قَذْفِ أُمِّهِ مَعَ احْتِمَالِ لَفْظِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةِ نُدْرَةُ وَطْءِ الشُّبْهَة فَلَمْ يُحْمَلْ اللَّفْظُ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ زِنًا، وَبِهَذَا يَقْرُبُ مِمَّا أَفْهَمُهُ إطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِذَلِكَ لَا يُقْبَلُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ قَوْلُهُ لِقُرَشِيٍّ مَثَلًا لَسْت مِنْ قُرَيْشٍ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا قَالَاهُ وَإِنْ نُوزِعَا فِيهِ (إلَّا) إذَا قَالَ ذَلِكَ (لِمَنْفِيٍّ) نَسَبُهُ (بِلِعَانٍ) فِي حَالِ انْتِفَائِهِ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي قَذْفِ أُمِّهِ لِاحْتِمَالِ إرَادَتِهِ لَسْت ابْنَ الْمُلَاعِنِ شَرْعًا بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ فَيُسْتَفْسَرُ، فَإِنْ أَرَادَ الْقَذْفَ حُدَّ وَإِلَّا حَلَفَ وَعُزِّرَ لِلْإِيذَاءِ، أَمَّا إذَا قَالَهُ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ فَيَكُونُ صَرِيحًا فِي قَذْفِهَا مَا لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ أَرَادَ لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ حَالَ النَّفْيِ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ يُعَزَّرُ.
(وَيُحَدُّ قَاذِفُ مُحْصَنٍ) لِآيَةِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] (وَيُعَزَّرُ غَيْرُهُ) أَيْ قَاذِفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ لِلْإِيذَاءِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الزَّوْجُ وَغَيْرُهُ مَا لَمْ يَدْفَعْهُ الزَّوْجُ بِلِعَانِهِ كَمَا يَأْتِي (وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ) أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ (حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ) وَعَنْ وَطْءِ دُبُرِ حَلِيلَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ بِهِ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ الْمَشْرُوطَ فِي الْآيَةِ الْكَمَالُ وَأَضْدَادُ مَا ذُكِرَ نَقْصٌ، وَجُعِلَ الْكَافِرُ مُحْصَنًا فِي حَدِّ الزِّنَا لِأَنَّهُ إهَانَةٌ لَهُ، وَلَا يُرَدُّ قَذْفُ مُرْتَدٍّ وَمَجْنُونٍ وَقِنٍّ بِزِنًا أَضَافَهُ إلَى حَالِ إسْلَامِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ أَوْ حُرِّيَّتِهِ بِأَنْ أَسْلَمَ ثُمَّ اخْتَارَ الْإِمَامُ رِقَّهُ لِأَنَّ سَبَبَ حَدِّهِ إضَافَتُهُ إلَى حَالَةِ الْكَمَالِ.
(وَتَبْطُلُ) (الْعِفَّةُ) الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْإِحْصَانِ (بِوَطْءٍ مُحَرَّمٍ) بِنَسَبٍ أَوْ رِضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (مَمْلُوكَةٍ) لَهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ بِهِ لِأَنَّهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ عَلَى الثَّانِي لِعَدَمِ الْتِحَاقِهِ بِالزِّنَا (لَا) بِوَطْءِ (زَوْجَةٍ) أَوْ أَمَةٍ (فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ) أَوْ فِي نَحْوِ إحْرَامٍ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِعَارِضٍ يَزُولُ (وَ) لَا بِوَطْءِ (أَمَةِ وَلَدِهِ) وَلَا بِوَطْءِ (مَنْكُوحَتِهِ) أَيْ الْوَاطِئِ (بِلَا وَلِيٍّ) أَوْ بِلَا شُهُودٍ وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ الْقَائِلَ بِحِلِّهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ فِيهِمَا. وَمُقَابِلُهُ تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ فِيهِ، وَاسْتِثْنَاءُ الْأَذْرَعِيِّ بَحْثَا مَوْطُوءَةِ الِابْنِ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ لِحُرْمَتِهِمَا عَلَى أَبِيهِ أَبَدًا مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ.
(وَلَوْ) (زَنَى مَقْذُوفٌ) قَبْلَ حَدِّ قَاذِفِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بَلْ وَلَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْحَدِّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (سَقَطَ الْحَدُّ) عَنْ قَاذِفِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ الزِّنَا لِأَنَّ زِنَاهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ مِثْلِهِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُهْتَكُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ كَمَا قَالَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَرِعَايَتُهَا هُنَا لَا يَلْحَقُ بِهَا مَا لَوْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ ثُمَّ زَنَى فَوْرًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَرْقًا لَهَا.
(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ خُلُقًا أَوْ خَلْقًا عَدَمُ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ، وَالْقِيَاسُ قَبُولُهُ لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ وَلِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: لَسْت مِنْ قُرَيْشٍ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ لِشَخْصٍ مَشْهُورٍ بِالنَّسَبِ إلَى طَائِفَةٍ لَسْت مِنْهَا وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ أَيْضًا لَسْت مِنْ فُلَانٍ فَيَكُونُ كِنَايَةً (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ يُعَزَّرُ) مُعْتَمَدٌ زَادَ حَجّ ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا بِهِ.
(قَوْلُهُ وَالْمُحْصَنُ) أَيْ هُنَا لَا فِي بَابِ الرَّجْمِ (قَوْلُهُ: عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ يَأْتِي الْبَهَائِمَ مُحْصَنٌ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهِ بَلْ يُعَزَّرُ فَقَطْ فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ لِإِحْصَانِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَسْلَمَ) أَيْ قَبْلَ ضَرْبِ الرِّقِّ (قَوْلُهُ: إلَى حَالَةِ الْكَمَالِ) أَيْ وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ كَافِرًا وَأَسْلَمَ ثُمَّ أُرِّقَ كَانَ مُسْلِمًا حُرًّا فَقَذْفُهُ لَهُ حَالَةَ الْكَمَالِ.
(قَوْلُهُ مَمْلُوكَةٍ) وَبِوَطْءِ دُبُرِ حَلِيلَةٍ لَهُ غَايَةٌ اهـ مَنْهَجٌ (قَوْلُهُ: لِدَلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ إتْيَانُ الْبَهَائِمِ بَطَلَتْ عِفَّتُهُ، ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ) أَيْ فَلَا يَزُولُ إحْصَانُهُ بِوَطْئِهِمَا.
(قَوْلُهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَرِعَايَتُهَا) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي مَسْأَلَةِ الْأَعْضَاءِ، وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِ مَا بَعْدَهَا، وَتَكَفَّلَ بِهِ غَيْرُهُ كَالْجَلَالِ، وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إيهَامٌ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ) لَعَلَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَإِلَّا فَالْمُقَابِلُ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَقُولَ بِسُقُوطِ الْعِفَّةِ فِيمَا إذَا قَلَّدَ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ الزِّنَا) يَعْنِي: سَقَطَ حَدُّ مَنْ قَذَفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ الزِّنَا وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَهُ بَعْدَ هَذَا الزِّنَا.