للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نَفَقَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَيُجْبِرُ) السَّيِّدُ إنْ شَاءَ (أَمَتَهُ) وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ (عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْهُ أَمْ مَمْلُوكًا لَهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا أَوْ حُرًّا؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ مِنْهَا، وَلَوْ طَلَبَتْ إرْضَاعَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيقًا بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا إلَّا عِنْدَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ، وَوَضْعُ الْوَلَدِ عِنْدَ غَيْرِهَا إلَى فَرَاغِ اسْتِمْتَاعِهِ، وَإِلَّا إذَا كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ غَيْرِ اللِّبَأِ الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ وَيَسْتَرْضِعُهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ إرْضَاعَهُ عَلَى وَالِدِهِ أَوْ مَالِكِهِ، نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرُّوهُ، وَلَهُ طَلَبُ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ مِنْ أَبِي وَلَدِهَا الْحُرِّ وَمِنْ سَيِّدِ وَلَدِهَا الرَّقِيقِ، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّبَرُّعُ بِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ التَّبَرُّعُ بِهِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ (وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ وَلَدِهَا (إنْ فَضَلَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ رَيِّهِ إمَّا لِغَزَارَةِ لَبَنِهَا أَوْ لِقِلَّةِ شُرْبِهِ أَوْ لِاغْتِنَائِهِ بِغَيْرِ اللَّبَنِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ أَوْ مَوْتِهِ لِمَا مَرَّ كَمَا لَهُ تَكْلِيفُهَا غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ الْأَعْمَالِ الَّتِي تُطِيقُهَا.

أَمَّا إذَا لَمْ يَفْضُلْ عَنْ رَيِّهِ فَلَا يُجْبِرُهَا عَلَى إرْضَاعِ غَيْرِهِ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: ٢٣٣] وَلِأَنَّ طَعَامَهُ اللَّبَنُ فَلَا يُنْقَصُ عَنْهُ كَالْقُوتِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا مِنْ السَّيِّدِ أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ إرْضَاعِهِ وَيَسْتَرْضِعَهَا غَيْرَهُ (وَ) عَلَى (فَطْمِهِ قَبْلَ حَوْلَيْنِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) بِأَنْ اجْتَزَأَ بِغَيْرِ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ بِهَا وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ (وَ) عَلَى (إرْضَاعِهِ بَعْدَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّهَا) وَلَا ضَرَّهُ الْإِرْضَاعُ، وَاقْتُصِرَ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ عَلَى الْأَغْلَبِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا زِدْنَاهُ سَوَاءٌ أَكَفَاهُ غَيْرُ اللَّبَنِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ لَهَا اسْتِقْلَالٌ بِإِرْضَاعٍ وَلَا فِطَامٍ؛ إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي التَّرْبِيَةِ (وَلِلْحُرَّةِ حَقٌّ فِي التَّرْبِيَةِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ الْحُرَّيْنِ، وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ عِنْدَ فَقْدِهِمَا بِهِمَا فِي ذَلِكَ (فَطْمُهُ قَبْلَ حَوْلَيْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا تَمَامُ مُدَّةِ الرَّضَاعِ، فَإِنْ تَنَازَعَا أُجِيبَ الدَّاعِي إلَى إكْمَالِ الْحَوْلَيْنِ، إلَّا إذَا كَانَ الْفِطَامُ قَبْلَهُمَا أَصْلَحَ لِلْوَلَدِ فَيُجَابُ طَالِبُهُ كَفَطْمِهِ عِنْدَ حَمْلِ الْأُمِّ أَوْ مَرَضِهَا وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا.

وَكَلَامُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَهُمَا) ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ} [البقرة: ٢٣٣] أَيْ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ أَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ الْوَلَدَ أَوْ لَا {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: ٢٣٣] (وَلِأَحَدِهِمَا) فَطْمُهُ (بَعْدَ حَوْلَيْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ بِأَنْ اجْتَزَأَ بِالطَّعَامِ وَكَانَ فِي فَصْلٍ مُعْتَدِلٍ لِمَا مَرَّ (وَلَهُمَا الزِّيَادَةُ) عَلَى الْحَوْلَيْنِ لِمَا مَرَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ السَّيِّدُ تَزْوِيجَهَا، وَمَا تَقَدَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى خِلَافِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ فِيمَنْ حَضَرَ مَوْلَاهَا. أَمَّا مَنْ غَابَ عَنْهَا مَوْلَاهَا، وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَالٌ وَلَا لَهَا كَسْبٌ فَتُزَوَّجُ، وَحَيْثُ فُرِضَ ذَلِكَ كَانَ التَّزْوِيجُ بِغَيْرِ رِضَا السَّيِّدِ وَمَعْرِفَتِهِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) أَيْ الْإِجَارَةُ وَالتَّزْوِيجُ (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَجْبَرَ (قَوْلُهُ وَوَضْعُ الْوَلَدِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْوَلَدِ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَمْلُوكًا) أَيْ كَأَنْ أَوْصَى بِهِ

(قَوْلُهُ: فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ غَيْرَ اللِّبَأِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَجَّانًا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ التَّبَرُّعُ بِهِ) أَيْ الْإِرْضَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَرَرَ) مِنْ جُمْلَةِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ وَاقْتُصِرَ فِي كُلٍّ) قَدْ يَتَقَابَلُ الضَّرَرَانِ إنْ كَانَ فَطْمُهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ يَضُرُّهُ وَإِرْضَاعُهُ حِينَئِذٍ يَضُرُّهَا فَحَرِّرْ حُكْمَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: وَلَعَلَّ حُكْمَهُ أَنَّ الْأَبَ يَجِبُ عَلَيْهِ إرْضَاعُهُ لِغَيْرِهَا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَى الْأُمِّ بَلْ يُفْطَمُ، وَإِنْ لَحِقَهُ الضَّرَرُ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا زِدْنَاهُ) أَيْ فِي إرْضَاعِهِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا ضَرَّهُ الْإِرْضَاعُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهَا اسْتِقْلَالٌ بِإِرْضَاعٍ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْهُ أَمْ مَمْلُوكًا لَهُ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِزِنًا أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) أَيْ أَوْ يَضُرَّهُمَا كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْهُ مِنْ الشَّارِحِ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَاقْتَصَرَ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>