَيْنِيِّ، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ ابْتِدَاءً فُلَانٌ زَانٍ وَأَنْت أَزَنَى مِنْهُ أَوْ فِي النَّاسِ زُنَاةٌ وَأَنْت أَزَنَى مِنْهُمْ فَصَرِيحٌ لَا إنْ قَالَتْ النَّاسُ زُنَاةٌ أَوْ أَهْلُ مِصْرَ مَثَلًا زُنَاةٌ وَأَنْت أَزَنَى مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا لِتَحَقُّقِ كَذِبِهَا إلَّا إنْ نَوَتْ مَنْ زَنَى مِنْهُمْ فَيَكُونُ قَذْفًا.
(وَقَوْلُهُ) لِغَيْرِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ (زَنَى فَرْجُك أَوْ ذَكَرُك) أَوْ دُبُرُك وَلِخُنْثَى زَنَى ذَكَرُك وَفَرْجُك، بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ (قَذْفٌ) لِذِكْرِهِ آلَةَ الْوَطْءِ أَوْ مَحَلَّهُ وَكَذَا زَنَيْت فِي قُبُلِك لِامْرَأَةٍ لَا رَجُلٍ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ لِأَنَّ زِنَاهُ بِقُبُلِهِ لَا فِيهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا زَنَيْت بِقُبُلِك كَانَ كِنَايَةً، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ زِنَاهَا قَدْ يَكُونُ بِقُبُلِهَا بِأَنْ تَكُونَ هِيَ الْفَاعِلَةُ لِطُلُوعِهَا عَلَيْهِ.
(وَالْمَذْهَبُ أَنَّ) (قَوْلَهُ) زَنَى (يَدُك أَوْ عَيْنُك) أَوْ رِجْلُك (وَلِوَلَدِهِ) أَيْ كُلِّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ وَإِنْ سَفَلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (لَسْت مِنِّي أَوْ لَسْت ابْنِي) (كِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِهِ وَفِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ إطْلَاقُ الزِّنَا عَنْ نَظَرِ الْعَيْنِ وَنَحْوِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ زَنَتْ يَدِي لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالزِّنَا قَطْعًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْقَطْعِ وَحِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي زَنَتْ يَدُك صِحَّةُ قَوْلِ الْقَمُولِيِّ لَوْ قَالَ زَنَى بَدَنُك فَصَرِيحٌ أَوْ زَنَى بَدَنِي لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالزِّنَا اهـ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لِحَدِّ الزِّنَا لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى مَا لَا يُحْتَاطُ لِحَدِّ الْقَذْفِ لِكَوْنِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ وَمِنْ ثَمَّ سَقَطَ بِالرُّجُوعِ ذَاكَ فَانْدَفَعَ تَنْظِيرُ مَنْ نَظَرَ فِي كَلَامِ الْقَمُولِيِّ، وَقِيلَ فِيهَا وَجْهَانِ أَوْ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ إلْحَاقًا بِالْفَرْجِ
(وَ) أَنَّ قَوْلَهُ (لِوَلَدِ غَيْرِهِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ) (صَرِيحٌ) فِي قَذْفِ أُمِّهِ وَفَارَقَ الْأَبَ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى زَجْرِ وَلَدِهِ وَتَأْدِيبِهِ بِنَحْوِ ذَلِكَ فَقَرُبَ احْتِمَالُ كَلَامِهِ لَهُ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَكَأَنَّ وَجْهَ جَعْلِهِمْ لَهُ صَرِيحًا فِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الشَّارِحُ مِنْ إثْبَاتِهَا فَقَدْ يُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ حَيْثُ عَلَّلَ كَوْنَ الْأَوَّلِ كِنَايَةً بِقَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ قَوْلِهَا زَنَيْت بِك أَنَّهَا لَمْ تَفْعَلْ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي هَذِهِ أَيْضًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ حَذْفَ بِك وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: قَدْ يَجِيئُ لِغَيْرِ الِاشْتِرَاكِ) أَيْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً لِقَوْلِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِإِخْوَتِهِ {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} [يوسف: ٧٧] .
(قَوْلُهُ: وَكَذَا زَنَيْت فِي قُبُلِك لِامْرَأَةٍ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ زَنَيْت فِي دُبُرِك كَانَ قَذْفًا، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ زَنَيْت بِدُبُرِك كَانَ كِنَايَةً إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ كَانَ كِنَايَةً) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ: أَيْ فَيَكُونَ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَجْرِي نَحْوُ ذَلِكَ فِي أَجْنَبِيٍّ وَأَجْنَبِيَّةٍ فَتَكُونُ كَالزَّوْجَةِ وَجْهُهُ) فِي أَنْتِ أَزْنَى مِنِّي فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ احْتِمَالُ أَنْتِ أَهْدَى لِلزِّنَا مِنِّي كَمَا وَجَّهَهُ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْجُوَيْنِيِّ) عِبَارَةُ الْجُوَيْنِيِّ إذَا قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا حِينَ قَذَفَهَا لِكَوْنِهَا مُنْتَقِبَةً بِخِمَارٍ أَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي ظُلْمَةٍ ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَذْفٍ وَلَا لِعَانٍ، إلَى أَنْ قَالَ: وَإِنَّمَا فَصَلْنَا بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَسَائِرِ مَسَائِلِ الْقَذْفِ لِأَنَّهُ إذَا عُرِفَ مَنْ يَقْذِفُ فَظَاهِرُ الْقَذْفِ أَنَّهُ إخْبَارٌ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ تَصْدِيقِ ذَلِكَ الْخَبَرِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ اللِّعَانُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ الْمَقْذُوفَةَ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ أَحْوَالِهَا وَارْتِكَابِهَا الزِّنَا إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ
(قَوْلُهُ: أَيْ كُلُّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ) لَعَلَّهُ مِنْ خُصُوصِ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالزِّنَا قَطْعًا) أَيْ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَكُونُ بِالْكِنَايَاتِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: فِيهَا وَجْهَانِ) يَعْنِي:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute